الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوما، ثم قتل، ورد عهده بعد أن قتل، وكانت جالبة حمامه، وخالبة روحه باعتلاق سمامه، جهالة أركبه الشيطان غرورها، وأكسبه محذورها، وكان السبب أنه أخذ جماعة من أعيان قرطبة فسجنهم لميلهم إلى سليمان بن المرتضى عبد الرحمن بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر، وأخذ أموالهم، فسعوا عليه من السجن، وصدعوا حباله مزقا كالعهن، وألّبوا الناس عليه، وتأهبوا لاستلال روحه من جنبيه، فأهانهم صاحب شرطته فأهين، وجرّع كأس ردائه في الحين، وكان ممن وافقهم على فعلتهم وواثقهم على مثل مثلتهم أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن الأموي، في جماعة كثيرة، وطاعة جعلت إلى الأمر مصيره.
وكان أبيض أشقر أعين العين شثن الكفين رحب الصدر.
126- دولة محمّد بن عبيد الله بن عبد الرّحمن النّاصر
أبي عبد الرحمن المستكفي «1» ، ولم يكن من رجال بيته في شىء من الأشياء، ولا كان إلا ميتا في صورة الأحياء، لعدم ضرامه، وعظم خمود
لشهامه [ص 336] كأنه ما مر مروان من أمامه «1» ، ولا قدم عبد الرحمن الداخل قدامه، ولا عدّ من هذا البيت هشامه، عدا عبد الملك فعلا ومعاوية فضلا، وكان همّه فرجه وبطنه، وعزمه عينه وأذنه، لا يفكر في شىء إلا ما يهمه، ولا يلم إلا بما لا يفارقه ملمه، إلا أنه ممن أقامه الحظ السابق على من تقدمه، حتى تأخر لامتداد الأجل وقدمه.
بويع في ذي القعدة سنة أربع عشرة وأربع مائة، وبقي سنة وأربعة أشهر وأياما، ثم خلعوه خلع الحذاء، ودفعوه دفع الذباب عن الغداء، فخرج في جماعة ممن حفظ عهده المضاع، ولحظ وده ملاحظة الطفل لأيام الرضاع، فأتى بهم مدينة سالم «2» ، وأقام بها غير مسلّم ولا مسالم، فضجر منه بعض أصحابه ممن هجر، أو أن اتساع رحابه فعمد إلى دجاجة فحمى فشواها، وعمل فيها سمّا رمى بها مهجته فأصاب شواها، فأراح الدنيا من تخلفه وخفف أثقالها بما كانت تحمله من تكلفه.
وكانت وفاته في ربيع الآخر سنة سبع وأربع مائة، وكان ربعة أشقر أزرق مدور الوجه ضخم الجسم، قارب في العمر الخمسين سنة، ثم أقيمت الدعوة ليحيى بن علي بن حمود، ثم آل أمره إلى أن قطعت دعوته، ومنعت أن تستجاب لها دعوته، ثم أعيدت الدولة أموية، وحمدت «3» عهودها المذكورة بسحب الدموع الروية، وها أنا أذكرها فأقول: