الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسا: التمييز بين أهل الجنة وأهل النار؛ بعد خلق آدم عليه السلام:
(92)
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن الله خلق آدم، ثم مسح ظهره بيمينه، فأخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون، ثم مسح ظهره، فاستخرج منه ذرية، فقال: خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون) فقال رجل: يا رسول الله، ففيم العمل؟ قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان الله إذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة، فيدخله الله الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار، فيدخله الله النار).
أخرجه مالك في الموطأ 2: 898 في القدر: باب النهي عن القول بالقدر، عن زيد بن أبي أنيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، أنه أخبره عن مسلم بن يسار الجهني، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية .. فذكره.
ومن طريق مالك؛ أخرجه: أحمد 1: 44، وأبو داود (4703) في السنة: باب في القدر، والترمذي (3075) في تفسير القرآن: باب ومن سورة الأعراف، وابن أبي عاصم في (السنة) 1: 87 (196)، والطبري 10: 553، والطحاوي في (مشكل الآثار) 10: 24 (3886)، وابن أبي حاتم في تفسيره 5: 1612 (8528)، وابن حبان في صحيحه -كما في الإحسان 14: 37 (6166) -، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 56، والحاكم في المستدرك 1: 27، 2: 324، والبيهقي في (الأسماء والصفات) 2: 143 (710).
وعزاه في (الدر المنثور) 6: 656 إلى: عبد بن حميد، وابن المنذر، وأبي الشيخ، وابن مردويه.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلا مجهولا".
وقال الحاكم -في الموضع الأول 1: 27 - : هذا حديث صحيح على شرطهما، ولم يخرجاه. وتعقبه الذهبي فقال: فيه إرسال.
وقال في الموضع الثاني 2: 324: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
وتعقبه ابن القيم في (شفاء العليل) ص 10، فقال:"وليس كما قاله، بل هو حديث منقطع".
وقال البيهقي: "في هذا إرسال، مسلم بن يسار لم يدرك عمر بن الخطاب رضي الله عنه".
وما أشار إليه الترمذي، أخرجه: أبو داود (4704) في السنة: باب في القدر، وابن أبي عاصم في (السنة) 1: 88 (201)، والطبري 10: 554، والطحاوي في (مشكل الآثار) 10: 25 (3887)(3888)، وابن عبد البر في (التمهيد) 6: 4، كلهم من طريق زيد بن أبي أنيسة عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن مسلم بن يسار، عن نعيم بن ربيعة الأزدي، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه به، بنحوه.
ورجح هذا الوجه -بذكر نعيم بن ربيعة-: الدارقطني في العلل 2: 221.
قال ابن عبد البر في (التمهيد) 6: 3: "هذا الحديث منقطع بهذا الإسناد، لأن مسلم بن يسار هذا لم يلق عمر بن الخطاب، وبينهما في هذا الحديث: نعيم بن ربيعة، وهو أيضا مع هذا الإسناد لا تقوم به حجة، ومسلم بن يسار هذا: مجهول، وقيل أنه مدني، وليس بمسلم ابن يسار البصري".
وقال بعد ذلك -6: 5 - : "زيادة من زاد في هذا الحديث: نعيم بن ربيعة، ليست حجة لأن الذي لم يذكره أحفظ وإنما تقبل الزيادة من الحافظ المتقن، وجملة القول في هذا الحديث أنه حديث ليس إسناده بالقائم، لأن مسلم بن يسار، ونعيم بن ربيعة، جميعا غير معروفين بحمل العلم، ولكن معنى هذا الحديث قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه كثيرة ثابتة يطول ذكرها".
وقال ابن كثير في تفسيره 3: 503: "الظاهر أن الإمام مالكا إنا أسقط ذكر نعيم بن ربيعة عمدا لما جهل حال نعيم ولم يعرفه، فإنه غير معروف إلا في هذا الحديث ولذلك يسقط ذكر جماعة ممن لا يرتضيهم، ولهذا يرسل كثيرا من المرفوعات، ويقطع كثيرا من الموصولات".
فالخلاصة:
أن هذا الحديث ضعيف، لأن مسلم بن يسار لم يدرك عمر رضي الله عنه، وعلى الوجه الثاني بجعل الواسطة نعيم بن ربيعة بينهما، فهو مجهول كما حكم عليه الترمذي، والذهبي، وفي التقريب: مقبول.
ينظر: جامع الترمذي رقم (3075)، الميزان 4: 270، التقريب ص 565.
وله طريق أخرى، أخرجها: الطبري 10: 554، وابن منده في (الرد على الجهمية) رقم (25)، من طريق عمارة بن عمير، عن أبي محمد رجل من أهل المدينة عن عمر رضي الله عنه، بنحوه، دون آخره، وهو قوله:(ففيم العمل؟ .. إلخ). والراوي عن عمر رضي الله عنه مجهول.
وأوردها ابن عبد البر في التمهيد 18: 81.
وورد في الباب أحاديث كثيرة، منها:
1 -
عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي -وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله تبارك وتعالى خلق آدم، ثم أخذ الخلق من ظهره، فقال: هؤلاء في الجنة ولا أبالي، وهؤلاء في النار ولا أبالي)، فقال رجل: يا رسول الله، فعلى ماذا نعمل؟ قال:(على مواقع القدر).
وهو الشاهد السادس تحت الحديث رقم (89).
2 -
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فقال: يا أصحاب اليمين، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} قال: يا أصحاب الشمال، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا؟ قال: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}، ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها). فقال قائل: يا رسول الله، فما الأعمال؟ قال:(يعمل كل قوم لمنازلهم). فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إذن نجتهد).
وهو الشاهد الثالث تحت الحديث رقم (88).
3 -
عن هشام بن حكيم، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار).
وهو الشاهد الرابع تحت الحديث رقم (89).
4 -
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله آدم حين خلقه؛ فضرب كتفه اليمنى، فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر، وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحممة، فقال للذي في يمينه: إلى الجنة ولا أبالى، وقال للذي في كتفه اليسرى: إلى النار ولا أبالي).
وهو الشاهد السابع تحت الحديث رقم (89).
5 -
عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله جل ذكره يوم خلق آدم قبض من صلبه قبضتين، فوقع كل طيب في يمينه، وكل خبيث بيده الأخرى، فقال: هؤلاء أصحاب الجنة ولا أبالى، وهؤلاء أصحاب النار ولا أبالى، ثم أعادهم في صلب آدم، فهم ينسلون على ذلك إلى الآن).
أخرجه ابن أبي عاصم في (السنة) 1: 89 (203)، والبزار في مسنده (البحر الزخار) 8: 46 (3032)، والطبراني في الأوسط 9: 147 (9375)، والآجري في (الشريعة) 2: 751 (332)، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 57، كلهم من طريق روح بن المسيب عن يزيد الرقاشي، عن غنيم بن قيس، عن أبي موسى رضي الله عنه به.
قال الطبراني عقبه: لا يروى هذا الحديث عن أبي موسى إلا بهذا الإسناد، تفرد به: روح بن المسيب.
ويزيد بن أبان الرقاشي، ضعيف جدا، وتركه بعضهم، قال شعبة: لأن أزني أحب إليّ من أن أحدث عن يزيد الرقاشي.
ينظر: تهذيب الكمال 32: 64، التقريب ص 599.
وروح بن المسيب؛ ليس بالقوي. وقال ابن عدي: يروي عن ثابت ويزيد الرقاشي أحاديث غير محفوظة.
ينظر: الكامل لابن عدي 3: 143، اللسان 2:468.
6 -
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في القبضتين: (هذه في الجنة ولا أبالي، وهذه في النار ولا أبالي).
أخرجه البزار، كما في (مختصر زوائد البزار) 2: 147 رقم (1592)، وعزاه في (الدر المنثور) 6: 670 إلى: الطبراني -ولم أجده فيه-، وابن مردويه.
وقال في (مجمع الزوائد) 7: 186: "رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح غير نمر بن هلال، وثقه أبو حاتم".
وصححه ابن حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 147.
7 -
عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في القبضتين:(هؤلاء لهذه ،وهؤلاء لهذه).
قال: فتفرق الناس، وهم لا يختلفون في القدر.
أخرجه البزار كما في (مختصر زوائد البزار) 2: 147 رقم (1593)،، والطبراني في الصغير 1: 225 (362).
وقال في (مجمع الزوائد) 7: 186: "رواه البزار والطبراني في الصغير، ورجال البزار رجال الصحيح ".
وصححه ابن حجر في (مختصر زوائد البزار) 2: 148.
8 -
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لما خلق الله آدم؛ ضرب بيده على شق آدم الأيمن، فأخرج ذرأ كالذر، فقال: يا آدم، هؤلاء ذريتك من أهل الجنة، ثم ضرب بيده على شق آدم الأيسر، فأخرج ذرأ كالحمم، ثم قال: هؤلاء ذريتك من أهل النار).
وهو الشاهد الثامن تحت الحديث رقم (89).
9 -
عن أي نضرة، أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: أبو عبد الله، دخل عليه أصحابه يعودونه، وهو يبكي، فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن الله قبض بيمينه قبضة وأخرى باليد الأخرى فقال: هذه لهذه وهذه لهذه ولا أبالى). فلا أدري في أي القبضتين أنا.