الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
48- ذكر دولة القرامطة وأوّلهم ذكر فرية قرمط
وهم أضر طائفة «1» خرجت على بني العباس، بل شر دولة أخرجت للناس، أخذهم الله بمكرهم، وأخذهم بكفرهم، ولكن بعد حروب شمرت عن ساقها، وأثمرت برءوس لم تتصل بأعناقها، هم الكفرة الملاعين، والأعادي الطواعين، بئس الملة وسوس الأمة، كانوا على ذهاب هذه الملة أحرص من حوافي النمل، وفي تعطيل منابتها أشد من سوافي الرمل، ما زالوا في مسارب الملك كالأفاعي ساعين، وإلى غير كلمة الحق، كالنواقيس داعين، وألصقوا بهذا البيت الطاهر دعوتهم، وألفوا في هذا الفناء الشريف عقوتهم «2» ، وبينهما من البون مثل ما بين الفساد والكون، وإنما ذكرتهم هنا، لادعائهم، كما ذكرت الزنجي، على أنهما كسراب بقيعة، أو كظلمات في بحر لجيّ، كان ظهور هؤلاء بسواد الكوفة سنة ثمان وتسعين ومائتين في السنة التي مات فيها الموفق، اسمه الفرج زكرويه بن يحيى ويدعى بقرمط «3» ، أصله من بصرى من الشام، وإنما قال الخراساني،
ويكني بأبي زكرياء، منهم بالنهروان، فأظهر الزهد والتقشف وأكثر الصلاة، وكان يأكل من عمل يده، وإذا جلس إليه إنسان زهده في الدنيا وأعلمه أن المفترض عليه خمسون صلاة في اليوم والليلة [ص 83] وأنه يدعو إلي إمام من أهل البيت، فاستهوى خلقا كثيرا، وكانت لرجل معروف يقال له الهيصم ضياع، فأعلم أن القائمين عليها اشتغلوا عنها برجل صفته كذا ويقول كذا، وأخبر خبر الرجل، فسار إليه وأخذه، وحلف ليضربن عنقه، ثم جعله في بيت ورمى عليه قفلا، وألقى المفتاح تحت وساده، وشرب فلما سكر ونام، أخذت جاريته المفتاح وفتحت البيت وأخرجت الرجل وأطلقته، وردت المفتاح في موضعه، فلما قام من سكره وفتح البيت فلم يجد الرجل، فأصابه وهم، وقال:
هذا الرجل صالح، وأشاع الأمر، فتسارع الناس إلى الرجل، فعظم شأنه، واستفحل أمره، وصنع لهم دينا وقرآنا أوحاه إليه شيطان، ومما تضمنه قرآنه:
يقول الفرج بن عثمان وهو من قرية يقال لها بصرى إنه داعية المسيح عيسى بن
مريم، وهو الكلمة وهو المهدي، وهو أحمد بن محمد بن الحنفية، وهو جبريل، وإن المسيح تصور له في صورة إنسان فقال له: أنت الداعية وأنت الحجة، وأنت روح القدس، وأنت يحيى بن زكريا، وأن الصلاة ركعتان «1» قبل طلوع الشمس، وركعتان قبل غروبها، وأن الأذان: الله أكبر الله أكبر أربعا، أشهد أن لا إله إلا الله أربعا، أشهد أن محمدا رسول الله أربعا، أشهد أن موسى رسول الله أربعا، أشهد أن رسول الله، «2» أشهد أن محمد بن الحنفية رسول الله أربعا، والقراءة في الصلاة بسورة الافتتاح المنزلة على محمد بن الحنفية، وهي الحمد لله بكلمته تعالى، باسمه المستحمد لأوليائه، والأهلّة مواقيت للناس ظاهرها، لتعلموا عدد السنين والحساب، وباطنها لأوليائي الذين عرفوا عبادتي، واتقون يا أولي الألباب، فأنا الذي أسأل عما أفعل، وهم يسألون، وأنا العليم الحكيم، وأنا الذي أبلو عبادي، وأمتحن خلقي، فمن صبر في بلائي ومحنتي واختياري، ألقيته في جنتي، وأدخلته في نعمتي، ومن مال عن أمري وكذب رسلي، ألقيته مهانا في عذابي، وأنا الذي أتممت أجلي، وأظهرت أمري على ألسنة رسلي، وأنا الذي لم يعل عليّ جبار، إلا وضعته، ولا عزيز إلا أذللته، وليس [ص 84] مثوى الذي أصرّ على أمره، ودام على جهالته، وقال لن نبرح عليه عاكفين إلا في النار أولئك هم الكافرون، ثم يركع فيقول في ركوعه:
سبحان رب العزة تعالى عما يقول الظالمون، يقولها مرتين ثم يسجد، فيقول في سجوده: الله أعظم، الله أعظم، يقولها مرتين، ومن أحكامهم أن القبلة إلى بيت المقدس، وإليه حجهم، وأن الصيام يومان في السنة، وهما يوم النيروز»
،