الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كل سكان الأرض لأنهم نواب الله في أرضه وخلفاء نبيه صلى الله عليه وسلم في أمته، وهو المبعوث إلى الأسود والأحمر، والقاصي والداني، وهم القومة بدينه، والدعاء بدعوته العامة، وجميع أهل الأرض ملزمون بها، من آمن منهم أو كفر، فلهذا وجب إفرادهم بالذكر، وأطلق على الجزء منهم اسم الكل، وبالله التوفيق.
وأما الملوك شكر الله عن الإسلام سعيهم، وبوّأهم المغفرة والرضوان، فإنه سيأتي ذكرهم في قسم التاريخ وهو أمسّ بهم، لأنه أكثر ما دار على ذكر أيامهم، ونوب الدهر بيّنة، وفيهم من جاهد في الله وقاتل في سبيله، وسهّد جفونه في جهاد أعدائه، وأغضّ الكفر وأماته بدائه، وضارب حتى ملّت السيوف مضاربها، وكرهت الخيل الماء وعافت بالدماء مشاربها، وحامى عن رأيه وإمامه، وواصل طلائع راياته وآرائه، وأعملوا سيوفهم وأقلامهم في تمهيد البلاد، وتوطيد الملك فناضلوا وناظروا وجالدوا وجادلوا، وفعلوا ما قدرت عليه مكنة هممهم، وظفرت به أيدي مطالبهم، وسروا السرايا لإفاضة هذه الدعوة النبوية، وإفاءة الأرض بظلال [ص 92] عصائبها المحمدية، وسنذكر من هذا مما نثبته في موضعه ونبينه في مواضعه، ونبيع زهره لمطالعه، وزهره بمطالعه، ونشرح به صدر رائيه وقاريه وسامعه، فأما ما ذكرنا من بني إسماعيل، فإنما أردنا به في النسب الشريف النبوي زاده الله شرفا اتصال سببه وإيضاح كيف كان نور مظهره، ليعرف تقدم آبائه في النسب اللباب، وخروج درته اليتيمة من قرارة ذلك البحر العباب.
وهذه الدّولة العبّاسيّة
سقاها الله صوب رحمته، ولقاها نضرة نعمه، وأول ما نبدأ بذكر العباس بن
عبد المطلب «1» كان رحمه الله بهيا جميلا رئيسا في الجاهلية، كريما مهيبا، وكان لا يرفع مائدته حتى تأكل منها الطير والسباع، وكانت له ثياب للعاري، ومائدة للجائع، وسوط للسفيه، وجاء الإسلام وهو على ذلك، وكان جهوري «2» الصوت، ربما صاح بالأسد فتفطر مرارة كبده، وصاح يوما: وا صباحاه، فأسقطت الحوامل، وفي الحديث (عم الرجل صنو أبيه) ، وكان أبو بكر وعمر رضي الله عنهما إذا رأياه نزلا له إلى الأرض وسلّما عليه، واستسقى به عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان أسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعامين، وقيل: من أكبر أنت أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أنا أسن وهو أكبر مني، وقال أكثم بن صيفي «3» : حججت سنة فرأيت بني عبد المطلب كأنهم بروج فضة، فقلت: من هؤلاء؟ قيل: بنو عبد المطلب، فقلت: هؤلاء غرس الله لا غرس البشر، وكان أجلّ بنيه حبر هذه الأمة عبد الله بن العباس
رضي الله عنهما، وفي الحديث:(اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل)«1» ، والبيت في ولده علي، وسماه علي بن أبي طالب باسمه وكناه بكنيته، وكان يدعى زين العابدين، وكان مجتهدا في العبادة، وكان عبد الملك [ص 93] بن مروان يكرمه ويعظمه، ثم البيت في ولده محمد بن علي، وهو الذي أصار عليه ابن الحنفية الأمر، ثم ظهرت شيعة بني هاشم بخراسان، ووجه محمد بن علي مولى له اسمه سلام بن العاري، وأمره أن يبثّ خبرهم هناك ففعل حتى تحدث به الكبير والصغير، ولم يسم الإمام ولا أين هو، وكان بالحميمة «2» ، فتبع سلاما كثير منهم، ثم مات سلام، فلم يعرفوا أين الإمام، فأتوا جعفر الصادق «3» فقال:
أخطأتم المقصد، اقصدوا الحميمة فيها شيخنا وابن عمنا، وهذا الأمر فيه وفي عقبه، فأتوه فأكرمهم وقال: أنا ضالتكم المنشودة، وبغيتكم المقصودة، ثم تأملهم فلم يجد فيهم صفة أبي مسلم، فعلم أنه سيأتي، ثم بعث معهم أبا عكرمة بن زياد بن دوهم داعيا، ثم أتى أسد بن عبد الله القسري واليا على خراسان لبني أمية، فقبض عليه وقتله وتتبّعهم بالقتل والعقاب، وهم لا يزدادون إلا غلوا، وكتبوا إلى الإمام بمقتل أبي عكرمة، فبعث مكانه كثير بن سعد، ثم أقدمه وبعث مكانه عمار بن داود فغير اسمه فتسمى خداش بن زيد، فأخذه
أسد القسري وقطع لسانه، وسجن سليمان بن كثير، فانفلت من السجن، ولحق بالإمام، فبعث عليهم بكر بن وائل، ثم أخذه القسري في قوم من أصحابه وقررهم على الإمام، فلم يقروا، ثم قدّم الإمام أبا سلمة الخلال، واسمه حفص بن سليمان، ثم قدمت الشيعة وفيهم أبو مسلم، فلما عرفه بصفته، وكان اسمه عبد الرحمن بن عثمان العجلي السراج «1» ، وكان يعمل السروج، وسنه يومئذ ثمانية عشر سنة فقال لهم الإمام: هذا سيدكم والقائم مقامي فيكم، ثم استخلف ابنه إبراهيم وأوصاه بأخويه أبي العباس وأبي جعفر، وأخبره أنه ميت، وأن إبراهيم يموت بعده، وأن علامة القائم مع أبي مسلم، ثم خلا به وعرفه بما يكون، فما استقر بهم القرار بخراسان حتى بلغهم موت الإمام، يقال إن هشاما أدخل رأسه في جراب نورة حتى مات، فأقاموا العزاء، فصبّرهم أبو مسلم، وجمع مالا عظيما وطرفا جليلة [ص 94] وقدم بها على الإمام إبراهيم بن محمد، فقرر أمره، ثم عاد وعزل أسد بن عبد الله القسري وولى نصر بن سيار، فوقع إليه كتاب من أبي مسلم إلى الإمام فبعث به مع حامله إلى مروان فاستصلح مروان حامل الكتاب وأمره بأن يذهب به إلى الإمام إبراهيم، ثم يأتيه بجوابه، فأتاه بجوابه إلى أبي مسلم ويحثه فيه على الحرب، والأخذ بالجد، ثم كتب فيه:
[الرجز]
دونك أمرا قد بدت أشراطه
إن السبيل واضح سراطه
لم يبق إلا السيف واختراطه
فبعث مروان من أتى به فحبسه بحراب وبقي مسجونا سنتين، ثم لما أيقن
مروان بزوال أمره، قتله نحو قتلة أبيه سنة ثلاثين ومائة، ثم لما سمع أبو مسلم بحبس الإمام، جمع شيعته وخطبهم وقال: لا خفاء بعد اليوم، فعقد اللواء المسمى بالسحاب، وكان أسود مكتوبا عليه بالذهب:(أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وأن الله على نصرهم لقدير)«1» ، وكان الإمام محمد بن علي «2» أعطاه له، وجنّد الجنود وأظهر الدعوة ولبس السواد هو وشيعته، ثم ظهر بمرو «3» في يوم عيد وصلى بالناس، وخطب ولعن بني أمية، ودعا لعلي رضي الله عنه، ودعا لبني العباس، وكانت أول خطبة أقيمت لهم، ثم وجه قحطبة بن شبيب، وبث جنوده في البلاد، ثم جهز نصر بن سيار جيشا إلى أبي مسلم، وكتب إلى مروان بن محمد كتبا آخرها قال فيه «4» :
[الوافر]
أرى خلل الرماد وميض جمر
…
ويوشك أن يكون له ضرام
فإن النار بالعودين تذكى
…
وإن الحرب أولها الكلام
فإن لم يطفها عقلاء قوم
…
يكون وقودها جثث وهام
أقول من التعجب ليت شعري
…
أأيقاظ أميّة أم نيام
فإن لم يطفئوها تجن حربا
…
مثمرة يشيب لها الغلام [ص 95]
فلم يفد هذا بني أمية تيقظا ولا هاج لهم حفيظة ولا تحفظا، ثم إن أبا مسلم جهّز مالكا الخزاعي للقاء نصر بن سيّار «1» ، فسار في عدة قليلة، والنصر يقدمه، والسعود تخدمه، فالتقوا قريب سمرقند «2» ، فما كان إلا أن تراءى الجمعان، فولّى جيش ابن سيار الأدبار قتلا ذريعا، وأخذ قائد الجيش أسيرا، وحمل إلى الخزاعي، فحمل إلى أبي مسلم، فمنّ عليه وأعاده إلى ابن سيار مكرما، فجعل يتحدث بمحاسن أبي مسلم، فمال إليه أكثر الناس، ثم خرج على ابن سيار رجل بكرمان، وكان سببا لتمام أمر [أبي] مسلم، لأنه اشتغل به عنه، فكتب يستمد مروان، فكتب إليه: إن حاجتنا بأهل الشام، فاكتف «3» بما
عندك، فأيقن نصر بالخذلان، وقال: ذهبت والله خراسان، وسيذهب مروان، ثم خرج أبو مسلم إلى مرو لقتال ابن سيار، حتى إذا قاربها فتح خزائنه، وفرق أمواله على رجاله تفريقا خرق به عادته، فسمع بذلك جند ابن سيار فتساقطوا عليه تساقط الفراش، وتسارعوا إليه لطلب المعاش، فأعطاهم مثل ما أعطى رجاله، وبسط يده بالإعطاء، واستدعى بكرمه حركات البكاء، ثم قدم عليه ابن الكرماني، وكان نصر قد قتل أباه، ثم إنه كان مختصا به اختصاص الكف بالبنان، والنطق باللسان، فضاقت بنصر الأرض بما رحبت، وجزم بأن طائفته غلبت، وقدّم أبو مسلم ابن الكرماني، وأمره بمحاربة ابن سيار لأخذ ثأر أبيه، فحاربه محاربة فات معها نصرا النصر، ثم جاء أبو مسلم فدخل مرو على حين غفلة، وأخذ البيعة على أهلها، ورتب وظائف الملك، وأما ابن سيار فإنه فرّ إلى الجبال واستوطنها، ثم إن أبا مسلم قتل ابن الكرماني، وجهز قحطبة لقتال نصر، فأخرج عامله من طوس «1» وقتل مقاتلتها، ثم طلب ابن سيار فأخرج له ابنه تميما في جيش عظيم، فلما رآه جزع، فلما تلاقت الجيوش قتل، وخرج ابن سيار هاربا إلى قومس «2» ، ثم إلى جرجان «3» ، ولقاه قحطبة «4» فهزمه [ص 96] ، وهرب ابن
سيار إلى الري «1» ، وأتبعه قحطبة بن الحسن، فكتب ابن سيار إلى مروان:
[السريع]
كنّا نرجّيها وقد مزّقت
…
فاتّسع الخرق على الراقع
كالثوب إذ أنهج فيه البلى
…
أعيا على ذي الحيلة الصانع
ثم مات ابن سيار بعد كتابة هذا بيومين وتفرّق أصحابه، ودخل الحسن بن قحطبة الري، فخرج إليه ابن هبيرة، وكان على العراق. هذا ما كان من هؤلاء.
وأما ما كان من بني العباس، فإنهم لما أمسك الإمام، فروا إلى أحياء العرب، فمروا بماء لهم متجسسين فإذا هما «2» بامرأتين مقبلتين، فوقفتا عليهم، وقالتا:
ما رأينا أكرم ولا أصبح من خليفة وأمير، فانتهرهما عبد الله بن علي، فقالتا: لا وأبيكم، إن هذا لخليفة، وأشارتا إلى السفاح، وهذا الأمير، وأشارتا إلى المنصور، فانتهروهما، وساروا إلى الكوفة، فلقيهما داود بن علي وابنه موسى، وهما متفرقان في موال لهما من العراق إلى الحميمة، فأخبروه أنهم يريدون الكوفة للوثوب عليها، فقال داود: فكيف ومروان بن محمد في جنوده مطل على العراق، وشيخ العرب يزيد بن عمرو بن هبيرة عامل العراق، فقال له: يا عم، من أراد الحياة ذل، فقال داود لموسى: يا بني صدق ابن عمك، ارجع بنا معه، فانصرفا معهم، فلما أتوا الكوفة سألوا عن أبي سلمة، وأتوه، فأخلى لهم دارا وأنزلهم فيها في صفر سنة اثنين وثلاثين ومائة، وأجرى عليهم الأرزاق، ومنعهم من التصرف، فكانوا إذا أرادوا الظهور منعهم، وقال لهم: ابن هبيرة قريب منا،
وأمير المؤمنين واصل إلينا مكرا بهم، لميله إلى الطالبيين.
وأما أبو مسلم «1» ، فإنه بعث أبا النجم إلى الكوفة ليتعرف له خبر السفاح، فأتاها، وأتى أبا سلمة عنه فأنكره ليدير في صرف الأمر إلى عبد الله بن الحسن بن الحسن، فتوسل أبو النجم ابن السفاح وأعلمه أن أبا محمد مسلم كتب إلى قحطبة أن يسير إلى الكوفة ويسأل عن الصغير من ولد الإمام محمد الذي اسمه عبد الله وكنيته أبو العباس، فإذا وجده يبايع له بالخلافة، فهو الإمام، أحب أبو مسلم أو كره [ص 97] فجهزه السفاح إلى ابن قحطبة، فسارع في خمسة آلاف، فدخل الكوفة ليلا، وأتى الدار فقال: أيكم أبو العباس، فقالوا:
كلنا أبو العباس، وكان كل منهم طامع فيها لنفسه، فقال: أيكم «2» بنو محمد بن علي، فيئس منها جميعهم وطمع فيها بنوه الثلاثة: السفاح والمنصور
ويحيى، فقالوا: نحن، فقال: من منكم عبد الله؟ فيئس يحيى وطمع الاثنان، فقالا: كلانا عبد الله، فقال: أيكما ابن الحارثية؟ فيئس منها المنصور، وقال:
هذا ابن الحارثية، وأشار إلى أخيه، فقال: أكشف لي عن ظهرك حتى أرى العلامة التي فيه، فكشف له عن ظهره فرآها وقبلها، ثم قال له: امدد يدك أبايعك، فمد يده فبايعه إخوته وأهل بيته ورجاله، ثم ألبسه السواد، وركبه فرسا أشهب، وأركب أهله الخيل ملتئمين «1» بالسلاح، ثم أتى به المنبر يوم الجمعة، فمنع الخطيب الصعود، وصعد أبو العباس السفاح، ومعه عمه داود دونه بدرجة، فلما أراد السفاح الكلام أرتج عليه، فخطب عمه داود خطبة بليغة، ثم أخذ الناس بالمبايعة، وأهله حوله بالسيوف مسلولة بأيديهم، ثم أقام ثلاثة أيام، وخرج في جيش عظيم، فنزل الهاشمية، ثم فرّق جيشه، فأرسل أخاه أبا جعفر مع الحسن بن قحطبة إلى واسط لقتال ابن هبيرة، ووجه موسى بن عيسى إلى المدائن مع حميد بن قحطبة، واستخلف عمه داود على الكوفة.
وأما ما كان من مروان، فإنه لما أتاه الخبر خرج من حرّان «2» ، فنزل منزلا سأل ما اسمه؟ فقالوا: بلوى، فتطير منه، فقال: بل بشرى، ثم سار حتى أتى الموصل، فأتى السفاح الخبر، فجمع أهله وقال: من يلقى مروان دوني؟ فقال له عمه عبد الله بن علي: أنا له كفء، فقال: صدقت وبذلك أخبر الإمام إبراهيم، فعقد له لواء أسود، وألبسه السواد، وأنهده إليه، ثم أنشد السفاح مرتجلا:
[البسيط]
يا آل مروان إن الله مهّلكم
…
ومبدل منكم خوفا وتشريدا [ص 98]
لا عمّر الله من أنسابكم أحدا
…
وبثّكم في بلاد الله تطريدا
ودفعها إلى رجل حصيف، وقال له: تحيّل في إنشادها في عسكر مروان من حيث لا يعلمون، كأنك هاتف، وسار عبد الله بن علي، وجرت بينهم حروب، ثم إن ذلك الرجل الذي حمّله السفاح البيتين، تحيّل في سرب «1» احتفره حتى نفذه إلى قرار شجرة في معسكر مروان، واتخذ منها حروفا خفية يخرج الصوت، ثم قام بهما ليلا ينشدهما، وظنوه هاتفا هتف بهم، فتفللت عروتهم، وكان ذلك مع تقدير الله سبب الهزيمة، ويقال: إن مروان لما رأى المسودة خارت عزائمه، فقال له كاتبه عبد الحميد بن يحيى: ما هذا الذي أراه منك؟ أطربت للقاء أم جزعت من الموت؟ فقال له: والله لوددت أني في قلهم ويكون لي سعدهم، وما يغني هذا العسكر العظيم مع الإدبار، ولئن قاتلونا بعد الزوال، فهي لنا، وإن قاتلونا قبل الزوال، فهي لهم، فناجزهم عبد الله بن علي القتال، وكانت له، وانهزم مروان إلى الجسر، فغرق أكثر من معه، وانهزم مروان، فعقد عبد الله بن علي على الجسر، وعبر النهر، وهو يقرأ: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
«2» ، ثم أتى مضارب مروان فنزلها، واستولى على ما فيها، ثم كتب إلى السفاح بالخبر، وكتب فيه:
[البسيط]
لجّ الفرار بمروان فقلت لهم
…
عاد الظلوم ظليما همّه الهرب «3»
أين الفرار وترك الملك إذ ذهبت
…
بك الهوينى فلا دين ولا حسب
شبيه فرعون في ظلم وفي غرق
…
وفي بذاءة كلب ما [به] كلب «4»
ثم سار يريده، وما مرّ ببلد إلا وأطاعه، وأتى دمشق، فخرج إليه عاملها الوليد بن معاوية بن عبد الملك، في وجوه أهلها، فبايعوه، وامتنع من كان بها من بني أمية، فقاتلهم ودخلها بالسيف، واعتقل الوليد بن معاوية ومن كان خرج معه من بني أمية، وقتل العصاة وصلبهم، ثم سار في طلب [ص 99] مروان، وما مر ببلد إلا وفتحه، حتى أدركه ببوصير قوريدس «1» من صعيد مصر، فبينا هو نازل إذا بالمسودة قد غشيته، فسير مروان يقول لعبد الله: الله الله في حرمي، فقال: قل له، لنا الحق في دمك، وعلينا في حرمك، وكان مروان إذ ذاك في جند كثيف، فأسلموه وفروا، فقاتل فيمن بقي معه حتى قتل، وخرج من سرادق مروان شيخ مسن فقال: أيكم الأمير؟ فأرشد إليه، فأتى بهم موضعا في الرمل بعيدا من القرية، فاحفروه فأخرجوا منه القضيب والبردة والقعب والمخضب، واحتز رأس مروان «2» ، وجهر به وبمكان دفنه إلى السفاح، ثم أحسنت