الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
هَوْناً المراد متواضعين بسكينة ووقار سَلاماً أى: خيرا من القول يَبِيتُونَ كل من أدركه الليل فقد بات وإن لم ينم غَراماً لازما لا يفترق يَقْتُرُوا القتر والإقتار والتقتير البخل، وهو ضد الإسراف قَواماً بفتح القاف: العدل والاستقامة، وبالكسر: ما يدوم عليه الأمر ويستقر.
وهذا بيان لصفات المؤمنين بعد ما تكلم على الكفار والمشركين، وبين أعمالهم واعتقادهم وما هم فيه، وما ينتظرهم من جزاء فكان ختاما للسورة على أتم ما يكون وأحسنه، وقد وصف الله المؤمنين هنا بتسع صفات، كلها ترجع إلى صفة الشخص وخلقه، وقد تعرض القرآن الكريم إلى صفات المؤمنين في عدة مواضع لاعتبارات مختلفة، فمرة يذكرهم كجماعة وأمة، ومرة كأفراد عاملين، وأخرى يذكر صفاتهم وأخلاقهم كما هنا- إن شئت فارجع إلى الآيات من سورة التوبة، والآيات 40، 41 من سورة الحج، وكذا أول سورة المؤمنون إلى آخر ما مضى وما مر عليك.
المعنى:
وعباد الرحمن- وهم المؤمنون حقا- الذين يفعلون كيت وكيت
…
أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، يلقّون فيها تحية وسلاما.
والعبودية للرحمن، أعلى صفة للإنسان: بل أعطيت لأكرم الرسل وخاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم انظر إلى قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ، تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ فدل ذلك على أن هذه الصفة من أشرف صفات المخلوقات، ولا تعطى إلا للمشتغلين بالعبودية حقا، وإلا فالكل عبد الله.
1-
الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً.. هم الذين يمشون في نهارهم مع الناس ويعاملونهم برفق ولين، ويمشون في سكينة ووقار، وخضوع وتواضع من غير أشر ولا بطر، ولا عجب ولا كبر، ولا يفسدون، ولا يتكبرون، ولا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب. أى: مرتفع.
2-
وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً أى: إذا تعرض لهم غيرهم من الناس بسوء ردوا عليه بالخير، وألقوا قولا فيه سلام وتسليم، وفيه العفو والصفح، فهم يقابلون السيئة بالحسنة حيث صدرت السيئة من جاهل حقيقة أو حكما وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ فإذا وصلت حالة إلى أنه لا يعتبر جاهلا بل قاصدا عامدا للإهانة فهم يعتزون بالله وبرسوله، ويدفعون عنهم الذل والعار، ويضربون على أيدى السفيه الأحمق المعاند حتى يكون عبرة له ولغيره.
3-
وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً وهذه صفة تختلف باختلاف الناس فمنهم من إذا صلّى العشاء في جماعة وأتبعها بسنتها ثم صلّى الفجر في جماعة كان متصفا بأنه بات لربه ساجدا وقائما، ومن الناس من يصدق فيهم قوله تعالى كانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ. تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وفي الحق أن كل نفس عليها ما تستطيعه بل وأقل منه حتى لا تنفر من العبادة، ولا يصيبها الملل والكسل.
وقد وصف الله عباده في النهار بالمشي هونا، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما، وفي الليل بأنهم يبيتون لربهم سجدا وقياما «عبّاد الليل وفرسان النهار» .
4-
وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً نعم هؤلاء هم عباد الرحمن حقا يفعلون من الخير ما يفعلون، ولكنهم دائما في حذر وخوف، ولا يأمنون مكر الله، إنه لا يأمن مكره إلا القوم الفاسقون، هؤلاء دائما يذكرون الله، ويخشون عذابه، ويقولون سائلين متضرعين: ربنا اصرف عنا عذاب جهنم الذي أعد للعصاة إن عذابها كان لازما لزوم الغريم، إنها ساءت مستقرّا ومقاما وهذه الآية كقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ [سورة المؤمنون آية 60] .
5-
وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً وتلك أساس الاقتصاد بل أولى دعائمه ساقها القرآن من أربعة عشر قرنا، وإن جهلها المسلمون ولم يعملوا بها حتى غزانا الأجنبى اقتصاديا كما غزانا سياسيا.
والدين كثيرا ما أمرنا به انظر إلى قوله تعالى: وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ. إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ من سورة