الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
أَنْ أَنْذِرُوا الإنذار التحذير مما يخاف منه دِفْءٌ الشيء الذي يدفئك جَمالٌ المراد هنا جمال الصورة وتركيب الخلقة تُرِيحُونَ الرواح رجوعها بالعشي من المرعى تَسْرَحُونَ السراح ذهابها بالغداة إلى المرعى أَثْقالَكُمْ أحمالكم بِشِقِّ الْأَنْفُسِ بمشقتها وغاية جهدها جائِرٌ أى: مائل إلى الحق وزائغ الْأَنْعامَ الإبل والبقر والغنم وهي الثمانية المذكورة في سورة الأنعام.
المعنى:
يقول الله- سبحانه وتعالى: أتى أمر الله، وتحقق مجيئه إذ خبر الله في الماضي والمستقبل سواء لأنه خبر الحق الآتي ولا شك فيه، وأمر الله هنا عقابه وعذابه لمن أقام على الشرك وتكذيب الرسول، وقد كان كفار مكة يستعجلون العذاب الذي وعدهم به رسول الله حتى قال النضر بن الحارث: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء.. وقيل أمر الله الآتي: هو قيام الساعة وما يتبعه من إحياء الموتى.
أتى أمر الله فلا تستعجلوه. سبحانه وتعالى عما يشركون أى: تنزيها له وتقديسا عما تشركون، فالله- سبحانه- هو الواحد الأحد. تبرأ من أن يكون له شريك أو ولد وتعالى جنابه عن الشركاء.
ولقد كان استعجال العذاب وقيام القيامة منهم تكذيبا للنبي واستهزاء بوعده، وذلك
لون من الشرك وضرب من الكفر، ولهذا قرن النهى عن الاستعجال بإثبات التنزيه له عن الشرك والتعالي عن الشركاء!! ينزل الملائكة بالروح من أمره والروح هو الوحى الذي يحيى القلوب كما تحيى الروح موات الأبدان، فالإنسان بلا روح جزء من طين أسود منتن، وهو- بلا وحى يهديه- ميت لا حياة فيه أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها فالروح الذي ينزل من أمره- سبحانه- هو الحياة والنور والهدى والقرآن ينزله على من يشاء من عباده، فالله أعلم حيث يجعل رسالته.
وينزل الملائكة بالروح من عنده أن أنذروا أهل الكفر بأنه لا إله إلا أنا فاتقون وبأن خافوا عقابي، وارجوا ثوابي.
وفي هذه الآية يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ توكيد لسابقتها وتفصيل لإجمالها ولذا فصل بينهما، ومن دلائل التوحيد ومظاهر القدرة أيضا.. خلق السموات وما فيها والأرضين وما فيها فقد خلق العالم العلوي، والعالم السفلى خلقهما بالحق الذي لا شك فيه لم يخلقهما عبثا، ولكن ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزى الذين أحسنوا بالحسنى، تعالى سبحانه وتسامى عما يشركون، إذ هو الذي خلق وحده فهو الذي يعبد وحده.
وأما أنت أيها الإنسان فمخلوق ضعيف مهين حقير، خلقت من نطفة مذرة ونهايتك جيفة قذرة خلقت من ماء مهين، وآخرك عظم رميم. فإذا أنت خصيم مبين؟؟
تخاصم ربك وتجادل رسله وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ؟ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وقد أتى أبى بن خلف الجمحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعظم رميم (بال متفتت) وقال: يا محمد أترى أن الله يحيى هذا بعد ما قد رم؟! ما أجهلك يا ابن آدم.
لما ذكر الإنسان وأصله ذكر ما منّ به عليه من نعم لا تحصى فذكر أنه خلق الأنعام، خلقها لكم يا بنى آدم فيها دفء من صوف ووبر، وجلد وشعر وبلحمها وشحمها تتولد الحرارة الكافية لنشاط الجسم، وفيها منافع، نعم في الأنعام منافع جمة
فهي عنصر للغذاء، وآلة للعمل، وناحية مهمة في الاقتصاد، ومركب ذلول في السفر، ومنها تأكلون لبنها وسمنها ولحمها وشحمها، ولبنها غذاء جيد نافع.
ولكم فيها جمال وزينة، وفرح ومسرة في رواحها بالعشي حيث تكون أبهى منظرا وأعلى أسنمة وأكثر لبنا، تملأ البيت ثغاء ورغاء والعين جمالا والنفس سرورا، ولذا قدم الرواح على السرور، وهي تحمل أحمالكم الثقيلة إلى بلد لم تكونوا بالغيه وحدكم إلا بالمشقة والتعب فالجمل سفينة الصحراء، ومركب الأعراب، ولقد أعده العليم الخبير للسير فيها أرأيت خفه الذي لا يغوص في الرمال وصبره على الجوع والعطش الأيام الطوال، إن ربكم لرءوف بكم رحيم. وخلق الخيل والبغال والحمير لتركبوها وتنتقلوا بها من مكان إلى آخر فتتخذونها للركوب والزينة، ومهما تعددت السيارات والدراجات فلا يزال للإبل والبغال والحمير مكانتها عند أصحابها وأربابها، ويخلق الله- سبحانه- غير ذلك مما لا تعلمون. أليس في هذا دليل على إعجاز القرآن الكريم؟ وأن خالقه يعلم بما كان وما سيكون فهذه العبارة جمعت الدراجة والسيارة والطيارة والسفينة وغير ذلك من المخترعات التي جدت وستجد وسبحان العليم البصير القوى القادر سبحانه وتعالى عما يشركون!.
ويستدل بعض الفقهاء بهذه الآية على عدم جواز لحوم الخيل والبغال والحمير لأنها خلقت للركوب والزينة بخلاف الأنعام.
يقولون من تداعى المعاني كلام الله- سبحانه- هنا على السبيل بخصوصه وإن كان ذلك من نعمه علينا بل هي نعمة من أجل النعم أن الله يهدينا إلى سواء السبيل.
وعلى الله وحده هدايتنا بواسطة رسله وكتبه إلى السبيل القصد والطريق الحق المستقيم إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى. وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ومن السبيل طريق جائر عن العدل والحق فلا تتبعوه. طريق الشيطان والنفس والهوى فلا تسلكوه.
ولو شاء ربكم لهداكم أجمعين على طريق الإلجاء والقسر، ولكنه بيّن وترك لك الاختيار ليجازيك عن عملك واختيارك وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً [سورة يونس آية 99] .