الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة التوبة
قال تعالى: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 3].
(98)
عن علي رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن يوم الحج الأكبر؟ فقال: (يوم النحر).
تخريجه:
أخرجه الترمذي (957) في الحج: باب ما جاء في يوم الحج الأكبر، وأعاده برقم (3088) في تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، قال: حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، حدثنا أبي، عن أبيه، عن محمد بن إسحاق، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه .. فذكره.
وأخرجه ابن أبي حاتم 6: 1747 (9226) من طريق عبد الوارث بن سعيد، به.
وعزاه في (الدر المنثور) 7: 235 إلى: ابن المنذر، وابن مردويه.
الحكم على الإسناد:
إسناد ضعيف، لما يأتي:
1 -
الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني، أبو زهير الكوفي (4).
أخرج مسلم في المقدمة ص 19 بسنده إلى الشعبي قال: حدثني الحارث الأعور الهمداني وكان كذاباً. وقال أبو إسحاق: زعم الحارث الأعور، وكان كذاباً. وكذبه ابن المديني وأبو خيثمة. وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، ليس بالقوي ولا ممن يحتج بحديثه. وضعفه ابن معين، وقال -في رواية-: ليس به بأس.
وقال أبو زرعة: لا يحتج بحديثه. وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع واهياً في الحديث.
وقال الذهبي -في الميزان-: "الجمهور على توهين أمره مع روايتهم لحديثه في الأبواب، فهذا الشعبي يكذبه ثم يروي عنه، ويعتقده بتعمد الكذب في الدين .. ثم إن النسائي وأرباب السنن احتجوا بالحارث، وهو ممن عندي وقفة في الاحتجاج به".
وقال الحافظ: كذبه الشعبي في رأيه، ورمي بالرفض، وفي حديثه ضعف. مات سنة 65 هـ.
ينظر: الجرح والتعديل 3: 78، كتاب المجروحين 1: 222، مقدمة مسلم ص 19، تهذيب الكمال 5: 244، السير 4: 152، الميزان 1: 435، الكاشف 1: 303، التهذيب 1: 411، التقريب ص 146.
2 -
محمد بن إسحاق هو ابن بسار المدني، أبو بكر -ويقال: أبو عبد الله- القرشي
المطلبي، الإمام المشهور صاحب المغازي.
وابن إسحاق قد كثر الكلام فيه، وقوي الخلاف في شأنه حتى أُفردت فيه رسالة علمية، لكن نجمل الكلام فيما يلي:
قال ابن معين: كان ثقة وكان حسن الحديث، وقال أحمد: هو حسن الحديث.
وقال البخاري: رأيت علي بن عبد الله يحتج بحديث ابن إسحاق.
وقال شعبة: ابن إسحاق أمير المؤمنن في الحديث لحفظه.
وقال يعقوب بن شيبة: سألت علي بن المديني قلت: كيف حديث محمد بن إسحاق عندك صحيح؟ فقال: نعم، حديثه عندي صحيح، قلت له: فكلام مالك فيه؟ قال علي: مالك لم يجالسه ولم يعرفه. وقال ابن سعد: كان ثقة، ومن الناس من يتكلم فيه.
وقال أبو زرعة الدمشقي: محمد بن إسحاق رجل قد اجتمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ عنه .. وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقاً وخيراً مع مدحه ابن شهاب له، وقد ذاكرت دحيماً قول مالك -يعني فيه- فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر.
وفي مقابل ما سبق قال عنه مالك: دجال من الدجاجلة، وفي رواية قال: كذاب، وقال الجوزجاني: الناس يشتهون حديثه، وكان يرمي بغير نوع من البدع.
وقال أبو داود: سمعت أحمد ذكر ابن إسحاق فقال: كان رجل يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه.
وتعقبه الذهبي فقال: هذا الفعل سائغ، فهذا الصحيح للبخاري فيه تعليق كثير.
وقال أحمد: كان ابن إسحاق يدلس إلا أن كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماعاً قال: حدثني، وإذا لم يكن قال: قال.
وقال أيضاً: أما ابن إسحاق فيكتب عنه هذه الأحاديث -يعني المغازي ونحوها- فإذا جاء الحلال والحرام أردنا قوماً هكذا، وضم يديه وأقام أصابعه الإبهامين.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال الخطيب: قد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها: أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه ..
وقال ابن عدي: قد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجد في أحاديثه ما يتهيأ أن يقطع عليه بالضعف، وربما أخطأ أو وهم في الشيء بعد الشيء كما يخطىء غيره، ولم يتخلف في الرواية عنه الثقات والأئمة، وهو لا بأس به.
وقال الذهبي -في تذكرة الحفاظ-: كان أحد أوعية العلم، حبراً في معرفة السير والمغازي، وليس بذاك المتقن، فانحط حديثه عن رتبة الصحة، وهو صدوق في نفسه مرضي .. والذي تقرر عليه العمل أن ابن إسحاق إليه المرجع في المغازي والأيام النبوية، مع أنه يشذ بأشياء، وأنه ليس بحجة في الحلال والحرام، نعم ولا بالواهي بل يستشهد به.
وقال في الميزان: الذي يظهر لي أن ابن إسحاق: حسن الحديث صالح الحال، صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة، فإن في حفظه شيئاً، وقد احتج به أئمة؛ فالله أعلم.
وفي (الكاشف): "كان صدوقاً من بحور العلم، وله غرائب في سعة ما روى تستنكر، واختلف في الاحتجاج به وحديثه حسن، وقد صححه جماعة".
وقال في السير: هذان الرجلان -يعني الإمام مالك وابن إسحاق- كل منهما قد نال من صاحبه، لكن أثر كلام مالك في محمد بعض اللين، ولم يؤثر كلام محمد فيه ولا ذرة، وارتفع مالك وصار كالنجم، والآخر فله ارتفاع بحسبه، ولاسيما في السير، وأما في أحاديث الأحكام فينحط حديثه فيها عن رتبة الصحة إلى رتبة الحسن إلا فيما شذ فيه فإنه يعد منكراً هذا الذي عندي في حاله، والله أعلم.
وقال الحافظ: إمام في المغازي، صدوق يدلس ورمي بالتشيع والقدر.
وعده في المرتبة الرابعة من مراتب المدلسين وهي: من اتفق على أنه لا يحتج بشيء من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع لكثرة تدليسهم عن الضعفاء والمجاهيل.
وبعد هذا: فيظهر أن ابن إسحاق إمام معتبر في المغازي والسير، وفي غيرها حديثه في درجة الحسن إذا عري عن التدليس والمخالفة ممن هو أوثق منه، وينظر فيما تفرد به.
وينظر تفصيل الأجوبة عما رمي به ابن إسحاق في مقدمة (عيون الأثر) لابن سيد الناس، وبيان السبب في طعن مالك فيه في (الثقات) لابن حبان.
توفي سنة 150 هـ، وقيل بعدها.
أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم متابعة والأربعة.
ينظر: التاريخ الكبير 1: 40، الجرح والتعديل 7: 191، طبقات ابن سعد 7: 321، الضعفاء والمتروكون للنسائي ص 230، الضعفاء الكبير للعقيلي 4: 23، الكامل 6: 102، الثقات لابن حبان 7: 380، تاريخ بغداد 1: 214، جواب الحافظ المنذري عن أسئلة في الجرح والتعديل ص 73 - 79، عيون الأثر 1: 54 - 67، تهذيب الكمال 24: 405، جامع التحصيل ص 261، السير 7: 33، الميزان 3: 468، تذكرة الحفاظ 1: 172، الكاشف 2: 156، ذكر أسماء من تكلم فيه وهو موثق ص 159، التهذيب 5: 28، التقريب ص 467، تعريف أهل التقديس ص 168، تعليق الشيخ/ أحمد معبد على النفح الشذي 2: 708 - 792.
وقد روى هنا بالعنعنة، وقد خولف فيه ابن إسحاق ممن هو أوثق منه، فقد رواه كل من:
1 -
سفيان الثوري.
أخرجه عنه عبد الرزاق في تفسيره 2: 267، وأخرجه الطبري 11:324.
2 -
سفيان بن عيينة.
أخرجه عنه: سعيد بن منصور 5: 238 (1008)، وأخرجه الترمذي (958) في الحج: باب ما جاء في يوم الحج الأكبر، وأعاده برقم (3089) في تفسير القرآن: باب ومن سورة التوبة، والطبري 11: 326، من طريق ابن عيينة.
3 -
معمر بن راشد.
أخرجه عنه: عبد الرزاق في تفسيره 2: 266.
4 -
مالك بن مغول.
أخرجه الطبري 11: 326.
كل هؤلاء الثقات الأثبات خالفوا ابن إسحاق، فرووه عن أبي إسحاق السبيعي، عن الحارث الأعور، عن علي رضي الله عنه موقوفا عليه.
والحديث رواه الترمذي -كما سبق- مرفوعا برقم (957)، ثم موقوفا برقم (958)، ثم قال عقبه:"وهذا -يعني الموقوف- أصح من الحديث الأول، ورواية ابن عيينة موقوفا أصح من رواية محمد بن إسحاق مرفوعا، هكذا روى غير واحد من الحفاظ عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه. موقوفا، وقد روى شعبة عن أبي إسحاق، قال: عن عبد الله بن مرة، عن الحارث، عن علي موقوفا".
فالمحفوظ في هذا الحديث الوقف، ولاشك في تقديم أولئك الأئمة الأثبات على ابن إسحاق.
وعلى هذا الوجه المحفوظ؛ فهو ضعيف الإسناد، لأن مداره على الحارث الأعور وفيه ما سبق.
ورواية شعبة التي أشار إليها الترمذي لا تقتضي اختلافا، بل تؤيد الوقف من إمام حافظ متقن، ولا مانع أن يكون أبو إسحاق سمعه من عبد الله بن مرة، عن الحارث، ثم سمعه من الحارث، ويكون من قبيل المزيد في متصل الأسانيد.
وعبد الله بن مرة، هو الهمداني الخارفي، ثقة، وأخرج حديثه الجماعة. ينظر: التقريب ص 322.
بل ربما تقدم رواية شعبة، لأن أبا إسحاق مشهور بالتدليس، واشتهر عن شعبة قوله: كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش، وأبي إسحاق، وقتادة.