الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السلطان، وأسرّها، ثم لما قام السلطان لاسترجاع ضالته، وإنباه المظفر من كرى ضالته، استجاش المظفر بالمستكفي يجدد له الولاية، ونسبت في السلطان أقوال إليه، حملت السلطان على التحامل عليه، فلما عاود الزمان عقله، وحل من الحظ الناصري عقله، وعاد السلطان سنة تسع وسبع مائة إلى تخته، وعاد ما ألّف من بخته، أعرض عن المستكفي كل الإعراض، ودبّت بينهما الأمراض، فلم يزل يكدر على المستكفي المشارب، ويقف دونه في وجوه المآرب، حتى تركه في برج في القلعة، في بيته وحرمه، وخاصة من يلوذ بحرمه، وبقي على هذا مدة، حتى قام قوصون، ورجل آخر معه لا أسميه، ولم يزالا يلاطفان السلطان حتى أنزله إلى داره، وأطلع هلاله، نضوا من سراره، ثم نسب إلى ابنه صدقة، التعلق ببعض خاصة السلطان، وتردد ذلك الغلام إليه، فنفي الغلام، وأصعد بالخليفة إلى قوص، فقدمت إليه مطايا السفين، وأنزل معه بعض حرمه وقد حفين، ثم أقلعت بهم تلك السواري، وعادوا أجنة في بطون تلك الجواري، إلا أنه لم ينقص من روايته، ولا أسقط اسمه عن المنابر، وغبر عن هذا مدة، يعلل فيها نفسه، إلى أن علقت بابنه صدقة أشراك المنون، وجالت في منيته الظنون، فجزع عليه جزعا شديدا، استخف وقاره، وحركه بل أطاره، ثم لم تطل به المدة، ولا بقي إلا قليلا بعده، وكانت وفاته سنة أربعين وسبع مائة، ودفن بقوص، وذلك بعد أن أذن إلى ابنه الحاكم أبي العباس، لكنه لم يجد عهده راعيا، ولا [ص 203] ابنه بعده لوصيته واعيا.
ثم قام ابن أخيه:
95- الواثق بالله
إبراهيم «1» بن المستمسك، أبي عبد الله محمد بن الحاكم، وقد تقدم القول
فيما أصاره إليه جده، من العهد بعد المستكفي، ظنا أن يكون صالحا، أو يجيب لداعي الخلافة صالحا، فأنشأ إلا في تهتك، ولا دان إلا بعدم تنسك، أغري بالقاذورات، وفعل ما لم تدع إليه الضرورات، وعاشر السفلة الأراذل، وهان عليه من عرضه ما هو باذل، وزين له سوء عمله فرآه حسنا، وعمي عليه فلم ير مسنا إلا محسنا، وغوي باللعب بالحمام، ومشترى الكباش للنطاح، والديوك للنقار، والمنافسة في المعز الزرابية الطوال الآذان، وأشياء من هذا ومثله، ما يسقط المروءة، ويثل عرش الوقار، إلى أن صار لا يعد [إلا] في سفلة الناس، هذا إلى سوء معاملة، ومشترى سلع لا يوفي أثمانها، واستيجار آدر لا يقوم بأجرها، وتحيل على درهم يملأ به كفه، وسحت يجمع به فمه، وحرام يطعم منه ويطعم حرمه، حتى كان عرضه عرضة للهوان، وأكله لأهل الأوان، فلما توفي المستكفي، والسلطان عليه في حدة غضبه، وتيّاره المتحامل عليه في شدة غليه، طلب هذا الواثق المعتر، والمائق إلا أنه غير المضطر، وكان ممن يمشي إلى السلطان في عمه بالنميمة، ويعقد مكايده على رأسه عقد التميمة، فحضر إليه، وأحضر معه عهد جده فتمسك السلطان في مبايعته بشبهته، وصرف وجه الخلافة إلى جهته، وكان قد تقدم بعض ذلك العهد ونسخ ذلك العقد، وقام قاضي القضاة أبو عمرو بن جماعة، في صرف رأي السلطان على إقامة الخطبة باسم الواثق، فلم يفعل، فاتفق الرأيان على ترك الخطبة للاثنين، واكتفى فيها بمجرد اسم السلطان،