الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"نعمْ، ولنْ تَجزيَ عن أحدٍ بعدَك".
6 - باب الخروجِ إِلى المصلّى بغيرِ مِنبرٍ
491 -
عن أبي سعيد الخُدْريِّ قال: كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يخرُجُ يومَ الفِطر والأضحى إِلى المُصلّى (5)، فأَولُ شيءٍ يَبدأُ به الصلاةُ، ثم يَنصرفُ، فيقومُ مقابلَ الناسِ، والناسُ جلوسٌ على صفوفِهمْ، فيَعِظُهم، ويُوصِيهم، ويأمرُهم، فإِن كانَ يريدُ أن يَقطعَ بعثاً قطعَه، أو يأمرَ بشيءٍ أَمرَ به، ثم يَنصرفُ.
قال أبو سعيدٍ: فلَم يزلِ الناسُ على ذلكَ حتى خَرَجْتُ مَعَ مروانَ وهو أميرُ المدينة، في أَضحَى أو فِطرٍ، فلما أَتيْنا المصَلى إِذا مِنبرٌ بناهُ كَثيرُ بنُ الصَّلْتِ، فإِذا مروانُ يريدُ أنْ يرتقيَه قبْلَ أن يصَليَ، فجبَذْتُ بثوْبهِ، فجبذَني، فارتفَعَ، فخَطبَ قبْلَ الصلاةِ، فقلتُ لهُ: غيَّرتُمْ والله، فقالَ: أبا سعيدٍ! قد ذهبَ ما تَعلَمُ، فقلتُ: ما أَعلمُ والله خيرٌ مما لا أعلمُ، فقالَ: إِنَّ الناسَ لم يكُونوا يَجلِسونَ لنا بعدَ الصلاةِ، فجعلتُها قبْلَ الصلاةِ.
7 - باب المشيِ والركوبِ إِلى العيدِ والصلاةِ قبلَ الخطبةِ وبغير أَذانٍ ولا إِقامةٍ
492 -
عن عطاءٍ أنَّ ابنَ عباسٍ أَرسَلَ إِلى ابنِ الزبيرِ في أولِ ما بُويع له: إِنه
لم يكن يؤذَّنُ بالصلاةِ يومَ الفِطرِ (6)، وإنما الخطبةُ بعدَ الصلاةِ.
(5) موضع بالمدينة معروف، بينه وبين باب المسجد ألف ذراع؛ كما نقله الحافظ عن الكناني صاحب مالك.
(6)
قلت: زاد عبد الرزاق في "المصنف"(3/ 77/ 5628) من الوجه الذي أخرجه المصنف: "فلا تؤذِّن =
493 -
عن ابن عباسٍ وجابرِ بنِ عبدِ الله قالا: لم يكن يؤذَّنُ يومَ الفِطرِ، ولا يومَ الأضحى (7).
494 -
وعن جابرِ بنِ عبدِ الله قالَ: إن النبي صلى الله عليه وسلم قامَ (وفي روايةٍ: خرج يوم الفطر) فَبَدأَ بالصلاةِ، ثم خطَبَ الناسَ بَعدُ، فلمَّا فرَغ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، نَزَلَ (8)، فأتى النساءَ، فذكَّرَهنَّ، وهو يَتوكَّأُ على يدِ بِلالٍ، وبلالٌ باسطٌ ثوبَهُ، يُلقي فيه النساءُ صدقةً، قالَ: قلتُ لعطاء: [زكاةَ يومِ الفطر؟ قال: لا، ولكن صدقةً يتصدقن حينئذٍ، تُلقي فَتَخَها ويُلقِينَ، قلت: 2/ 9] أَتَرى حقًا على الإمامِ الآنَ أنْ يأتيَ النساءَ فيذكِّرَهنَّ حين يفرُغُ؟ قالَ: إنَّ ذلك لَحقٌّ عليهِم، وما لهم أنْ لا يفعَلوا؟!
= لها، قال: فلم يؤذن لها ابن الزبير يومئذ. وأرسل إليه مع ذلك: إنما الخطبة بعد الصلاة، وإن ذلك قد كان يفعل، قال: فصلى ابن الزبير قبل الخطبة، فسأله ابن صفوان وأصحاب له، قالوا: هلا آذنتنا؟ - فاتتهم الصلاة يَوْمَئِذٍ.
فلما ساء الذي بينه وبين ابن عباس؛ لم يعد ابن الزبير لأمر ابن عباس".
قلت: وظاهر قول ابن عباس لابن الزبير: "فلا تؤذن لها" أن ابن الزبير كان يؤذن، فلذلك نهاه عنه، ويؤيده قول عطاء في آخره:"فلما ساء .. لم يعد ابن الزبير لأمر ابن عباس". وأقوى منه أن ابن صفوان وأصحابه فاتتهم الصلاة، وما ذلك- والله أعلم- إلا لأنهم لم يسمعوا الأذان الذي كانوا من قبل يسمعونه.
وقد اختُلف في أول من أحدث الأذان للعيد، فقيل إنه معاوية، وقد صح عنه أنه فعل ذلك، وقيل، وقيل. وروى ابن المنذر عن أبي قلابة قال: أول من أحدثه عبد الله بن الزبير.
قلت: فإن صح هذا عن ابن الزبير، فيكون هو أول من أحدثه في الحجاز، ومعاوية أول من أحدثه في الشام. والله أعلم. وفي ذلك عبرة بالغة للمعتبر، وأنه إذا ثبتت السنة، فلا تقليد لمن خالفها ولو كان صحابياً، فهذا معاوية وابن الزبير رضي الله عنهما قد أحدثا ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الأذان، ومنه صلاة ابن الزبير صلاة الكسوف مثل صلاة الصبح، فقال أخوه عروة لما سئل عن ذلك: أخطأ السنة. كما سيأتي في "16 - الكسوف/4 - باب"، ومنه استلامه لأركان البيت الأربعة، والسنة استلام الركنين اليمانيين فقط، كما سيأتي في "25 - الحج/ 59 - باب".
(7)
قلت: حديث ابن عباس يأتي قريباً برقم (498)، لهذا لم أعطه رقماً هنا.
(8)
قلت: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في العيد على المنبر، كما أفاده حديث أبي سعيد المتقدم آنفاً، فلعله كان على مكان مرتفع فنزل منه. والله أعلم.