الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسترشد، ومن هناك يلتقي بعمود النسب المستعصمي، وكان غاية في الخير، والفضل والثبات، ولما قدم أتى الحسام البرؤلي وقد تملك البيرة، فبايعه واستخدم له، ثم أتى عيسى بن مهنا أمير آل فضل، فقام في ناصره، وقاد له جمهور عسكره، فخاف الظاهر بيبرس عاقبته، وخال أنه يجتثّ باقيته، فلاطف عيسى بن مهنا، وراسله في تجهيزه إلى مصر ليبايعه، وأنه [ص 201] لا يجد حرجا في صدره أن يطاوعه، وكان للظاهر على عيسى بن مهنا يد يرعاها، ولكتبه عنده نجاح لا يخيب مسعاها، ورأى في هذا صلاحا للناس وجمعا لكلمة الإسلام، فعمل على هذا، وقدم الحاكم مصر وبايعه الظاهر بيبرس، إلا أنه يحجر عليه، وبعد مدة أسقط اسمه من السكة، وأبقاه في الخطبة، ودام مكرما إلا أنه ممنوع، وموسعا عليه، إلا أنه مضيق له بالنسبة إلى ما يستحق، فلما أتى اللهب الدولة الشريفة الملكية الأشرفية الصلاحية، سقى الله عهدها، فسح له، وأخلى له قصر الكبش، وبوّأه منزله، وكان العزم الأشرفي كله مصروفا إلى استفتاح العراق وإعادة الخلافة إلى مقرها في صدر ذلك الرواق، وتصريف حكم الحاكم في البلاد وإقامة الدولة العباسية على ما كانت عليه، بالأمراء والوزراء والأجناد، ثم توفي.
ثم قام ابنه:
94- المستكفي بالله
أبو الربيع سليمان «1» ، [قام] بعهد أبيه، وكان حسن الجملة، لين الحملة،
مع فروسية كانت فيه، لو وجد لها حين إبراز، أو أضفي حد لإحراز، إلا أنه لم يجد لغصته مساغا، ولا لقصته بلاغا، فكان لا يرى لسهولة الجانب، ومداهنة المجانب، إلا أوطأ من رمله، وأضعف من نمله، وأكثر توقيا ممن عرفت عليه عمله، عهد إليه أبوه الحاكم بالخلافة بعد ابنه المستمسك، الأمير أبي عبد الله محمد، حين توفي المستمسك وتجرع أبوه صاب مصابه، وطوى حوائجه على داء أوصابه، ثم جعل بعده العهد إلى إبراهيم ولد المستمسك، ظنا أنه يصلح لأن يصرح باسمه على المنابر، ويجيء على أذيال آبائه الأكابر، فلما توفي الحاكم وخرج سلار كامل الممالك، فمن دونه في جنازته، وقاموا نحو كرامته وغرارته، بويع المستكفي بيعة طوقت الرقاب، وطولت له ذيل الخلافة على الأعقاب، وكان هو وسلطاننا كأنهما أخوان، لما بينهما من إلفة جامعة، ومودة لفراق الأعداء قامعة، وحضر نوبة مرج الصفر، وكان [ص 202] على عهد الله المظفر، سار سلطاننا به فأيّد الله بهما هذه العصابة، وكان يومهما بمرج الصفر باني يوم الصحابة، كل منهما هدّ أركان العدو، وهدم بنيان أهل العتو، ثم لم يزل به لدم الخلافة آثار باقية، وشىء يحفظ به تلك البقية المتلاشية، حتى كان من نزول السلطان عن الملك سنة ثمان وسبع مائة ما كان، وحصل الاجتماع على المظفر بيبرس، فقلده المستكفي وسوّره، وصيّره حيث صيره، فنقمها عليه