الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ملك جلّ قدسه عن مثال
…
وتعالت آلاؤها عن قياس
يا لها بيعة أجدت من الإسلا
…
م بالي رسومه الأدراس
ولي الله أمرها فله المنّ
…
ة فيها عليه لا للناس
ثم أخذ أمره بالحزم، إلا أنه كان له اختلاط بالعوام، لبس الفتوة من عبد الجبار مقدم الفتيان، وله رفاق، كان متدينا صالحا، وبنى له صومعة بباب كلواذى «1» ، ومضى قاصدا الحج، فدرج «2» ، ودفن في المعلّا «3» ، ورمى الناصر البندق وخالط قدماه، ووضع في أيامه: المقترح «4» في تشريع الرمي والرماة، وكان الناصر بصيرا بالأدب، له اليد الطولى إن نظم أو كتب، كتب إليه سعد الدين بن شبيب صاحب المخزن، يذكر حال مجد الدين ابن الصاحب، قبل أن ينقم عليه، وقال: إنه صبي يجهل الأمور لعدم خبرته بها، والدول تحتاج إلى الشيخ الحول القلب وما يناسب هذا المعنى، فوقع الناصر عليها:
[المديد]
كم بذي الدوح أثلة من قضيب
ثم أوقع بعد ذلك بابن الصاحب، ثم استوزر جلال الدين بن يونس، وخلع عليه، ومشت القضاة وأرباب الدولة في خدمته، وكتب إليه...... «5»
الأنصاري: إن المملوك قديما ولي أمير المؤمنين، وقد تاب على يد ابن الجوزي، وترك الخدمة، فوقع عليها:(ما يصلح للمولى على العبد حرام) وكتب إليه رجل يسأل المساواة بابن ساوا، فوقع عليه:(ابن ساوا لا يساوى) ، ثم إنه نقم عليه، وقتله شر قتلة، وكتب إليه عن السلطان [ص 193] صلاح الدين:
[المديد]
الفتى في لظى فإن أحرقتني
…
فتيقن أن لست بالياقوت
كل من جاءك يدّعي النسج لكن
…
ليس داود فيه كالعنكبوت
فكتب جوابه:
[المديد]
نسج داود لم يفد صاحب الغا
…
ر وكان الفخار للعنكبوت
وبقاء السمند في حومة النا
…
ر مزيل فضيلة الياقوت «1»
واستبصر في بعض أوقاته بمن أجابه إلى موعد أخلفه في ميقاته، فكتب إليه بيتي أسامة بن منقذ:
[الكامل]
ومماذق رجع النداء جوابه
…
فاذا عرا خطب فأقعد من دعي «2»
مثل الصدى يخفى عليّ مكانه
…
أبدا ويملأ بالإجابة مسمعي
وقد ذكره ابن واصل قال: كان الناصر عظيم الهيبة، عالي الهمّة، وافر العقل، حسن السياسة، متيقظا لا يفوته أمر مما يجري في بلاده وغيرها من بلاد الإسلام، وكان له أصحاب أخبار يطالعونه بما يحدث من الأمور في كل صقع،
فخافه الناس خوفا شديدا وهابوه، وكان الإنسان في العراق، لا يجسر أن يجري في بيته وخلوته ما يخاف الإنكار عليه منه، حتى كان يتوهم من أهل بيته وأخص الناس به، أن ينقل خبره إلى الخليفة، وفتح في أيامه فتوحات كثيرة، واتسع ملكه جدا، واستولى على خوزستان والجبل، وفتح كثيرا من بلاد العجم، وقامت للدولة العباسية حشمة لم يكن مثلها موجودا إلا في الزمن القديم قبل استيلاء الملوك على العراق، لكن الفقهاء أهينوا في زمانه، إهانة بالغة، لاستظهار الشيعة به عليهم، فقال صاحب المخزن:
[الكامل]
أحبابنا نوب الزمان كثيرة
…
وأمرّ منها رفعة السفهاء
هل يستفيق الدهر من سكراته
…
وأرى التهوّد بذلة الفقهاء
وفي جمادى سنة اثنتين وثمانين وخمس مائة، حكم أهل النجامة أنه يكون هواء [ص 194] عظيم يهلك أكثر الناس فيه، وترمى الجدران، لاقتران الكواكب في برج الميزان، فدخل للناس منه رعب عظيم، واستعد بعض الملوك لعمل سراديب تحت الأرض، وأعد فيه الأقوات والعطر لأجل وخم الهواء، فقضى الله بأن الهواء انقطع تلك الليالي البتة، حتى إن ضوء الشمع ما كان يميل، فقال ابن المعلم شعرا منه:
[البسيط]
قل لأبي الفضل قول معترف
…
مضى جمادى وجاءنا رجب
وما جرت زعزع كما حكموا
…
ولا بدا كوكب له ذنب
يقضي عليها من ليس يعلم ما
…
يقضي عليه هذا هو العجب
فارم بتقويمك فالاصطر
…
لاب خير من صفره الخشب