الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثا: إشهادهم على أنفسهم:
(90)
عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله أخذ الميثاق من ظهر آدم بنعمان يوم عرفة، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها، فنثرها بين يديه كالذر، ثم كلمهم قبلا، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} إلى قوله: {الْمُبْطِلُونَ}).
أخرجه أحمد 1: 272، وابن أبي عاصم في (السنة) 1: 89 (202)، والنسائي في الكبرى 10: 102 (11127)، والطبري 10: 547، وابن منده في (الرد على الجهمية) ص 57، والحاكم في المستدرك 2: 544، وعنه: البيهقي في (الأسماء والصفات) 1: 518 (441) و2: 149 (714)، كلهم من طريق: كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما به، بنحوه.
وعزاه في (الدر المنثور) 6: 657 إلى: ابن مردويه.
وقال النسائي: كلثوم هذا ليس بالقوي، وحديثه ليس بالمحفوظ.
وقال الحاكم: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه. وأقره الذهبي.
وكلثوم بن جبر؛ هو البصري، مختلف فيه، وفي التقريب: صدوق يخطىء. وهو من رجال مسلم.
ينظر: تهذيب الكمال 24: 200، التقريب ص 462.
والحديث اختلف في رفعه ووقفه، قال ابن كثير في تفسيره 3: 501: "وقد رواه عبد الوارث، عن كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، فوقفه.
وكذا رواه: إسماعيل بن علية، ووكيع، عن ربيعة بن كلثوم بن جبر، عن أبيه، به.
وكذا رواه: عطاء بن السائب، وحبيب بن أبي ثابت، وعلي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس.
وكذا رواه: العوفي، وعلي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، فهذا أكثر وأثبت، والله أعلم".
وقال في (البداية والنهاية) 1: 211 عن هذا الحديث: "إسناده جيد قوي على شرط مسلم"، ثم ذكر الاختلاف فيه بنحو ما سبق، ورجح الوقف.
قلت: والموقوف في هذا له حكم الرفع، لأنه مما لا يقال من قبل الرأي، لكن عرف عن ابن عباس الأخذ عن بني إسرائيل مثل كعب الأحبار. وانظر الحديث رقم (265).
فائدة: قوله: "أخذ الميثاق من ظهرآدم"؛ قال السندي في حاشيته على المسند: أي من ذريته، سمي ظهرا لخروجهم منه (1).
وورد في الباب أحاديث، منها:
1 -
عن هشام بن حكيم، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتبتدأ الأعمال أم قد قضي القضاء؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله أخذ ذرية آدم من ظهورهم، ثم أشهدهم على أنفسهم، ثم أفاض بهم في كفيه، فقال: هؤلاء في الجنة، وهؤلاء في النار، فأهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار).
وهو الشاهد الرابع تحت الحديث رقم (89). وسبق أنه مضطرب.
2 -
عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (خلق الله الخلق، وقضى القضية، وأخذ ميثاق النبيين وعرشه على الماء، فأخذ أهل اليمين بيمينه، وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى، وكلتا يدي الرحمن يمين، فقال: يا أصحاب اليمين، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} قال: يا أصحاب الشمال، فاستجابوا له، فقالوا: لبيك ربنا وسعديك، قال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا}، فخلط بعضهم ببعض، فقال قائل منهم: رب لم خلطت بيننا؟ قال: {وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِنْ دُونِ ذَلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ} {أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} ثم ردهم في صلب آدم، فأهل الجنة أهلها، وأهل النار أهلها). فقال قائل: يا رسول الله، فما الأعمال؟ قال:(يعمل كل قوم لمنازلهم). فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إذن نجتهد.
وهو الشاهد الثالث تحت الحديث رقم (88). وسبق بيان ضعفه.
(1) بواسطة المسند المحقق 4: 268.
3 -
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم: ({وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} قال: أخذ من ظهره كما يؤخذ بالمشط من الرأس، فقال لهم: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} ، قالت الملائكة: {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ}).
وهو الشاهد الثالث تحت الحديث رقم (89). وسبق ترجيح وقفه.
ولكن الحديث يفيد أن الإشهاد كان من الملائكة.
فتحصل بعد هذا أنه ورد أربعة أحاديث في الإشهاد، وبه يستدرك على قول ابن كثير في تفسيره 3: 506: " .. فهذه الأحاديث دالة على أن الله عز وجل استخرج ذرية آدم من صلبه، وميز بين أهل الجنة وأهل النار، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم، فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبر، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما وفي حديث عبد الله بن عمرو-رضي الله عنهما، وقد بينا أنهما موقوفان لا مرفوعان".
وبهذا يتبين أنه لم يصح شيء صريح عن النبي صلى الله عليه وسلم في مسألة الإشهاد -فيما وقفت عليه- وربما يستدل البعض بحديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يقول لأهون أهل النار عذابا: لو أن لك ما في الأرض من شيء كنت نفتدي به؟ قال: نعم، قال: فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم؛ أن لا تشرك بي، فأبيت إلا الشرك)، وهو في الصحيحين، وقد تقدم برقم (88)، وقال الحافظ في شرح الحديث من الفتح 6: 369 في أحاديث الأنبياء: باب خلق آدم صلى الله عليه وسلم وذريته: "ومناسبته للترجمة من قوله: (وأنت في صلب آدم)، فإن فيه إشارة إلى قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ} [الأعراف: 172] ، الآية"، والله أعلم.
*****