الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5) التفسير العام:
وهو عموم سنته صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والتقريرية مما يفيد في بيان شيء من القرآن، ولا يندرج تحت شيء مما سبق.
فلا غنى للمفسر عن النظر في عموم سنته وسيرته صلى الله عليه وسلم، وما فيها من التطبيق العملي للقرآن الكريم، كما قال سعد بن هشام لعائشة رضي الله عنه: يا أم المؤمنن، أنبئيني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت:(ألست تقرأ القرآن؟) قلت: بلى، قالت:(فإن خلق نبي الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن)(1).
ويقول جابر رضي الله عنه في حديثه الطويل في سياق حجة النبي صلى الله عليه وسلم: (ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا، وعليه ينزل القرآن، وهو يعرف تأويله، وما عمل به من شيء عملنا به)(2).
قال الإمام الشافعي: "جميع السنة شرح للقرآن"(3).
وقال بعض السلف: "ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله"(4).
قال ابن تيمية رحمه الله: "اتفق الصحابة والتابعون لهم بإحسان وسائر أئمة الدين؛ أن السنة تُفَسِّر القرآن، وتبينه، وتدل عليه"(5).
(1) أخرجه أحمد 6: 53، ومسلم رقم (746) في صلاة المسافرين: باب جامع صلاة الليل، وأبو داود رقم (1342) في الصلاة: باب صلاة الليل، والنسائي رقم (1601) في قيام الليل وتطوع النهار: باب قيام الليل، وفيه قصة.
(2)
أخرجه مسلم رقم (1218) في الحج: باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم.
(3)
نقله عنه السيوطي في (الإكليل في استنباط التنزيل) 1: 237.
(4)
ذكره السيوطي في المرجع السابق 1: 238، ولم يسم القائل.
(5)
مجموع الفتاوى 17: 432.
وقال الشاطبي رحمه الله: "السنة إنما جاءت مبينة للكتاب وشارحة لمعانيه، ولذلك قال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، وقال: {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67]، وذلك التبليغ من وجهي: تبليغ الرسالة وهو الكتاب، وبيان معانيه، وكذلك فَعَل صلى الله عليه وسلم فأنت إذا تأملت موارد السنة وجدتها بيانا للكتاب، هذا هو الأمر العام فيها"(1).
وقال الشيخ ابن سعدي رحمه الله: "فهم المعنى والمراد منها -يعني الآيات القرآنية-؛ موقوف على معرفة أحوال الرسول، وسيرته مع قومه وأصحابه، وغيرهم من الناس، فإن الأزمنة والأمكنة والأشخاص تختلف اختلافا كثيرا.
فلو أراد الإنسان أن يصرف همه لمعرفة معاني القرآن من دون معرفةٍ منه لذلك؛ لحصل من الغلط على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وعلى مراد الله من كلامه، شيء كثير" (2).
ومما يصلح إيراده هنا؛ ما تقدم من أمثلة على التفسير النبوي الفعلي، ولعلي أضيف عليه ما جاء عن عائشة رضي الله عنها إنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن (3).
وفي لفظ عنها رضي الله عنها قالت: ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} [النصر: 1] إلا يقول فيها: (سبحانك ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي)(4).
(1) الموافقات 3: 230
(2)
تيسير الكريم الرحمن 1: 14
(3)
أخرجه البخاري رقم (817) في الأذان: باب التسبيح والدعاء في السجود، و (4968) في التفسير: سورة النصر، ومسلم رقم (484) (217) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود.
(4)
أخرجه البخاري رقم (4967) في التفسير: سورة النصر، ومسلم رقم (484) (219) في الصلاة: باب ما يقال في الركوع والسجود.