الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
أَوْدِيَةٌ جمع واد وهو المنفرج بين مرتفعين الذي يسيل فيه الماء بِقَدَرِها بمقدارها الملائم لها زَبَداً الزبد ما يعلو وجه الماء، ويقال له الغثاء والرغوة رابِياً منتفخا زائدا بسبب انتفاخه جُفاءً والجفاء ما يرمى به الوادي من الزبد والغثاء.
بعد أن ضرب الله مثل الأعمى والبصير للمؤمنين والكافرين، ومثل النور والظلمات للإيمان والكفر. ضرب هنا مثلا للحق وأهله وللباطل وحزبه.
المعنى:
مثل الله- تبارك وتعالى الحق الذي هو القرآن الكريم في نزوله من عند الله واستقراره في قلوب المؤمنين، وثباته فيها وانتفاعهم به بمقدار الحكمة موزونا بميزان العلم والمعرفة كُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ في المعاش والمعاد بالماء النازل من السماء السائل في أودية سيلانا مقدرا، هذا المقدار هو المناسب لكل واد حتى لا يحصل خطر من سيلان الماء فيه، ولأمر ما كان القرآن كالماء، وما ذاك إلا لأن الماء عليه قوام الحياة وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ والقرآن عليه نظام الكون وحياة العالم أجمع.
ومثل القرآن كذلك بالمعدن النافع من ذهب أو فضة أو حديد أو نحاس فهذا كله فيه خير الناس وينتفعون به في الحلية والمتاع وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ [سورة الحديد آية 25] .
ومثل الباطل في سرعة زواله وعدم فائدته بالزبد الطافي فوق الماء، والغثاء الطافي فوق المعدن عند انصهاره بالنار فكل منهما خبيث سريع الزوال لا ينتفع به صاحبه ولا يؤثر على الماء الصافي ولا على المعدن الخالص.
وهاك المثل بعبارة القرآن الكريم مشروحة شرحا أسأل الله أن أكون موفقا فيه أنزل الله- سبحانه وتعالى من السماء ماء هو ماء المطر فسالت بذلك أودية خاصة- لا كل الأودية- بقدرها أى: بمقدارها الذي عرف الله أنه نافع غير ضار انظر إلى قوله:
وَأَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ وفي هذه العبارة تجوّز إذ الذي يسيل هو الماء، فاحتمل السيل الجاري في تلك الأودية زبدا وغثاء ورغوة مرتفعة رابية طافية فوق سطح الماء وهكذا الباطل يرتفع في أول الأمر ثم لا يلبث أن يمحى ويضيع ولا يبقى إلا الحق مثل الزبد يطفو ويعلو ثم يذهب ويبقى الماء وهل يؤثر الزبد على الماء لا. كذلك الباطل.
وهناك زبد وغثاء آخر يطفو فوق المعدن الذي يسيل بواسطة النار هذا الزبد ينشأ مما يوقدون عليه في النار من ذهب وفضة أو حديد ونحاس وغيره يوقدون عليه لأجل الحلية في الذهب مثلا أو للمنفعة في الحديد، والأبحاث العلمية التي استخدمت الحديد والمعادن في هذه النهضة الحديثة شاهد عدل على ذلك.
مثل ذلك التصوير الفنى الرائع يضرب الله مثلا للحق والباطل فأما عاقبة كل وهي التي تدفع العقلاء إلى اتباع الحق وأهله، والبعد عن الباطل وحزبه فها هي ذي.
فأما الزبد الذي يعلو فوق الماء أو على المعدن فيذهب جفاء مرميا به بسرعة إذ لا خير فيه ولا نفع.
أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ويبقى فيها، والعاقبة له مهما علا الباطل، نعم أما الماء فيبقى في الأرض للانتفاع به في الشرب والسقي بأى صورة كانت بواسطة الآبار إن غار في الأرض وأخذا باليد إن بقي على ظهرها وهكذا المعدن شأنه كالماء.
أما الحق والقرآن أمام الشرك وزخرف الباطل فهما الباقيان النافعان المفيدان للناس