الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
127- دولة هشام بن محمّد بن عبد الملك بن عبد الرّحمن النّاصر
أبي بكر «1» ، قام بنصرة أبي الحزم جهور «2» ، وقام بالحزم وما تهور، راسل أهل الثغور المتغلبين فوافقوه، ورأوا رأيه وما واقفوه، [ص 337] وكتبوا ببيعتهم إلى هشام بن محمد، وكان مقيما ببعض الثغور منذ قتل أخوه الرضى، وقيل: قد أغمد سيفه المنتضى، ثم أصفقت أيدي الناس ببيعته، وصانت عهده المحفوظ
من ضيعته، ولقّب بالمعتمد، وكان أسنّ من أخيه المرتضى، وأشد منه في كل مقتضى، فنهض إلى الثغور، وطلع فيها نجمه لا يغور، وجرت له فيها فانعقدت بالسماء عنان عجاجتها، وعلقت في مجرى الأسماء بنان مجاجتها، وقوي هنالك هيج الاضطراب، وأخذ موج السيوف في الضراب، ثم ساروا إلى قرطبة وسالوا في تلك الشعاب، سيلان جيش قحطبة، فأتاها مثل أوله، ووافاها حالا في صدر منزله، وأقام منذ بويع نحو خمسين سنة، حتى خلع رداؤه، وقطع عن مسامع المنابر نداؤه، وكان موجب النقمة عليه سوء تدبير وزيره أبي العاص سعيد لأنه أخذ أموال التجار وأعطاه البربر، فنفرت خواطر أهل قرطبة لهذا وأنكروه، ووضعوا عليه أناسا قتلوه، ثم خلعوا هشاما، ونبذ عهده فريق منهم، واتخذ عهده الوثيق ما رفعه قلم التكليف عنهم، وقام ابنه عبد الرحمن بن هشام في جماعة من الأحداث فتسوروا القصر، وعلوا شرفاته، وتصوروا له أمرا أدركه وفاته، وبايعه كثير من سواد الناس، ونهض بهم، فما قام منهم جسد بلا رأس، فقال له بعض أهل قرطبة: نخشى عليك أن تقتل في هذه الفتنة، فإن السعادة قد ولّت عنكم، فقال: بايعوني اليوم واقتلوني غدا، فأنفذ أعيان قرطبة إليه وإلى ابنه المعتمد بالخروج عن قرطبة، فأودع المعتمد أهله، وخرج إلى حصن ابن الشوب، فاعتقلوه، ثم أخرجوه [ص 338] إلى حصن آخر فحبسوه فيه، فتحيّل للخروج حتى خرج منه ليلا، [وولج والخمول يسحب عليه ذيلا]«1» وسار إلى سليمان بن هود «2» ، وبقي عنده حتى مات في صفر سنة ثمان
وعشرين وأربع مائة، ودفن في ناحية لاردة «1» ، وسكن بها صوت سحبه الراعدة، وماتت دولة بني أمية في الأندلس وسائر أقطار الأرض بموته، وخمد حسها بخمود صوته، فسبحان الحي الباقي وكل شىء هالك، الملك الدائم ملكه، بعد ذهاب [ما] ملكه الملوك، والممالك تعوذ به، وتتوكل عليه، ونسأله من خير ما لديه، إنه لا حول ولا قوة إلا به.
وقال ابن بسام وقد ذكر قصر مدة المستظهر عبد الرحمن الذي تقدم ذكره:
لم تنشر له فيها طاعة، ولا تتامت جماعة، وكان على حدوث سنه ذكيا يقظا لبيبا أديبا حسن الكلام حاد «2» القريحة، يتصرف فيما شاء من الخطاب بذهنه ورويته، ويصوغ قطعا من الشعر مستجادة، بطهارة أثواب وعفة وبراءة من شرب النبيذ سرا وعلانية، وكان نسيج وحده، وبه ختم فضلا أهل بيته الناصريين.
ومن شعره:
[مجزوء الرمل]
طال عمر الليل عندي
…
مذ تولعت بصدّ
يا غزالا نقض الود
…
د ولم يوف بعهد
أنسيت العهد إذ بت
…
نا على مفرش ورد
واجتمعنا في وشاح
…
وانتظمنا نظم عقد
وتعانقنا كغصني
…
ن وقدّانا كقدّ
ونجوم الليل تحكي
…
ذهبا في لازورد
قال محقق الجزء الرابع والعشرين: انتهى هذا السفر، ويبدو أن هناك صفحة أو صفحات ناقصات بدليل أن نهاية هذه الصفح رقم 338 في آخرها تعقيبة الصفحة التي تليها وهي قوله بداية الصفة المفقودة:[وقد تقدم] ولذلك لا يعرف اسم الناسخ ولا تاريخ النسخ.