الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأجده قائما في مكانه يصلي، فوالله ما زال هكذا حتى أصبح.
قال عبد الله بن إبراهيم الإسكافي: حبس المهتدي للمظالم، فاستعداه رجل على ابن له، فأمر بإحضاره، فأحضر، وأقامه إلى جانب خصمه ليحكم بينهما، فقال الرجل للمهتدي: والله ما أنت إلا كما قال القائل: [السريع]
حكمتموه فقضى بينكم
…
أبلج مثل القمر الزاهر
لا يقبل الرشوة في حكمه
…
ولا يبالي عنت الخاسر [ص 154]
فقال له المهتدي: أما أنت أيها الرجل، فأحسن الله مقالتك، وأما أنا فما جلست حتى قرأت: وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ
«1» ، قال: فما رأيت باكيا أكثر من ذلك اليوم، وكان يقول: ألا يستحي بنو العباس أن [لا] يكون فيهم مثل عمر بن عبد العزيز، ولما ولي اطرح الملاهي وحرّم الغناء والشراب، ومنع أصحاب السلطان عن الظلم، رحمه الله.
ثم:
69- دولة المعتمد على الله
أبي العباس أحمد «2» بن جعفر المتوكل، وكان أخوه
الموفق «1» أبو أحمد طلحة بن المتوكل الملقب بالناصر قائما بأمر الدولة كلها، قائلا في برد ظلها، والمعتمد ليس له من الأمر شىء، كأنه ميت وهو حي قد وطئه الموفق على أم رأسه، وغلب على ملكه وناسه، وغل يده على ما أشغلها به نكل [في الأصل الكلمة غير معجمة ولعلها النكل بمعنى القيد] جواريه وكاسه، وكان هم الموفق جيوشا يجهزها، وممالك يحرزها، وأمور لا يكنزها، وأعمالا ملوكية يرقم بها السير ويطرزها، وهم المعتمد تنميق بناء وتأنيق غناء، وارتياد روضة غناء، واعتقاد كأس مدام وجارية حسناء، ثم ندم المعتمد حيث لا ينفعه الندم، وعلم أن وجوده كالعدم، فبقي يتنفس تنفس المصدور، ويتأوه تأوه المحرور، ويهم بأمر الحزم لو يستطيعه، ويحاول حالا ولا يجد من يطيعه، وكتب سرا إلى ابن طولون وإلى صاحب أفريقية يشكو إليهما حاله مع أخيه، ثم مع ابن أخيه، ويصف لهم سوء حاله وما هو فيه، فهموا بما حالت بينهم وبينه عوارض القدر وشقة البعد، وكان الموفق لا يفك عنه وثاق حجره، ولا يرفع يد قهره، وذكر ابن الأثير عنه، أنه احتاج إلى ثلاث مائة دينار فلم يجدها، فقال:«2»
[الوافر]
أليس من العجائب أن مثلي
…
يرى ما قل ممتنعا عليه