الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القلب يبكي والسنّ ضاحكة
…
فنحن في وحشة وفي أنس
يضحكنا القائم الأمين وتبكينا
…
وفاة الرشيد بالأمس
بدران بدر أضحى ببغداد
…
وبدر بطوس في الرمس
ومولده سنة خمسين ومائة، وتوفي سنة ثلاث وتسعين ومائة، وعمره أربع وأربعون سنة، ومدته اثنتان وعشرون سنة، وأربعة أشهر، وقبره بقرية سناباد من طوس.
ثم:
60- دولة الأمين
أبي موسى محمد «1» بن هارون الرشيد، وما قدمه أبوه إلا لإرضاء أمه أم جعفر «2» وخؤولته على أنه يكلف أخاه حمل مؤونته، وكان من
نوكى «1» القوم، وأولى أهل بيته باللوم، لا يقيل رأيه من عثراته، ولا يجمّ جفنه لمقيل عبراته، فانهمك في اللذات، وانتهك حرمة الملك واللدات، وحفر لأخيه المأمون قليبا «2» وقع فيها قريبا، وكان ذا أيد وقوة، حكي أنه وثب على أسد فصرعه وقرب مصرعه، ولكنه لم يؤيد بحزم يحوط به تدبيره، ويحول بينه وبين ما قضى تدميره، ولكن الله إذا أراد أمرا بلغه، ومن قصد أخاه بسوء دمر الله عليه ودمغه، وكان كريما يهب البدر بالمئين، ولا يسمح أن يمد إلى مائدته يمين، وكان يبخل بالطعام، وينحل في الشح أخلاق الطغام، وكان عنده رغيف الخبز كرغيف الأسد، لا يطاق مهاجمته، ولا يستطاع أن يقتحم أجمته.
وقال علي بن إسحاق: لما أفضت الخلافة إلى الأمين وهدأ الناس، أصبح صبيحة السبت بعد بيعته بيوم، فأمر ببناء ميدان حول قصر أبي جعفر في المدينة للصوالجة واللعب، وأمر جواريه بأن تهدي إليه غزلان تسيّب فيه، فأهديت له، فقال شاعر من أهل بغداد:
[السريع]
بنى أمين الله ميدانا
…
وصيّر الساحة بستانا
فكانت الغزلان فيه بأن
…
تهدى إليه فيه غزلانا
وذكر محمد بن يحيى النيسابوري قال: لما نعي علي بن عيسى «1» وقتله إلى الأمين [ص 133] وكان في وقته ذلك على الشط يصيد السمك [في الأصل:
الضمد، ولم أجد لها معنى] فقال للذي أخبره، ويلك فإن كوثرا قد أصاب سمكتين، وأنا ما صدت شيئا بعد، وذكر أن أحمد بن مزيد لما أراد الشخوص للقاء جيش المأمون، دخل على الأمين فقال: ليوصني أمير المؤمنين، قال: أوصيك بخصال عدة، إياك والبغي فإنه عقال النصر، ولا تقدم رجلا إلا باستخارة، ولا تشهر سيفا إلا بعد إنذار، ومهما قدرت عليه باللين فلا تنفذه إلى الشدة، وأحسن صحابة من معك من الجند، وطالعني بأخبارك في كل يوم، ولا تخاطر بنفسك طلب الزلفة عندي، ولا تستبقها فيما يتخوف رجوعه علي، وكن لمن تقدمك أخا، ولا تخذله إذا استنصرك، ولا تبطئ عليه إن استصرخك، ولتكن أيديكما واحدة، وكلمتكما متفقة، ثم قال: سل حوائجك وعجل السراح إلى عدوك، فدعا له أحمد بن مزيد وقال: يا أمير المؤمنين، بكر لي في الدعاء ولا تقبل فيّ قول باغ، ولا ترفضني قبل المعرفة بذنبي، ولا تنقص على ما استجمع من رأي، ومنّ عليّ بالصفح عن ابن أخي عبد الله بن حميد، وكان قد أمره الأمين بالخروج فتشرط فحبسه.
وحكي أنه لما كان محصورا، خرج يوما خادمه كوثر، وكان مضنى به حبا
كلفا به غراما، فأصابته جراحة أدمت حر وجهه، ونثرت ورد دمه على ياسمين خده، فقال:
[مجزوء الرمل]
ضربوا قرة عيني
…
ومن أجلي ضربوه
أخذ الله لقلبي
…
من أناس جرحوه
وكان أبو نواس قد اعتقله الرشيد على كلمة قالها تعرض فيها إلى النقص بقريش، فلما ولي الأمين وكانت لأبي نواس به ذمة قديمة، فقال:[الطويل]
تذكر أمين الله والعهد يذكر
…
مقامي وإنشاديك والناس حضّر
ونثري عليك الدرّ يا درّ هاشم
…
فيا من رأى درا على الدر ينثر
أبوك الذي لم يملك الناس مثله
…
وعمك موسى عدله متخيّر [ص 134]
وجدك مهدي الهدى وشقيقه
…
أبو أمك الأدنى أبو الفضل جعفر
وما مثل منصوريك منصور هاشم
…
ومنصور قحطان إذا عدّ مفخر
فمن ذا الذي يرمي بسهمك في العلى
…
وعبد مناف والداك وحمير
فغنت جارية بهذه الأبيات بين يدي الأمين، فقال: لمن هذه الأبيات، فقيل له: لأبي نواس، قال: وما فعل، فقيل له: محبوس، قال: ليس عليه بأس، قال: فبعث إليه رجل من المجلس يعلمه بما قال، وقال:
[الوافر]
أرقت وطار عن عيني النعاس
…
ونام الساهرون ولم يواسوا
أمين الله قد ملّكت ملكا
…
عليك من التقى فيه لباس
كأنّ الخلق في تمثال روح
…
له جسد وأنت عليه راس
أمين الله إن السجن بأس
…
وقد أرسلت ليس عليك باس