الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
110- دولة يزيد بن الوليد بن عبد الملك
أبي خالد «1» ، وكان أقبل وأمه ساهقريد بنت فيروز بن يزدجر بن شهريار، مقابل في الملك بين أبيه وأمه، وعربه «2» وعجمه، تطرف بجلبابي تقى ونسك، وخلافة وملك، يحاذيه طرفا شرف، حل فيهما وما حل في طرف [ص 297] وكان يلقب بالناقص، لأنه نقّص في العطاء، وغصّص على البعداء والخلطاء، وما أراد إلا مناقضة الوليد ومعارضة سفاهته بالرأي السديد، فكره على عظيم شرفيه، وكريم فخاره الملتقيين من طرفيه، وما كان موسوما به من الجمال الفائق، ومعلوما منه من الكمال اللائق، ومعروفا به من النسك والتأله، وموصوفا به من التخلق بأخلاق السلف الأول والتشبه، فأداه فعله إلى خلاف ما يريد، وعداه الغرض في الاقتصاد إلى التسديد «3» ، وإفراطه في التواضع، حتى كأنه ما امتاز عن الناس، ولا حاز ما يشمخ بدونه الراس، على أنه تذكر يوما سلفه، فذكر شرفه فقال «4» :
[الرجز]
أنا ابن كسرى وأبي مروان
…
وقيصر جدي وجدي خاقان
قلت: وإنما جعل قيصر وخاقان جديه، لأن أم فيروز بن يزدجرد بن كسرى شرويه أم أبيه، وأمها ابنة قيصر، وأم شيرويه ابنة خاقان ملك الترك، ذكره ابن الأثير «1» ، وكان أبوه الوليد بن عبد الملك يذكر ولده فيقول: «عبد العزيز سيدهم، والعباس أفرسهم، ويزيد ناسكهم، وروح عالمهم، وعمر نجلهم، وبشر فتاهم.
ولقي يزيد بن الوليد أيوب السختياني في السنة التي حج فيها، فكتب عنه، وكان كثير الصلاة طول الليل. وقال ابن الأثير عنه: قيل إنه كان قدريا، وكان أسمر طويلا صغير الرأس جميلا، وقال: إنه أول من خرج بالسلاح يوم العيد، خرج بين صفين عليهم السلاح، وقال: وكان آخر ما تكلم به، يعني عند موته، وا حسرتاه وا أسفاه. وكان نقش خاتمه (العظمة لله) .
ولما ولي الخلافة عاتبته امرأته هند الكلبية، التي تدعى بنت الحضرمية، فقالت: أوسع علينا، فقال لها: لقد فسدت عليّ فيمن فسد، أما لو علمت أنكم تميلون إلى الدنيا هذا الميل، لكان أن أخرّ من السماء إلى الأرض أحبّ إليّ من أن أتلبّس بما تلبست به، وما لك في هذا المال إلا ما لسوداء أو حمراء من المسلمين، ولكن ايتيني بثيابي، فجاءت تنحب، فقال لها: هذه ثياب كنت أتزين بها، فشأنك فخذيها [ص 298] فإنه لا حاجة لي اليوم بها، فأما مال المسلمين، فلا حق لي ولك فيه إلا مثل ما للمسلمين.
ولما ولي خطب الناس فقال: «أيها الناس، إني والله ما خرجت بطرا، ولا