الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: 159].
(17)
عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:(إن الكافر يضرب ضربة بين عينيه، فيسمعه كل دابة غير الثقلين، فتلعنه كل دابة سمعت صوته، فدلك قول الله عز وجل: {أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}، يعني: دواب الأرض).
تخريجه:
أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره 1: 269 (1444)، قال: حدثنا الحسن بن عرفة، ثنا عمار بن محمد، عن ليث بن أبي سليم، عن المنهال بن عمرو، عن زاذان أبي عمر، عن البراء ابن عازب رضي الله عنه .. فذكره.
وأخرجه ابن ماجه في الفتن: باب العقوبات (4021) عن محمد بن الصباح، حدثنا عمار بن محمد، به مختصرًا.
وعزاه في (الدر المنثور) 2: 101 إلى ابن المنذر.
الحكم على الإسناد:
ضعيف، لحال ليث، وهو ابن أبي سليم بن زنيم القرشي، مولاهم أبو بكر، ويقال: أبو بكير الكوفي (خت م 4). واسم أبي سليم: أيمن، ويقال: أنس، ويقال: زياد، ويقال: عيسى.
قال أحمد: مضطرب الحديث. وقال أبو حاتم: ليث أحب إلي من يزيد -يعني ابن أبي زياد- كان أبرأ ساحة، وكان ضعيف الحديث.
وقال ابن معين: ضعيف، إِلا أنه يكتب حديثه. وقال: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه. وضعفه ابن عبينة، وابن سعد، والدارقطني.
قال الترمذي في جامعه -عقب الحديث رقم (2801) -: "قال محمد بن إسماعيل: ليث بن أبي سليم؛ صدوق، وربما يهم في الشيء. قال محمد بن إسماعيل: وقال أحمد بن حنبل: ليث لا يفرح بحديثه، كان ليث يرفع أشياء لا يرنعها غيره، فلذلك ضعفوه".
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وأبا زرعة يقولان: ليث لا يشتغل به، هو مضطرب الحديث. قال: وقال أبو زرعة: ليث بن أبي سليم؛ لين الحديث لا تقوم به الحجة عند أهل العلم بالحديث.
وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وقد روى عنه شعبة والثوري وغيرهما من ثقات النَّاس، ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه.
وقال الدارقطني: صاحب سنة يخرج حديثه، ثم قال: إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاووس ومجاهد حسب.
وقال ابن حبان: اختلط في آخر عمره، حتى كان لا يدري ما يحدث به، فكان يقلب
الأسانيد، ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم.
وقال البزار: كان أحد العباد، إِلا أنه أصابه اختلاط؛ فاضطرب حديثه، وإنما تكلم فيه أهل العلم بهذا، وإلا فلا نعلم أحدا ترك حديثه.
وقال يعقوب بن شيبة: هو صدوق، ضعيف الحديث.
وقال الساجي: صدوق، فيه ضعف، كان سيء الحفظ كثير الغلط.
وقال الذهبي -في الكاشف-: فيه ضعف يسير من سوء حفظه.
وقال -في السير-: "بعض الأئمة يحسن لليث، ولا يبلغ حديثه مرتبة الحسن، بل عداده في مرتبة الضعيف المقارب، فيروى في الشواهد والاعتبار، وفي الرغائب والفضائل، أما في الواجبات فلا".
وفي التقريب: صدوق اختلط جدا، ولم يتميز حديثه؛ فترك.
قلت: ومما سبق يتبين أن ليثًا ضعيف، وليس ضعفه بالشديد، بل هو ممن يعتبر بحديثه، فلا يحتج به، ولا يسقط بالكلية، وضعفه ناتج من جهة سوء الحفظ، لا من جهة العدالة، ومن صور هذا الضعف: رفع الموقوفات، ووصل المراسيل، والجمع بين الرواة في سياق واحد دون تمييز حديث بعضهم من بعض -كما أشار إليه الدارقطني-، وليس هو ممن يحتمل تفرده، فضلا عن مخالفته.
ومما يقوي أمره رواية شعبة عنه، وهو معروف بتحريه وتثبته ومعدود فيمن لا يروي إِلا عن ثقة. قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) 4: 361: "سئل أبي عن شهاب الذي روى عن عمرو بن مرة؟، فقال: شيخ يرضاه شعبة بروايته عنه، يحتاج أن يسأل عنه! ".
وقال ابن عبد الهادي في (الصارم المنكي) ص 81: "لو روى شعبة خبرا عن شيخ له، لم يعرف بعدالة ولا جرح، عن تابعي ثقة، عن صحابي، كان لقائل أن يقول: هو خبر جيد الإسناد، فإن رواية شعبة عن الشيخ مما يقوي أمره"(1).
لكن يرد عليه هنا؛ ما أخرجه العجلي في (معرفة الثقات) 2: 231، والعقيلي في (الضعفاء الكبير) 4: 15، وابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) ص 151؛ أن ليثَ ابن أبي سليم؛ حدث يوما، قال: سألت القاسم، وعطاء، وطاووسا، وذكر غيرهم، فقال له شعبة: أين اجتمع لك هؤلاء؟! قال: في عرس أمك. زاد العقيلي: قال قبيصة -الراوي عن شعبة-: فقال رجل -كان جالسا لسفيان-: فما زال شعبة متقيا لليث من يومئذ.
وعقب ابن أبي حاتم على هذه الحكاية، فقال:"فقد دل سؤال شعبة لليث بن أبى سليم؛ عن اجتماع هؤلاء الثلاثة له في مسألة، كالمنكر عليه".
ينظر: الطبقات الكبرى 6: 349، الضعفاء الكبير 4: 14، الجرح والتعديل 7: 177، المجروحين 2: 231، الكامل 6: 87 تهذيب الكمال 24: 279، الميزان 3: 425، السير 6: 179، المغني في الضعفاء 2: 536، الكاشف 2: 151، جامع التحصيل ص 261، تهذيب التهذيب 8: 417، التقريب ص 464.
وقال البوصيري -في (مصباح الزجاجة) 4: 187 - : "هذا إسناد ضعيف، لضعف ليث أبي سليم".
(1) استفدت هذا النقل، والذي قبله من كتاب (تحرير علوم الحديث) للشيخ/ عبد الله الجديع، 1: 308، 309.