الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الناس، وقالوا: يا رسول الله، فأينا لا يظلم نفسه؟! قال:(إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: {يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان: 13]، إنما هو الشرك)(1).
فلفظة: {ظلم} في آية الأنعام؛ نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، فخصَّ النبي صلى الله عليه وسلم هذا العموم، وبيَّن المراد به.
وقد عقد الخطيب البغدادي رحمه الله بابا في كتابه: (الكفاية في علم الرواية)(2)، فقال:"باب تخصيص السنن لعموم محكم القرآن، وذكر الحاجة في المجمل إلى التفسير والبيان".
4 - تقييدالمطلق:
ومن أمثلته: قوله تعالى في سياق أحكام المواريث: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: من آية 11] فلفظ {وَصِيَّةٍ} مطلق ورد الدليل من السنة بتقييده بالثلث، كما في حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعودني من وجع اشتد بي زمن حجة الوداع، فقلت: بلغ بي ما ترى، وأنا ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي، أفأتصدق بثلثي مال؟ قال:(لا) قلت: بالشطر؟ قال: (لا) قلت: الثلث؟ قال: (الثلث كثير، إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس)(3).
5 - بيان المجمل:
وأمثلته كثيرة، ومن أشهرها بيان السنة للأمر بالصلاة الوارد في القرآن، بذكر مواقيتها وصفتها تفصيلا، وشروطها، ونحو ذلك، وهكذا في الزكاة، والصيام، والحج.
(1) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (73).
(2)
ص 12.
(3)
أخرجه البخاري رقم (5668) في المرضى: باب قول المريض: إني وجع .. ، ومسلم رقم (1628) في الوصية: باب الوصية بالثلث.
ومن ذلك: فدية الأذى الواردة في قوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ
…
} [البقرة: 196] فالفدية مجملة جاء بيانها في السنة، كما روى عبد الله بن معقل قال: جلست إلى كعب بن عجرة رضي الله عنه فسألته عن الفدية؟ فقال: نزلت فيَّ خاصف وهي لكم عامة، حملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي، فقال:(ما كنت أرى الوجع بلغ بك ما أرى -أو ما كنت أرى الجهد بلغ بك ما أرى- تجد شاة؟) فقلت: لا، فقال:(فصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع)(1).
وعن الحسن البصري قال: بينما نحن عند عمران بن حصين رضي الله عنه قال له رجل: يا أبا نجيد، حدثنا بالقرآن، قال:(أليس تقرأ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] أكنتم تعرفون ما فيها؟ وما ركوعها وسجودها، وحدودها، وما فيها؟، أكنت تدري كم الزكاة في الورق والذهب، والإبل والبقر، وأصناف المال؟ شهدتُ ووعيتُ فرضَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في الزكاة كذا وكذا) قال الرجل: أحييتني يا أبا نجيد، أحياك الله كما أحييتني. قال الراوي: فما مات ذلك الرجل حتى كان من فقهاء السلمين (2).
(1) سيأتي بحثه -إن شاء الله- برقم (19).
(2)
أخرجه بهذا اللفظ: الخطيب في (الفقيه والمتفقه) 1: 238 رقم (238). وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 11: 255 رقم (20474)، وأبو داود رقم (1561) في الزكاة: باب ما تجب فيه الزكاة، والطبراني في الكبير 18: 219 رقم (547)، والخطيب في (الفقيه والمتفقه) 1: 236 - 238 رقم (235)(236)(237)، وغيرهم من طرق عن عمران رضي الله عنه بمعناه.