الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
الشَّاهِدِينَ الحاضرين قُرُوناً أمما فَتَطاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ أى طال عمرهم ثاوِياً مقيما يقال ثوى بالمكان يثوى به أقام فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ المراد فإن لم يفعلوا تَظاهَرا تعاونا وَصَّلْنا لَهُمُ الْقَوْلَ أتبعنا بعضه بعضا في الإنزال ليتصل التذكير.
وهذا لون من العبرة بقصة موسى، ونتيجة عامة لسوقها، إذ هي من الأدلة على صدق الرسول حيث قص أخبارا صادقة عن قوم لم يشهدهم ولم يكن معهم، ولم ترو له أخبارهم، فلم يبق إلا الوحى مصدرا لهذا كله، وفي ذلك عبرة وعظة، ودليل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا أيضا شروع في بيان أن إنزال القرآن الكريم جاء في زمن، الحاجة فيه ماسة وداعية إليه.
المعنى:
وما كنت يا محمد بجانب المكان أو الجبل الغربي وقت أن قضينا إلى موسى الأمر، وألزمناه العهد، وأنزلنا عليه الحكم، وما كنت من الحاضرين لذلك فتعلمه وتخبر به، ولكنا أوحيناه إليك وأعلمناك بخبره ليكون معجزة لك، وشاهد صدق على نبوتك، وكانت الحاجة القصوى داعية إلى ذلك حيث طال العهد فقست قلوب الناس، وانتشر الفساد والظلم حتى عم العالم أجمع، وأصبح في ضلالة وجاهلية يتردى فيها، نعم تطاول على الناس العمر حتى نسوا ذكر الله، وقست قلوبهم فأرسل محمد صلى الله عليه وسلم مجددا العهد الإلهى، وداعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى
فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَلا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
[سورة المائدة آية 22] .
وما كنت مقيما في أهل مدين مع شعيب تتلو عليهم آياتنا حتى تقص خبرهم أحسن القصص على أهل مكة، ولكنا (أى: الله جل جلاله كنا مرسلين لك، وموحين إليك بأخبارهم حجة قوية على صدقك.
وما كنت بجانب الطور إذ نادينا موسى وقلنا له: خذ الكتاب أى: التوراة بقوة وما كنت معه حتى تشاهد ما حصل له ثم تخبر الناس به، ولكن أرسلناك رحمة من ربك للعالمين، ولتنذر قوما هم العرب، ما أتاهم من نذير قبلك، رجاء أن يتذكروا ويؤمنوا بالله العزيز الحميد، والعرب على الصحيح لم يأت لهم نذير بعد إسماعيل- عليه السلام بناء على أن موسى وعيسى كانت رسالتهما لبنى إسرائيل فقط، ومن هنا ندرك الحاجة القصوى لإرساله صلى الله عليه وسلم للعرب ولولا أن الناس وبخاصة العرب يقولون: هلا أرسلت إلينا يا رب رسولا من عندك يبشرنا وينذرنا، ويهدينا بالكتاب الذي معه إلى الصراط المستقيم، فنتبع آياتك ونؤمن برسلك، ونكون من عبادك المؤمنين الصادقين غير المغضوب عليهم ولا الضالين.. لولا قولهم هذا عند إصابة العقوبة لهم بسبب ما جنته أيديهم ما أرسلناك للناس رسولا، ولكن لما كان قولهم هذا محققا لا محيد عنه أرسلناك قطعا لأعذارهم بالكلية رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [سورة النساء آية 165] . أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ أَوْ تَقُولُوا لَوْ أَنَّا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْكِتابُ لَكُنَّا أَهْدى مِنْهُمْ فَقَدْ جاءَكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ.. [سورة الأنعام الآيتان 156، 157] .
وهذا من أسباب إرسال الرسل، وبيان للحاجة الداعية إليهم.
فلما جاء أهل مكة الحق من عندنا، والنور الذي أنزل على رسولنا، قالوا: لولا أوتى مثل ما أوتى موسى من قبل كالعصا واليد وغير ذلك من الآيات التي أنزلت معجزة لموسى
…
عجبا لهؤلاء المشركين! أو لم يكفروا بما أوتى موسى من قبل ولم يؤمنوا به، وقيل المعنى: فلما جاء أهل الكتاب الحق والقول الصدق على يد محمد، وكانوا يستفتحون به على الذين كفروا، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، وقالوا لولا أوتى