الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172].
(88)
عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يقول لأهون أهل النار عذابا: لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم؛ أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك).
تخريجه:
أخرجه البخاري (3334) في أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم صلى الله عليه وسلم وذريته، و (6557) في الرقاق: باب صفة الجنة والنار، ومسلم (2805) في صفة القيامة: باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا، وأحمد 3: 127، من طرق عن شعبة، عن أبي عمران الجوني، عن أنس رضي الله عنه.
وأخرجه مسلم -في الموضع السابق- من طرق عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه.
فائدة:
ورد حول هذه الآية أحاديث كثيرة، وهي مختلفة في سياقاتها، وفي بعضها ما ليس في الآخر، ومن ثمَّ فحشد هذه الأحاديث جميعا في مساق واحد، وجعل بعضها شواهد لبعض؛ ليس بجيد، لذا فقد تأملت تلك الأحاديث -التي قاربت العشرين حديثا- ووجدت أن مجموعها يتضمن المسائل الآتية:
1 -
أخذ الميثاق على بني آدم.
2 -
إخراج الذرية من ظهر آدم عليه السلام.
3 -
إشهادهم على أنفسهم.
4 -
المسح على ظهر آدم عليه السلام.
5 -
التمييز بين أهل الجنة وأهل النار، بعد خلق آدم عليه السلام.
6 -
استعمال العبد وتيسيره لعمل أهل الجنة، أو لعمل أهل النار.
وإليك بيان الوارد في تلك المسائل، بعد ذكرها إجمالا:
أولا، أخذ الميثاق على بني آدم:
ورد فيه -فيما وقفت عليه- أربعة أحاديث، وهي:
1 -
حديث أنس رضي الله عنه، كما سبق، وهو في الصحيحين.
2 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لما خلق آدم مسح ظهره، فخرت منه كل نسمة هو خالقها إلى يوم القيامة، ونزع ضلعا من أضلاعه، فخلق منه حواء، ثم أخذ عليهم {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، ثم اختلس كل نسمة من بني آدم بنوره في وجهه، وجعل فيه البلوى الذي كتب أنه يبتليه بها في الدنيا من الأسقام، ثم عرضهم على آدم، فقال: يا آدم هؤلاء ذريتك وإذا فيهم الأجذم والأبرص والأعمى وأنواع الأسقام، فقال آدم: يا رب لم فعلت هذا بذريتي؟ قال: كي تشكر نعمتي، وقال آدم: يا رب، من هؤلاء الذين أراهم أظهر الناس نورا؟ قال: هؤلاء الأنبياء من ذريتك، قال: من هذا الذي أراه أظهرهم نورا؟ قال: هذا داود يكون في آخر الأمم، قال: يارب كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة، قال: يا رب كم جعلت عمري؟ قال: كذا وكذا، قال: يا رب، فزده من عمري أربعين سنة، حتى يكون عمره مائة سنة، قال: أتفعل يا آدم؟ قال: نعم يا رب، قال: فيكتب ويختم أنا كتبنا وختمنا ولم نغير، قال: فافعل أي رب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلما جاء ملك الموت إلى آدم ليقبض روحه، قال: ماذا تريد يا ملك الموت؟، قال: أريد قبض روحك، قال: ألم يبق من أجلي أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود، قال: لا)، قال: فكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول: نسي آدم، ونسيت ذريته، وجحد آدم، فجحدت ذريته.
أخرجه ابن أبي حاتم 5: 1614 (8535)، وأبو الشيخ في (كتاب العظمة) 5: 1553 (1027)، وابن عساكر في (تاريخ دمشق) 7: 395، كلهم من طريق عبد الرحمن بن زيد ابن أسلم، عن أبيه، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة رضي الله عنه
ولفظ أبي الشيخ مختصر، وليس فيه موضع الشاهد.
وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم: ضعيف، وسبق في الحديث (83).
ورواه الترمذي مختصرا بنحوه (3076) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأعراف، -وهو الحديث اللاحق (89) -، وليس فيه أخذ الميثاق، وهو موضع الشاهد هنا.
3 -
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فقال: يا أصحاب اليمين، فاستجابوا له، فقالوا: لببك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} قال: يا أصحاب الشمال، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا؟ قال: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا د عَامِلُونَ} {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها). فقال قائل: يا رسول الله، فما الأعمال؟ قال:(يعمل كل قوم لمنازلهم). فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (فالآن نجتهد في العبادة).
أخرجه الطبراني في الكبير 8: 287، (7940)(7943) من طريق جعفر بن الزبير، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي الله عنه. وأخرجه في الأوسط 7: 325 (7632) من طريق سلم بن سالم، عن عبد الرحمن، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي أمامة رضي الله عنه.
وأخرجه أبو الشيخ في (كتاب العظمة) 2: 598 (39) مختصرا دون موضع الشاهد.
وعزاه في (الدر المنثور) 6:660 إلى: عبد بن حميد، وابن مردويه.
والحديث أورده في مجمع الزوائد 7: 189، وقال:"رواه الطبراني في الأوسط والكبير باختصار، وفيه: سلم بن سالم، وهو: ضعيف، وفي إسناد الكبير: جعفر بن الزبير، وهو: ضعيف".
4 -
عن ابن عباس رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} إلى قوله: {الْمُبْطِلُونَ}).
وسيأتي برقم (90).
*****