الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
حَصَبُ جَهَنَّمَ حطب جهنم ووقودها، وكل ما ألقيته في النار قد حصبتها به وارِدُونَ داخلون زَفِيرٌ الزفير: صوت نفس المغموم الذي يخرج من القلب حَسِيسَها صوتها وقيل: حركاتها مَا اشْتَهَتْ الشهوة: طلب النفس اللذة الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ هو النفخة الثانية نَطْوِي الطى ضد النشر السِّجِلِّ هو الصحيفة والمراد كطىّ الصحيفة على ما فيها من الكتابة الزَّبُورِ زبرت الكتاب أى كتبته، وعلى ذلك صح إطلاق الزبور على التوراة والإنجيل والقرآن
…
ترتيب عجيب محكم، هذه الآيات الكونية ناطقة بالتوحيد، وهؤلاء هم الرسل جميعا يدعون إليه فما حال من يشرك بعد ذلك؟!! لقد ذكرت الآيات مشهدا من مشاهد يوم القيامة تجلت فيه نهاية الموحدين والمشركين روى عن ابن عباس: أنه لما نزلت آية إِنَّكُمْ وَما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ شق على كفار قريش ذلك، وقالوا: شتم آلهتنا، وأتوا ابن الزبعرى وأخبروه فقال: لو حضرت لرددت عليه قالوا: وما كنت تقول؟ قال: كنت أقول له: هذا المسيح تعبده النصارى، وعزير تعبده اليهود، أفهما من حصب جهنم؟
فعجبت قريش من مقالته، ورأوا أن محمدا قد خصم، أى: غلب في المخاصمة، فأنزل الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى وفيها نزل وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا إِذا قَوْمُكَ مِنْهُ يَصِدُّونَ أى: يضجون من سورة الزخرف.
المعنى:
إنكم أيها الكفار والمشركون أنتم وما تعبدون من دون الله من صنم أو وثن أو شيطان أو حيوان أو نجم أو غيره حصب جهنم ووقودها فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ «1» أنتم جميعا لها واردون، وفيها داخلون. وانظر يا أخى إلى نار وقودها الناس والحجارة!! وقالوا: إن المراد بالحجارة حجارة الكبريت. وقانا الله شرها.
انظر إلىّ بعقلك، وتفهم قول الحق- تبارك وتعالى فإنه أوضح من الشمس.
(1) سورة البقرة الآية 24.
لو كان هؤلاء الذين عبدوهم آلهة تنفع وتضر كما هو مقتضى العبادة لما وردوا النار، ودخلها العابدون والمعبودون!! وكل منهم في جهنم خالدون معذبون عذابا شديدا، لهم فيها من شدة الكرب والهم- والعياذ بالله- زفير وشهيق، ولهم صوت يدل على شدة الألم، ومنتهى الهم والحزن، وهم فيها لا يسمعون بل هم صمّ بكم عمى وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [سورة الإسراء آية 97] .
هذه عاقبة الكفر ومآله.
أما من آمن وعمل صالحا فلا ضير عليه أبدا، وإن عبده غيره إذ لا ذنب عليه وما ذنب المسيح؟ والعزير، وعلى بن أبى طالب مثلا وما ذنب الملائكة التي عبدها بعض الناس؟! فهم داخلون الجنة في قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أى: الجنة بسبب أعمالهم الطيبة لا يسمعون صوت النار ولا يصيبهم شررها أولئك عنها مبعدون، وهم في جنات الخلد يمتعون بما اشتهته أنفسهم، وبما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ
[سورة فصلت الآيتان 31 و 32] .
وهم فيها لا خوف عليهم ولا هم يحزنون أبدا، لا يحزنهم الفزع الأكبر، والهول الأعظم الذي ينتاب غيرهم فيزلزل قلوبهم، ويهز كيانهم، وتتلقاهم الملائكة بالبشر والترحاب مسلمين عليهم سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ [سورة الزمر آية 73] قائلين لهم: هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ فيه الكرامة والمثوبة والحسنى.
وهذا كله يكون يوم يطوى الله السماء ويضعها بعد نشرها كما نرى، كطي الصحيفة للكتاب المكتوب فيها، إنه لتصوير رائع لقدرة القادر الذي يطوى عوالم السماء كما تطوى صحيفة كتابك! سبحانك يا رب! إنك على كل شيء قدير.
طويت السماء بعد أن كانت منشورة، وأعدت الخلق أحياء كما كانوا في الدنيا، تعيد الخلائق كما بدأتها تشبيها للإعادة بالبدء في تناول القدرة لهما على السواء فكما أوجدت الخلائق أولا من العدم إلى الوجود تعيدها كذلك من العدم إلى الوجود بل