المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌113- دولة عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان - مسالك الأبصار في ممالك الأمصار - جـ ٢٤

[ابن فضل الله العمري]

فهرس الكتاب

- ‌[الجزء الرابع والعشرون]

- ‌المقدمة

- ‌مؤلف الكتاب:

- ‌علمه وأدبه:

- ‌وصف مخطوطة الكتاب:

- ‌الكتاب ومنهج مؤلفه:

- ‌منهج التحقيق:

- ‌[دولة حسنيين]

- ‌1- ذكر دولة المهديّ

- ‌2- ذكر دولة أخيه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن

- ‌ذكر بني طباطبا

- ‌3- محمّد بن إبراهيم العلويّ

- ‌4- الهادي يحيى بن الحسين بن القاسم بن طباطبا

- ‌5- محمّد المرتضى

- ‌6- أحمد النّاصر ابن الهادي

- ‌7- ذكر دولة القائم بالمدينة أبي عبد الله محمّد بن الحسن

- ‌8- ذكر دولة السّفّاك إسماعيل

- ‌9- ذكر دولة الكبير ومنهم أهل الينبع

- ‌10- أبو عزيز قتادة بن إدريس

- ‌11- النّاهض بأمر الله محمّد بن سليمان بن داود

- ‌12- أبو الفتوح الحسن بن جعفر

- ‌ذكر الدّولة الطّبرستانيّة

- ‌13- الدّاعي إلى الحقّ

- ‌14- القائم بالحقّ

- ‌15- المهديّ أبو محمّد

- ‌ذكر دولة الأخضريّين

- ‌ذكر دولة الأدراسة ببلاد المغرب

- ‌16- إدريس المغرب

- ‌17- إدريس بن إدريس

- ‌18- القاسم بن إدريس

- ‌19- دولة النّاصر عليّ بن حمّود

- ‌20- المأمون

- ‌21- ذكر دولة المعتلي أبي إسحاق يحيى بن عليّ بن حمّود

- ‌22- ذكر دولة المتأيّد أبي العلى

- ‌23- ذكر دولة القائم أبي زكريّاء

- ‌24- ذكر دولة المستنصر أبي محمّد

- ‌25- ذكر دولة أخيه العالي

- ‌26- ذكر دولة المهديّ

- ‌27- ذكر دولة الموفّق

- ‌28- دولة المستعلي

- ‌29- ذكر دولة المهدي محمّد بن تومرت

- ‌30- فأما دول بني الحسين بن عليّ

- ‌ذكر الدّولة العبيديّة

- ‌31- المهديّ بالله

- ‌32- القائم بأمر الله

- ‌33- المنصور بالله

- ‌34- المعزّ لدين الله

- ‌35- العزيز بالله

- ‌36- الحاكم بأمر الله

- ‌37- الظّاهر بإعزاز دين الله

- ‌38- المستنصر بالله

- ‌39- المستعليّ

- ‌40- الآمر بأحكام الله

- ‌41- الحافظ لدين الله

- ‌42- الظّافر بأمر الله

- ‌43- الفائز بنصر الله

- ‌44- العاضد لدين الله

- ‌[دولة الحسينيين]

- ‌45- ذكر دولة الزّيّديّ القائم بالكوفة

- ‌46- ذكر دولة محمّد بن جعفر الصّادق

- ‌47- ذكر دولة الزّنجيّ

- ‌48- ذكر دولة القرامطة وأوّلهم ذكر فرية قرمط

- ‌49- يحيى بن قرمط

- ‌50- الحسين بن قرمط

- ‌51- أحمد بن الحسين

- ‌52- الحسن بن بهرام الجنّابيّ القرمطيّ

- ‌53- سليمان بن الحسن بن بهرام الجنّابيّ القرمطيّ

- ‌54- الأعصم

- ‌وهذه الدّولة العبّاسيّة

- ‌55- دولة السّفّاح

- ‌56- دولة المنصور

- ‌57- دولة المهديّ

- ‌58- دولة الهادي

- ‌59- دولة الرّشيد

- ‌60- دولة الأمين

- ‌61- دولة المأمون

- ‌62- دولة المعتصم بالله

- ‌63- دولة الواثق بالله

- ‌64- دولة المتوكّل على الله

- ‌65- دولة المنتصر بالله

- ‌66- دولة المستعين بالله

- ‌67- دولة المعتزّ بالله

- ‌68- دولة المهتدي بالله

- ‌69- دولة المعتمد على الله

- ‌70- دولة المعتضد بالله

- ‌71- دولة المكتفي بالله

- ‌72- دولة المقتدر بالله

- ‌73- وأمّا خروج عبد الله بن المعتزّ عليه

- ‌74- دولة القاهر بالله

- ‌75- دولة الرّاضي بالله

- ‌76- دولة المستكفي بالله

- ‌77- دولة المطيع لله

- ‌78- دولة الطّائع لله

- ‌79- دولة القادر بالله

- ‌80- دولة القائم بأمر بالله [ص 170]

- ‌81- دولة المقتدي بأمر بالله

- ‌82- دولة المستظهر بالله

- ‌83- دولة المسترشد بالله

- ‌84- دولة الرّاشد بالله

- ‌85- دولة المقتفي بأمر بالله

- ‌86- دولة المستنجد بالله

- ‌87- دولة المستضىء بأمر بالله

- ‌88- دولة النّاصر لدين الله

- ‌كم بذي الدوح أثلة من قضيب

- ‌89- دولة الظّاهر بأمر الله

- ‌90- دولة المستنصر بالله

- ‌91- دولة المستعصم بالله

- ‌[الخلفاء العباسيون في مصر]

- ‌92- المستنصر بالله

- ‌93- الحاكم بأمر الله

- ‌94- المستكفي بالله

- ‌95- الواثق بالله

- ‌96- الحاكم بأمر الله

- ‌[صورة المبايعة للحاكم]

- ‌وهذه الدولة الأموية

- ‌97- دولة معاوية بن أبي سفيان

- ‌98- دولة ابنه يزيد بن معاوية

- ‌99- دولة معاوية بن يزيد بن معاوية

- ‌100- عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه

- ‌101- دولة مروان بن الحكم

- ‌102- دوّلة ابنه عبد الملك بن مروان

- ‌103- عبد الله بن الزّبير رضي الله عنه

- ‌104- دوّلة ابنه الوليد بن عبد الملك

- ‌105- دوّلة سليمان بن عبد الملك بن مروان

- ‌106- دوّلة عمر بن عبد العزيز

- ‌107- دوّلة يزيد بن عبد الملك بن مروان

- ‌108- دوّلة هشام بن عبد الملك

- ‌109- دوّلة الوليد بن يزيد بن عبد الملك

- ‌110- دولة يزيد بن الوليد بن عبد الملك

- ‌111- دولة إبراهيم بن الوليد بن عبد الملك

- ‌112- دولة مروان بن محمّد

- ‌الدولة الأموية بالأندلس

- ‌113- دولة عبد الرّحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

- ‌114- دولة ابنه هشام بن عبد الرّحمن [ص 310]

- ‌115- دولة ابنه الحكم بن هشام الرّبضيّ

- ‌116- دولة ابنه عبد الرّحمن بن الحكم

- ‌117- دولة ابنه محمّد بن عبد الرّحمن

- ‌118- دولة ابنه المنذر بن محمّد

- ‌119- دولة أخيه عبد الله بن محمّد

- ‌120- دولة ابن ابنه عبد الرّحمن بن محمّد بن عبد الله بن محمّد النّاصر

- ‌121- دولة ابنه الحكم المستنصر بن عبد الرّحمن النّاصر

- ‌122- دولة ابنه هشام المؤيّد بن الحكم

- ‌123- دولة محمّد المهديّ بن هشام بن عبد الجبّار بن عبد الرّحمن النّاصر

- ‌124- دولة سليمان بن الحكم المستنصر بن عبد الرّحمن النّاصر

- ‌125- دولة المستظهر عبد الرّحمن بن هشام

- ‌126- دولة محمّد بن عبيد الله بن عبد الرّحمن النّاصر

- ‌127- دولة هشام بن محمّد بن عبد الملك بن عبد الرّحمن النّاصر

- ‌مصادر التحقيق

- ‌فهرس الموضوعات

الفصل: ‌113- دولة عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

ووجد بالأفق العربي مواليه، ومن مر النسب العزي من يواليه، من صدم بهم صدور الخيل الشزّب، حتى أدفا صدور الرحال العزّب، واجتلى النصر [ص 306] تبرق أسرته، وتحدق مسرته، وتعبق بأطراف الأسنة رائحته، وتعلق بأطراف الأعنة بساتينه، واقتطع من المعمورة، ذلك الإقليم الجليل، وصيّره له دار خلافة، طالت ذوائبها، وصالت كتائبها، ودان له أهل تلك الجهة وذلت له مناكبها، وظلت تقدم لها منابرها، ويعلن باسمه خاطبها، خلافة ابتزّها من بني العباس، قهرا بالأيد وقسرا بالكيد، ونصرا لم تحتج إلى سلم، ولم يحتج إلى زيد ولا عمرو، أخذها غصبا من أفواههم الفاغرة، ونهبا من أيديهم وأعناقهم صاغرة، بعزائم ما فلّت السيوف ضرابها، ولا ملّت السيول غلابها، حتى اجتمعت له دائرتها، وارتفعت به نائرتها، وخشعت الدولة العباسية خوفا لا تهب الدولة الأموية وتثور ثائرتها.

وها أنا أذكر هذه الدولة ما زخر به في الأندلس بحرها، وفخر بما تحلى به من مآثرهم نحرها، وأولها الباني لها، وموج المنايا حولها متلاطم، وفوج الرزايا ببابها متزاحم، المنقض بأفقها عقابه القشعم، المنبت بأرضها شجاعه الأرقم.

هي:

‌113- دولة عبد الرّحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان

الداخل «1» الحق المطرّف، رجل العالم، وبطل بني آدم، خلص من لهوات

ص: 451

القواضب، وهفوات العدو المغاضب، وعبر الفرات يشقها عوما بذراعه، ثم الفلاة يقطعها فردا من أصحابه وأتباعه، حتى أتى المغرب، وبلغه اختلاف المضرية واليمانية بالأندلس، فبعث بدرا مولاه، ليستميل أي الفريقين والاه، فأتى اليمانية إثر نوبة كانت للمضرية عليهم، فاستمالهم، ووعدهم عنه، ومنّى آمالهم، ولما أراد الحرب عقد نقيبه عبد الله بن خالد لواءه، وكان أبوه خالد عقد لواء مروان بن الحكم يوم المرج، فكشف لأواه فتيمن بتلك النقيبة ولهذا خص بعقد اللواء نقيبه. وخرج يوسف بن عبد الرحمن «1» فيمن بقي من طاعته،

ص: 452

ووفى بأس التفرق من جماعته، وكان الزمان ربيعا [ص 307] جاء إثر جدب، ما مر النسيم على مخلصه، ولا رم شعث الناس إلا ما كل نقله، وسارا على نهر أشبيلية «1» ، كل منهما على ضفة منه، ثم تقابلا مقابلة كادت تكون اجتماعا وتراسلا، لا لشىء إلا خداعا، وكان ذلك يوم عرفة، فبات يوسف بن عبد الرحمن همّه ذبح الجزر وتهيئة الطعام، وعبد الرحمن الداخل همّه في تسوية الصفوف، وإثارة القتام، فلما أصبح يوم الأضحى جازت خيل عبد الرحمن النهر، وجادت بالحديد مثقلة الظهر، وتناوش الفريقان الحرب، يشعبون شعب رماحهم، ويهيجون شعب صفاحهم.

وكان عبد الرحمن على فرس سابق، فخاف أهل معسكره أن ينهزم، «2» وحار من كان له بينهم، وقالوا: شاب غر وتحته فرس يرمي به المرامي، نخاف إن عضت الحرب أن يطير عليه على بعض الموامي، فلما نمي إليه هذا الخبر، استدعى بغلا أشهب كان معه، وركب عليه لا يفارق موضعه، فاطمأنوا إلى الثبات، وارجحنوا كالجبال لولا الوثبات، فانهزم يوسف هزيمة لم ير بعدها جدا مقبلا، ولا حدا إلا مقللا، ودخل الداخل قرطبة، وحل بها صدر المرتبة، ثم كان آخر أمر يوسف بن عبد الرحمن مع عبد الرحمن أنه انتظم في جنده، وارتطم بالأرض خضوعا تحت بنده.

ص: 453

قال صاحب المقتبس: ولما كان يوم المضارة واستحر القتل، مشى العلاء بن جابر العقيلي إلى الصميل بن حاتم «1» ، وكلاهما من عسكر يوسف بن عبد الرحمن، فقال له: يا أبا جوشن، اتق الله، فوالله ما أشبه هذا اليوم إلا بيوم المرج «2» ، وإن عاد ذلك لباق علينا إلى اليوم، وإن الأمور لنهتدي إليها بالأشباه والأمثال، أموي وفهري، وقيس ويمن، ووزير الفهري ذلك اليوم قيسي وهو زفر بن الحارث، ووزير هذا اليوم أنت، وأنت قيسي، ويوم عيد في يوم جمعة، ويوم المرج يوم عيد في يوم جمعة، الأمر والله علينا ما أشك فيه، فاتق الله واغتنم بنا تلافيه، فلم يفد كلامه.

وفي هذه الوقعة يقول ابن السنبسية:

[الكامل]

أهداك ربك رحمة لعباده

لما تضرّمت البلاد وقودا [ص 308]

فسلقت أطراف الأسنة في العدى

حتى روين فما يرون مزيدا

والخيل تعثر بالقنا وكأنّما

فوق السنابك إذ حنين قيودا

والمشرفية لن تبيد صقالها

مثل الكواكب يتّقدن وقودا

حتى أطرن جماجما مكنونة

تحت المغافر فانكفأن سجودا

ص: 454

كان عبد الرحمن يدعو إلى أبي جعفر المنصور، حتى دخل الأندلس عبد الملك بن عمر بن مروان بن الحكم، ووافى عبد الرحمن فآواه وعززه وكرم مثواه، فلما حضر له الجمعة وسمع الدعاء لأبي جعفر المنصور أنكره، وقال: إن من الحكم جهلا، وأي هوادة بيننا وبين هؤلاء عدوا علينا فلم يرقبوا إلا ولا ذمة، واستحلوا منا كلّ حرمة، وأخرجونا من أرض الله الواسعة فألجأوا فلّنا إلى هذه القاصية الشاسعة، ثم ها نحن الآن نسايرهم فيها ونمد لهم خيط باطلهم بالدعاء لهم، أعطي الله عهدا، لئن لم تحول الدعوة لهم إلى البراءة منهم، لأنقلبن على وجهي مبادرا في هذه الأرض العريضة، وقد كان من هوى عبد الرحمن الداخل، إلا أنه آثر الأناة إلى أن استضاء برأي ابن عمه، فترك الخطبة لأبي جعفر وتفرد بالدعاء لنفسه، وذلك بعد سنة من دخوله الأندلس.

ثم شرع في تعظيم قرطبة «1» ، فجدد مغانيها وشيد مبانيها، وحصّنها بالسور حتى أشرف بناؤه، وابتنى بها قصر الإمارة والمسجد الجامع، وكان سلف المسلمين قد اقتصروا عند افتتاحهم لقرطبة، حتى اتخاذهم مسجدهم الجامع، فيما خصهم من سطر الكنيسة العظمى بها المعروفة بشنت، بحيث كما كان بدمشق، ودام الأمر على هذا تهالك الولاة بالأندلس على الإمارة، وهويهم في ضلال الشحناء إلى أن جمع شتاتهم عبد الرحمن الداخل، وسمت نفسه إلى ما تسمو إليه أنفس الخلفاء، فصالح النصارى على شطرهم بمواضع مما كان أخذ

ص: 455

بالعنوة من كنائسهم، وذلك سنة تسع وستين ومائة، ثم لما وسع قناءه، ووسع بناءه، تخطى بنظره إلى مساجد الكور بالأندلس، ثم ابتنى منية الرصافة «1» متنزها له، تشبها [ص 309] بجده هشام، واتخذها قصرا حسنا، ودحا بها جنانا واسعة، نقل إليها غرائب الغراس وأكارم الشجر، من كل ناحية مما أتت به رسله من الشام، فمثلت أشجارا معتمة أثمرت بغرائب الفواكه، وعجائب الثمرات، ورأى أول ما نزل هذه الرصافة نخلة فذة ذكرته باغترابها غربته، وبنأيها عن أشباهها أحبته، فقال:«2»

[الطويل]

تبدّت لنا وسط الرصافة نخلة

تناءت بأرض الغرب عن بلد النخل

فقلت شبيهي في التغرب والنّوى

وطول انثنائي عن بنيّ وعن أهلي

نشأت بأرض أنت فيها غريبة

فمثلك في الإقصاء والمنتأى مثلي

سقتك غوادي المزن من صوبها الذي

يسحّ ويستمري السماكين بالوبل

وحكى صاحب المقتبس ما معناه: أن عبد الرحمن الداخل في سنة ثلاث وستين ومائة، أشاع الرحيل إلى الشام لانتزاعها من يد الدولة العباسية وإدراك ثأره، وذكر أن كتب جماعة ممن بها من أهل بيته ومواليه وشيعته، توالت عليه بضعف المسوّدة، وفتور فورتهم، ونقل ذلتهم على الناس، فعمل على أن يستخلف ابنه سليمان الأندلس في طائفة، ويذهب بعامة من أطاعه وكمل من ضروب المماليك أربعين ألفا، فاخترم دون ذلك.

ص: 456