الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحال أنهم ما كان لهم من دون الله أولياء ينصرونهم. ويمنعونهم من عذاب الله إن نزل بهم، بل اقتضت حكمته أن يؤخر عذابهم إلى يوم تشخص فيه الأبصار، يضاعف لهم العذاب ضعفين بالنسبة إلى عذاب الدنيا كل ذلك بسبب أنهم ما كانوا يستطيعون إصغاء السمع للقبول والبحث عن الحق، وما كانوا يبصرون طريق الحق والخير وينظرون إلى الآيات القرآنية، والآيات الكونية، وذلك أنهم استحوذ عليهم الباطل، وران على قلوبهم وفسدت نفوسهم حتى لم يعد فيها استعداد للخير أبدا، وليس المراد نفى السمع والبصر بل المعنى أنهم ما كانوا يستخدمونهما في إيصال المعلومات، وما كانوا يطيقون سماع الكلام ورؤية الآيات لفرط عنادهم وعتوهم وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ.
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ.
أولئك الذين وصفوا بما مضى قد خسروا أنفسهم، واشتروا الضلالة بالهدى، وأى خسارة أشد من خسارة الذي يصلى نارا حامية لا يموت فيها ولا يحيا؟!! لا جرم ولا شك أنهم في الآخرة الأخسرون أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا.
أما من كان على عكس هذا فالله يقول فيه: إن الذين آمنوا، وعملوا الصالحات وخشعوا له، واطمأنت نفوسهم بالإيمان، ولانت قلوبهم ووجلت بالقرآن أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون.
مثل الكافر والمؤمن كالأعمى والأصم، والسميع والبصير هل يستويان مثلا؟!! أتجهلون هذا المثل الحسن والفارق الكبير فلا تتذكرون؟
القصة في القرآن
إن من أغراض القرآن المهمة إثبات التوحيد، وما يتبعه من إثبات النبوة والبعث، والكلام في التشريع للفرد والجماعة والأمة، والقصص الخاص بالأمم السابقة وهو غالبا يساق في السور المكية والمبدوءة بأحرف مقطعة كهذه السورة مثلا.
وهنا يظهر سؤال لماذا سيقت القصة في القرآن؟ وما السر في اختلاف الأسلوب للقصة الواحدة، ولماذا كررت في عدة سور؟
لقد كان القصص في كل لغة لونا من ألوان الأدب الفنى الرائع، لما له من الأثر النفسي في قلوب سامعيه.
والقصص في القرآن ينبئنا عن أخبار الأنبياء والرسل، وما حصل لهم، وكيف قاموا بدعوتهم؟ وكيف عالجوا أزماتهم؟ وما انتهى إليه أمرهم، وعلى العموم فهو مدرسة إلهية معلموها الأنبياء، وتلاميذها الأمم.
ولقد سيقت للعبرة والعظة حيث يقف المسلمون والمشركون على أحوال من تقدمهم من الأمم فيعتبر ذوو الألباب ويتعظون، وفيها التسلية الكاملة للنبي صلى الله عليه وسلم وصحبه من حيث يقفون على أخبار الرسل وأممهم وكيف كانت العاقبة للمتقين، والدائرة على الكافرين المعاندين، وفي هذا تثبيت لهم وشحذ لعزائمهم فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ. وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ والعبرة والعظة تظهر في قوله تعالى لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ آخر سورة يوسف.
وقد سيقت القصة دليلا على صدق الرسول وأن خبره من السماء إذ هو يقص أخبارا ما كان يعلمها هو ولا أحد من قومه، ولا يكون هذا إلا بوحي من السماء تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ما كُنْتَ تَعْلَمُها أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هذا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ. ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَهُمْ يَمْكُرُونَ [يوسف: 102] وهي علاج للقلوب، ودواء للنفوس لما فيها من أخبار الأمم وما حل بالعاصين من عاجل بأس الله. فأهل اليقين وغيرهم إذا تلوها تراءى لهم من ملكه وسلطانه وعظمته وجبروته حيث يبطش بأعدائه ما تذهل منه النفوس. وتشيب منه الرؤوس
. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.