الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب ومنهج مؤلفه:
تناول هذا الجزء الدول التي قامت في المشرق والمغرب، وبدأ بذكر دول الهاشميين وأولها دولة الحسنيين والحسينيين وتبدأ بدولة المهدي محمد بن عبد الله بن الحسن، وأخيه إبراهيم بن عبد الله بن الحسن، ثم دولة بني طباطبا العلويين، وتداول الحكم من خلفاء هؤلاء اثنا عشر خليفة، ثم الدولة الطبرستانية من أولاد الحسن وأولاد الحسين بن علي بن أبي طالب، وهم ثلاثة خلفاء، ثم دولة الأدراسة بالمغرب، وأول خلفائها إدريس المغرب ابن عبد الله بن الحسن المثنى، وهم خمسة عشر خليفة، ثم الدولة العبيدية الفاطمية في مصر وأولهم المهدي بالله عبيد الله بن محمد الفاطمي، وتداول الحكم من الفاطميين في مصر أربعة عشر خليفة، ثم خليفتان من الحسينيين في الكوفة والحجاز وهما محمد بن محمد بن زيد بن علي بن الحسين بالكوفة، ومحمد بن جعفر الصادق بالحجاز، وذكر بعد ذلك دولة الزنجي علي بن محمد العلوي الذي ظهر في البصرة، أما القرامطة فقد ذكر حركتهم وصفاتهم ومن ولي الأمر منهم وهم سبعة ظهروا بسواد الكوفة، وكل هؤلاء الخلفاء هم من بني هاشم، واستكمالا للهاشميين، بدأ بعد هؤلاء بذكر دولة بني العباس الهاشميين، وهم سبعة وثلاثون خليفة أولهم أبو العباس السفاح عبد الله بن محمد، وآخرهم المستعصم بالله عبد الله بن منصور المستنصر العباسي الذي به انتهت الدولة العباسية وقد قتله المغول واحتلوا البلاد وسبوا العباد، ثم يتسلل من بقي من العباسيين إلى مصر، وينشئون الدولة العباسية في مصر، وكان الخلفاء تحت إمرة الولاة الحاكمين وليس للخلفاء إلا الاسم والرسم، وهم خمسة خلفاء أولهم المستنصر بالله أحمد بن محمد الظاهر العباسي، وبسقوط الخلفاء العباسيين في العراق ومصر تنتهي الدولة العباسية الهاشمية.
أما بقية الخلفاء الذين جرى ذكرهم في هذا الجزء، فهم خلفاء الدولة العربية الأموية القرشية في الشام وفي الأندلس، وتبدأ الدولة الأموية بالفرع السفياني وهم ثلاثة خلفاء، أولهم معاوية بن أبي سفيان وآخرهم معاوية بن يزيد، ثم تنتقل الخلافة إلى الفرع المرواني من بني أمية، وأولهم مروان بن الحكم، وآخرهم مروان بن محمد، وعدد من حكم من الأمويين بالشام أربعة عشر خليفة، يقضي على آخرهم بنو العباس.
ثم ينتقل بنو أمية إلى الأندلس، وتقوم لهم دولة يشيّدها صقر قريش عبد الرحمن الداخل بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، ويتوالى على الحكم خمسة عشر خليفة آخرهم المعتد بالله هشام بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر، الذي انتهت حياته سنة 428 هـ، وبموته انتهت الدولة الأموية بالأندلس.
لقد حوى هذا السفر تراجم لأكثر من 127 خليفة، عرض المؤلف لظروف قيام كل دولة، وسير الخلفاء وحياتهم الخاصة والعامة، والأحداث التي جرت في كل دولة، وعرض للجوانب السياسية والاجتماعية والحضارية، وأسباب ازدهار الحكم، وعوامل سقوط الدول، والمؤلف في كل ذلك يروي الأخبار ويصور السير والأحداث، ويستشهد بالأشعار التي قيلت، ويبين خصائص كل دولة وصفات كل حاكم، مصورا الجوانب الرفيعة المشرقة، وكذلك الجوانب الفاسدة الهابطة من انحراف بعض الخلفاء وميلهم إلى اللهو والمجون والعنف والفساد، وعلى الرغم من كثرة الجوانب السلبية، وفساد الحكم، والصراع على السلطة والقتل والغدر بين الأقارب والأباعد، على الرغم من كل ذلك، فقد تجلى لدى بعض الخلفاء الميل إلى الخير والعدل والزهد والتقوى، وكان منهم من يتأسى ويتابع عمر بن عبد العزيز في زهده وورعه وعدله، سواء من الخلفاء الأمويين أم من العباسيين
مثل يزيد بن الوليد بن عبد الملك من الأمويين، وعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن الحكم من الأمويين بالأندلس، والمهتدي بالله محمد بن هارون الواثق بن محمد المعتصم بن هارون الرشيد، من العباسيين على الرغم من تأخر عهدهم وضعف دولتهم.
إن هذا السّفر صورة صادقة للحياة العربية في ازدهارها وحضارتها وغناها وانتشارها، وصورة لحياة الأمم وسقوطها وتشتتها وانهيارها، وللمؤلف ابن فضل الله العمري منهج متميز في دراسته وعرضه للأحداث والأخبار، فهو يبدأ كل ترجمة بمقدمة يعرض فيها ملخصا لسيرة صاحب الترجمة، وأهم مميزاته، والظروف والأحداث التي مرت به، بأسلوب أدبي يغلب عليه السجع، وهو أسلوب جميل رفيع يدل على ثقافة عالية ودراية واسعة ومحفوظ كثير، من الأشعار والأمثال والخطب، التي يستعير بعضها ويضمّنها في أسلوبه، ثم بعد هذه المقدمة التي قد تطول وقد تقصر، يذكر أهم صفات الخليفة وسيرته، والأحداث التي شغلته، وبعض رجال عصره، ينقل ذلك من المصادر التي سبقته أو التي عاصرته، ينقل أحيانا ما يختاره نقلا حرفيا، ويلخص في أحيان أخرى، ويصوغ بعضها بأسلوبه، ويشير في كل ذلك إلى الكتب التي أفاد منها، ونقل عنها، وقد ينفرد بمعلومات لا نجدها في كتب التاريخ والأدب، وهو في كل ذلك يلتزم جانب الحياد والموضوعية دون ميل أو تعصب، إلا في الحالات التي يرى أن الفساد قد عمّ فيها وطمّ، وهو في منهجه هذا مثال الباحث الفذ الأصيل الذي يصلح قدوة لكثير من الباحثين المحدثين الذين تنقصهم الأمانة والعدل والموضوعية.