الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
89 - باب المساجدِ التي على طرقِ المدينة والمواضعِ التي صلَّى فيها النبيُّ صلى الله عليه وسلم
-
256 -
عن موسى بن عُقبةَ قالَ: رأيتُ سالمَ بنَ عبدِ اللهِ يتَحرَّى أماكن منَ الطريق، فيصَلي فيها، ويحدِّثُ أنَّ أباهُ كانَ يصَلي فيها، وأنه رأى النبيّ صلى الله عليه وسلم يصَلي في تلك الأَمكنةِ.
وحدَّثَني نافعٌ عنِ ابنِ عمُرَ رضي الله عنهما أنه كانَ يصَلي في تلكَ الأَمكنةِ.
وسألتُ سالماً فلا أَعْلَمُهُ إلا وافَقَ نافعاً في الأَمكنةِ كلها، إلا أنهما اختلفا في مسجد بشرف الروحاءِ.
257 -
عن نافع أنَّ عبدَ اللهِ أخبرَه:
أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم كانَ يَنزلُ بذِي الحُلَيْفةِ حينَ يعتمِرُ، وفي حَجَّتِه حينَ حَجَّ، تحت سَمُرَةٍ (44)، في موْضع المسجدِ الذي بذِي الحُلَيفةِ، وكانَ إذا رجَعَ من غَزوٍ كانَ في تلك الطريقِ، أو في حجٍّ أوْ عُمْرةٍ؛ هبَطَ من بطْنِ وادٍ (45)، فإذا ظهَرَ من بطْن وادٍ، أَناخَ بالبَطحاءِ التي على شَفِيرِ الوادي الشرقيَّةِ، فعرَّسَ ثَمَّ حتى يُصْبحَ، ليسَ عندَ المسجدِ الذي بحجارةٍ، ولا على الأَكَمَةِ (46) التي عليها المسجدُ، كانَ ثَم خليجٌ (47) يصَلي عبدُ اللهِ عنده، في بطْنهِ كُثُبٌ كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَم يصلي، فدَحا (48) السيلُ فيه بالبَطْحاءِ حتى دفَنَ ذلكَ المكانَ الذي كان عبد اللهِ يصَلي فيه.
(44) أي: شجرة ذات شوك، وهي التي تعرف بأم غيلان.
(45)
أي وادي العقيق. (فعرّس) التعريس: نزول استراحة لغير إقامة، وأكثر ما يكون في آخر الليل.
(46)
هو الموضع المرتفع على ما حوله.
(47)
وادٍ له عمق، (كثب) جمع كثيب، وهو رمل مجتمع.
(48)
أي: جَمَعَ.
258 -
وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى حيثُ المسجدُ الصغيرُ الذي دُونَ المسجدِ الذي بشرَف الرَّوحاءِ (49)، وقد كانَ عبدُ الله يَعلَمُ المكانَ الذي كانَ يصَلي فيه النبيُّ صلى الله عليه وسلم، يقولُ: ثَم عن يمينِكَ حينَ تقومُ في المسجد تصلي، وذلك المسجد على حافَّة الطريق اليمنى، وأنت ذاهب إلى مكة، بينه وبين المسجد الأكبر رمية بحجرٍ، أو نحو ذلك.
259 -
وأنَّ ابن عمر كان يصلي إلى العِرْق (50) الذي عند منصَرف الرَّوحاء، وذلك العرق انتهاء طرفه على حافة الطريق دون المسجدِ الذي بينَه وبينَ المنصرف، وأنتَ ذاهبٌ إلى مكة، وقد ابتُني ثَم مسجدٌ، فلم يكنْ عبد اللهِ يصلي في ذلك المسجد، كان يتركه عن يساره ووراءه، ويصلي أمامه إلى العرق نفسه، وكان عبدُ اللهِ يروح من الروحاء، فلا يصلي الظُّهرَ حتى يأتي ذلك المكان؛ فيصلي فيه الظهر.
وإذا أقبل من مكة؛ فإنْ مرَّ به قبْلَ الصُّبح بساعةٍ أو من آخر السحرِ عرَّس حتى يصليَ بها الصُّبحَ.
260 -
وعنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان ينزلُ تحت سرحةٍ ضخمةٍ (51) دونَ الرُّويْثةِ، عن يمين الطريق، وَوُجاهَ الطريق، في مكان بطحٍ سهلٍ، حتى يُفْضِيَ منْ أَكَمَةٍ دُوَيْنَ بريدِ الرُّوَيْثةِ بمِيلين، وقد انكسر أعلاها فانثنى في جوفها، وهي قائمةٌ على ساقٍ، وفي سَاقِها كُثُبٌ كثيرةٌ
(49) قرية جامعة على ليلتين من المدينة.
(50)
أي: عرق الظبية، وهو واد معروف. (منصرف الروحاء) أي: آخرها.
(51)
أي: شجرة عظيمة. (الرويثة): قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر فرسخاً. (وجاه الطريق): مقابله.
261 -
وعنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في طرَفِ تَلْعَةٍ (52) من وراءِ العَرْجِ، وأنتَ ذاهبٌ إلى هضبة، عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثةٌ، على القبور رضمٌ من حجارةٍ، عنْ يمين الطريق عند سَلِماتِ الطريق بينَ أولئكَ السَّلِماتِ كان عبد اللهِ يروح من العرج (53) بعد أن تميل الشمس بالهاجرةِ؛ فَيُصَلّي الظهْرَ في ذلكَ المسجدِ.
262 -
وأنّ عبدَ اللهِ بنَ عُمرَ حدَّثَه أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نزَلَ عندَ سَرَحاتٍ عن يسارِ الطريقِ في مَسيلٍ دُونَ هَرْشَى (54)، ذلك المَسيلُ لاصقٌ بكُرَاعِ هَرْشَى بينَه وبينَ الطريقِ قريبٌ من غَلْوةٍ، وكانَ عبدُ اللهِ يصَلي إلى سَرْحةٍ هيَ أقرَب السَّرَحاتِ إلى الطريقِ، وهيَ أطوَلُهنَّ.
263 -
وعنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ ينزلُ في المَسيلِ الذي في أَدْنَى مَرِّ الظَّهْرانِ (55) قِبَلَ المدينةِ، حينَ يَهبطُ منَ الصَّفْراواتِ، يَنزلُ في بطنِ ذلكَ المَسيلِ عن يسَارِ الطريقِ، وأنتَ ذاهبٌ إلى مكَّةَ، ليسَ بيْنَ مَنزلِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وبيْنَ الطريقِ إلا رَميَةٌ بحجَرٍ.
264 -
وعنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَنزلُ بذِي طُوىً (56)، ويَبيتُ حتى يُصْبحَ
(52) هي مسيل الماء من فوق إلى أسفل، ويقال أيضاً لما ارتفع من الأرض، ولما انهبط.
(53)
قرية جامعة بينها وبين الرويثة عشرة أو أربعة عشر ميلاً.
(54)
جبل على ملتقى طريق المدينة والشام قريب من الجحفة. (بكراع هرشى) أي: طرفها. (غلوة) هي غاية بلوغ السهم. وقيل: قدر ثلثي ميل.
(55)
هو الوادي الذي تسميه العامة بطن مرو، بينه وبين مكة ستة عشر ميلاً. (الصفراوات): جمع صفراء، مكان بعد (مر الظهران).
(56)
موضع بعد باب مكة يستحب لمن دخل مكة أن يغتسل به، وسيأتي حديث ابن عمر في الاغتسال في "25 - الحج/38 - باب".
يصَلي الصبْحَ، حينَ يَقدَمُ مكَّةَ، ومصَلَّى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذلكَ على أَكَمَةٍ غليظةٍ، ليسَ في المسجدِ الذي بُنيَ ثَمَّ، ولكِنْ أسفَلَ من ذلكَ على أَكَمةٍ غليظةٍ.
265 -
وعنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم استقبَلَ فُرْضَتَيِ (57) الجبلِ الذي بيْنَه وبينَ الجبلِ الطويلِ نحوَ الكعبة، فجعَل المسجدَ الذي بُنيَ ثَم يسارَ المسجدِ بطرَفِ الأَكَمةِ، ومصلَّى النبيِّ صلى الله عليه وسلم أسفَلَ منه على الأَكَمةِ السوداءِ، تدَعُ منَ الأَكَمةِ عشَرةَ أذرُعٍ أو نحوَها ثم تصَلي مستقبِلَ الفُرْضَتَين منَ الجبلِ الذي بينَك وبينَ الكعبةِ (58).
(57) الفُرضة بضم الفاء وسكون الراء: مدخل الطريق إلى الجبل.
(58)
قال الحافظ: هذه المساجد لا يعرف اليوم منها غير مسجد ذي الحليفة، والمساجد التي بالروحاء، يعرفها أهل تلك الناحية.
قلت: وتتبعها من أجل الصلاة فيها مما نهى عنه عمر، خلافاً لصنيع ابنه، وهو أعلم منه قطعاً، فقد ثبت أنه رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان، فسأل عن ذلك؟ فقالوا: قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من عرضت له الصلاة فليصل، وما لا فَلْيَمْضِ، فإنما هلك أهل الكتاب لأنهم تتبعوا آثار أنبيائهم، فاتخذوها كنائس وبيعاً.
قلت: وهذا من علمه وفقهه رضي الله عنه. وتجد تخريج هذا الأثر مع بيان حكم تتبع آثار الأنبياء والصالحين في فتوايَ المطبوعة في آخر كتاب "جزيرة فيلكا وخرافة أثر الخضر فيها" للأستاذ أحمد بن عبد العزيز الحصين/ نشر الدار السلفية في الكويت (ص 43 - 57)، فلتراجع فإنها هامة.