الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الآخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، ثم بايع الأتراك أخاه المعتز، فأرسل المعز أخاه الموفق، فنزل بغداد وحاصرها، فلم يزل أمر المستعين يضعف، وأمر المعتز يقوى، فبعث إلى المعتز.
يسأله أن يعطيه خمسين ألف دينار، ويقيم حيث شاء، وعلى أن يكون بغا ووصيف اللذين كانا صنيعة له أحدهما على الحجاز وما والاه، والآخر على الجبل وما والاه، ثم خلع سنة اثنتين وخمسين، وأراد أن ينزل البصرة، فقيل: إنها حارة، فقال: أتراها أحر من فقد الخلافة، ثم اختار نزول واسط، فلما صار بقرب سر من رأى، تلقاه سعيد الحاجب، فباتا بها، فأصبح المستعين ميتا [ص 151] ولا أثر به، وقيل غير هذا، فقال جنيد الكاتب المعروف بباذنجانة:
[الكامل]
إيها بني العباس إنّ سبيلكم
…
في قتل أعبدكم سبيل ممنع
رقّعتم دنياكم فتمزقت
…
بكم الحياة تمزقا لا ترقع
ثم:
67- دولة المعتزّ بالله
أبي عبد الله الزبير «1» بن جعفر المتوكل، وقد أشرنا في ذكر المستعين إلى أن
المعتز ناصبه حتى ابتز منه الملك، واهتز له اهتزاز سيف لا يعوقه المسك، ناصبه على الأمر حتى قوم أوده، ونصبه وقدم مدده إليه ونصبه، وجهز إليه أخاه الموفق فكسر، ثم أجهز عليه فنصر بعد حروب أفنيا فيها الأعمار، وبنيا فيها صروحا تسلق عليهما منها الأغمار، لكثرة ما طاح بينهما من جائل مهج، وطاف من حائل رهج، وطيّب المعتز سقام الملك، وشفى وصبه، وكفى عصبه، فاستعاد سلطانه ممن غصبه، واستقاد شيطانه المريد ورجمه بشهب نباله وحصبه، ورجمه فأنفاه، ثم بدا له فشفى غليله، وإن كان قد قطع عصبه، وكان المعتز أحسن خليفة رئي كأن البدر طالع من طوق قبائه، والظبي راتع حول خبائه، برز يوما في ثوب أخضر مذهب، فأشبه غصنا وريقا تلص إليه الأصيل، ولم يذهب، وكان يتعشق يونس بن بغا، وكان مثله في حسنه وحسناه، ونظيره في سنه وسناه، حتى كان يقال إنه ما رأى أحد مثلهما عاشقا ومعشوقا، توافقا جمالا وتناسقا كمالا، وتقارضا شغفا وتقاربا كلفا، فكانا غصنين سمقا، وبدرين اتسقا، وكلف المعتز به حتى كان لا يقدر يصبر عنه لحظة، ولا يضيع مع غيره لفظة، واشتغل به عن كل ما سواه، وجد به وجدا قل من قاربه فيه أو ساواه، وغاب عنه ساعة يرى فيها أمه وهي تموت، فقال:[مجزوء المتقارب]
تغيب فلا أفرح
…
فليتك لا تبرح [ص 152]
وإن جئت عذبتني
…
بأنك لا تسمح
فأصبحت ما بين ذين
…
ولي كبد تجرح
على ذلك يا سيدي
…
دنوك لي أصلح
وقد قيل إن اسمه الزبير، وكان يوصف بالحزم والعزم على صغر سنه، فلما