الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يخشاه [ص 77] من أذاه، فما استقر جالسا حتى جاء إليه الشاب الذي وقعت منه الخرقة، فقال:
اجعلني في حل، فإنني كنت اشتريت منك العسل ووقعت مني خرقة فيها عشرة دنانير، فظننت أنك أخذتها، ولما جئت إليك وجدتها الساعة مرمية في طريقي، فعجب الرجل، وحضر الخصم فقال له: اجعلني في حل فقد تبت إلى الله من الظلم والذهب الذي أخذته منك وقع مني لأنه كان حراما، وكنت فيه ظالما، فأقبل الرجل على شكر الله تعالى، وذكره وشاع في أهل الناحية أن الله سبحانه وتعالى أعانه على ما فك به نفسه، ثم أعاده إلى صاحبه، عناية منه به، وكانت وفاة العاضد سنة سبع وستين وخمس مائة.
[دولة الحسينيين]
45- ذكر دولة الزّيّديّ القائم بالكوفة
وهو أبو عبد الله محمد بن محمد «1» بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أقامه أبو السرايا «2» بالكوفة بعد ابن طباطبا،
وأقامه على منبر الخلافة خاطبا، غلب على الكوفة وسادها، واستوثق له أمر رعيتها وأجنادها، وقام أبو السرايا ينفذ الأمور بأمره، ويعمل لمكايد الحرب جهد فكره، ثم إن الحسن بن سهل «1» لما بلغه هزيمة زهير، وعزيمة أبي السرايا على قذفه بموج الضير، جهز إليه جيشا أمّر عليه عبدوس بن محمد، وأمره بقتاله، فأقبل حتى نزل قرب الكوفة، وزحف إليه أبو السرايا واقتتلوا قتالا شديدا فأسر عبدوس وقتل جميع من كان معه، وأحضر أبو السرايا عبدوس «2» وضرب عنقه،
وملك جميع ما كان معه وفرقه، ثم أقبل أبو السرايا حتى نزل قصر ابن هبيرة، وبث عساكره إلى البصرة وواسط ودخلوها واستباحوهما، فوجه إليه ابن سهل هرثمة بن [ص 78] أعين «1» في جيش عظيم، وبلغ أبا السرايا قدوم هرثمة، فسار بمن معه حتى نزل صرصر «2» ، وجاء هرثمة حتى نزل من العدوة الأخرى والنهر بينهما، وكان علي بن سعيد معسكرا بكلواذا «3» ، فخرج منها ثاني شوال، فقاتل أصحاب أبي السرايا وهزمهم، ورجع أبو السرايا إلى قصر ابن هبيرة، وهرثمة في اتباعه، فأدرك جماعة كثيرة من أصحابه فقتلهم وبعث رؤوسهم إلى الحسن بن سهل، ثم نزل على أبي السرايا بقصر ابن هبيرة فقاتله، وقتل كثيرا من أصحابه، فلما رأى أبو السرايا أنه لا طاقة له بهرثمة، خرج إلى الكوفة فدخلها، وقد كان هذا الزيدي ومن معه من العلويين قد وثبوا على من بالكوفة من العباسيين ومواليهم، فنهبوهم وأحرقوا ديارهم بالنار وجلوهم عن
الكوفة، وأتوا أمورا قبيحة ثم إن أبا السرايا لما دخل الكوفة وجّه حسين الأفطس «1» الآتي ذكره إلى مكة ليقيم للناس الحج، ثم إن ابن هرثمة ناشب أبا السرايا الحرب بقرية شاهي»
، حيث حاربه زهير بن المسيب «3» ، فدارت الهزيمة أول النهار على هرثمة، ثم دارت آخره على أبي السرايا، فقتل أصحابه وفلّ عزمه، ودخل هرثمة الكوفة ليلة الأحد السادسة عشرة من المحرم، ومضى أبو السرايا هاربا إلى القادسية «4» ، ولم يتعرض هرثمة لأهل الكوفة بمكروه، بل أمنهم وأقام بالكوفة يوم الأحد إلى العصر، وخرج إلى عسكره، واستعمل عليها غسان بن الفرج «5» ، فنزل إلى دار أبي السرايا، ثم إن أبا السرايا خرج من
القادسية متوجها إلى واسط، فعبر دجلة أسفل منها ثم توجه إلى السوس فنزل بها، وأقام بها أربعة أيام، وأعطى الجند أرزاقهم، ألف للفارس، وخمس مائة للراجل، فلما كان اليوم الرابع، أتاه من الحسن بن علي المعروف بابن المأموني «1» ، أن اخرج من عملي، فأبى أبو السرايا إلا قتاله، فتقاتلا، فانهزم أبو السرايا واستبيح عسكره، وجرح جراحا كثيرة، ففر يريد رأس العين «2» ، فأخذه حماد الكندغوسي «3» بجلولاء «4» ، وأخذ معه رجلين من أصحابه، أحدهما [ص 79] محمد بن محمد الزيدي «5» ، والآخر رجل يقال له أبو الشرك، وحملهم إلى الحسن بن سهل، فأمر بضرب عنق الزيدي فضربت عنقه بالنهروان «6» يوم