الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْباطِلُ
بطل واضمحل وَنَأى بِجانِبِهِ النأى: البعد. والمراد لوى عنه عطفه، أى: جانبه وولاه ظهره، وهو تأكيد للإعراض شاكِلَتِهِ طريقته.
تقدم ذكر المعاد والجزاء وبعض الإلهيات، وهنا ذكر أشرف الطاعات وهي الصلاة وبعض التعليمات الإلهية مع بيان شرف القرآن وسمو الروح، وهذا هو العلاج لثبات المسلم على الطريق الحق.
المعنى:
يا أيها النبي أقم الصلاة، وأت بها مقومة تامة الأركان مستوفية الشروط والآداب فهي عماد الدين، وصلة العبد بخالقه. والأمر للنبي صلى الله عليه وسلم أمر لأمته، وإنما خص به لمكانة المأمور بها وهي الصلاة.
أقم الصلاة من دلوك الشمس- وهو زوالها عن كبد السماء- إلى غسق الليل واجتماع الظلمة ولعل السر في التعبير باللام بدل من قوله دلوك: الإشارة إلى أن الوقت سبب في إقامة الصلاة، وشرط فيها.
وأقم قرآن الفجر والمراد صلاة الصبح، إن قرآن الفجر كان مشهودا من الملائكة حرس الليل وحرس النهار، ومن يوفق لصلاة الفجر، والتعبد في السحر والتهجد في الليل يدرك السر ويشعر بأنها صلاة مشهودة، ودرجة مرفوعة، وفقنا الله لها.
وبعض الليل فتهجد بالقرآن والصلاة نافلة زائدة عن الفرائض المطلوبة، عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا. وعسى من الكريم إطماع محقق الوقوع، والمقام المحمود والمكان المرموق والمركز المعلوم المعد للنبي صلى الله عليه وسلم مقام الشفاعة التي يتخلى عنها كل نبي ورسول، قائلا للخلق: عنى عنى اذهبوا إلى غيرى. ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم أنا لها:
فيشفع للخلق جميعا حين يضيق بهم الأمر. وتدنو الشمس من الرءوس، ويتمنون الانصراف ولو إلى النار، وقيل المقام المحمود غير ذلك.
وقل يا محمد: رب أدخلنى مدخل صدق الذي وعدتني به، وأخرجنى مخرج صدق وإضافة المدخل والمخرج إلى الصدق لأجل المبالغة، والآية تشمل كل مدخل للنبي وكل
مخرج، كدخوله المدينة، وخروجه من مكة مثلا، واجعل لي في هذا سلطانا وحجة قوية.
وقل يا محمد: جاء الحق وزهق الباطل وقد قالها النبي صلى الله عليه وسلم حين كسر الأصنام وهو يفتح مكة.
والمراد بالحق: الإسلام أو كل ما هو حق. والمراد بالباطل: الشرك أو كل متناف مع الحق، إن الباطل شأنه الزهوق، وعدم الثبات.
واعلموا أن القرآن هدى وشفاء لما في الصدور ورحمة وخير للمؤمنين. وهو الوسيلة إلى الله والدواء والعلاج من كل داء فالله يقول: وننزل من القرآن ما هو شفاء من كل داء نفسي ورسمي وشفاء من كل مرض، وعلاج للأمة والفرد ورحمة للمؤمنين وقد كان رحمة وأى رحمة فهو الذي أخرج العرب الجاهلين الحفاة العراة إلى أمة ذات علم وحضارة وعز وسلطان، قهرت الأكاسرة والقياصرة، فهو الرحمة للناس جميعا خاصة المؤمنين وهو السبيل لاكتساب الدين والدنيا.
هذا مع المؤمن الذي يتوجه إليه بقلب خال من الكبر والحسد والبغضاء وحب الرياسة أما مع هذه الأمراض فلا يزيد الظالمين أصحابها إلا خسارا وعتوا واستكبارا.
وإذا أنعمنا على الإنسان أعرض عن ذكر الله متكبرا.؟ ونأى بجانبه وولى ظهره، وتلك عادة المتكبرين، وإذا مسه الشر من فقر أو مرض كان شديد اليأس قانطا من رحمة الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون.
قل كل يعمل على شاكلته وطريقته التي جبل عليها فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا، وأقوم طريقا وهو يجازى كلا على قدر عمله وإخلاصه..
ولقد كانت اليهود تكثر من سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح وحقيقتها، الروح التي بها يحيا الجسم ويتحرك.
والقرآن يرشدهم إلى ما هو خير لهم وأجدى عليهم فليس هو كتاب علم تحدد فيه الحقائق العلمية الدقيقة، وإنما هو كتاب هداية وإرشاد يبحث الأشياء بحثا يتفق مع المصلحة الدينية العامة، على أن حقيقة الضوء والظلام والكهرباء لم تعرف إلى الآن، وإنما عرفناها بآثارها وشواهدها.