الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَكِينٍ
المراد الرحم طَرائِقَ جمع طريقة والمراد السموات السبع، سميت بذلك لأن بعضها فوق بعض بِقَدَرٍ بمقدار معلوم عندنا طُورِ سَيْناءَ طور سيناء، وَصِبْغٍ كل إدام يؤتدم به فهو صبغ، وأصل الصبغ ما يصبغ به الثوب أى يلون، وشبه الإدام به لأن الخبز يلون به إذا غمس فيه.
لقد أمر الحق- تبارك وتعالى بالإيمان وبالاتصاف بشعبه المهمة التي تكون المؤمن الصالح ببيان صفات المؤمنين التي هي سبب في فلاحهم وفوزهم. وذلك في الآيات السابقة. وهذا لا يتم إلا بعد معرفة الإله معرفة حقيقة والإيمان به والاستدلال على ذاته الكريمة وصفاته الجليلة كالقدرة والوجدانية، والعلم والحكمة وغيرها. ولذا ترى القرآن الكريم أخذ يسوق الأدلة على ذلك في خلق الإنسان، وفي تكوين السموات وفي نزول الأمطار وخروج النبات، وفي خلقه الحيوان ومنافعه.
المعنى:
ولقد خلقنا الإنسان، وقلبناه في أدوار الخلقة وأطوار الفطرة. أفلا يكون ذلك دليلا كافيا على وحدانيته تعالى: واتصافه بكل كمال، وتنزهه عن كل نقص؟ هذه الأطوار كل طور فيها لا يمت إلى الآخر بصلة.
لقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين. ومن هو الإنسان؟ أهو آدم أم أولاده أو هو لفظ عام شامل للكل؟
أما آدم فخلق من طين لازب إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ [سورة ص الآيتان 71 و 72] .
وأما أولاده فقد خلقت من منى يمنى، وهذا المنى من الدم، والغذاء سواء كان نباتا أو حيوانا مصدره الأرض، إذا الإنسان مطلقا خلق من طين كما نصت الآية وعلى ذلك نفهم قوله تعالى خُلِقَ مِنْ ماءٍ دافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ أى: صلب الرجل وترائب المرأة أى: عظام صدرها، مع قوله: وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ [السجدة 7 و 8] .
تلك نظرية القرآن- كلام الله الذي خلق الإنسان من العدم- في وضوحها وهي لا تعارض بنظرية النشوء والارتقاء في تكوين الإنسان إذ أنها بنيت على الحدس والتخمين
حيث يظن أن أصل الإنسان حيوان ارتقى، والواقع لا يشجعنا على هذا على أن نظرية القرآن تكرم الإنسان على الخلق كلهم إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي.
ثُمَّ جَعَلْناهُ نُطْفَةً فِي قَرارٍ مَكِينٍ نعم هو قرار مكين حقا فالجنين يوضع في كيس (المشيمة) وهذا الكيس فيه ماء قليل حامل للطفل وحافظ له من الحركات العنيفة، وتقلبات الأم الشديدة، وهذا الكيس في الرحم، والرحم مغلق وهو في الحوض، أفلا يكون هذا في قرار مكين؟ ومع هذا كله فالجنين يتغذى ويتنفس بعد مدة من الزمن أما كيف يتنفس؟ فهذا دليل على القدرة التي لا تحد!.
ثم خلقنا النطفة التي هي حيوان منوي واحد من ملايين تنزل من الرجل علقة أى:
جعلناها علقة فحولنا النطفة من صفاتها إلى صفات العلقة، وهي الدم الجامد.
فخلقنا العلقة مضغة: أى جعلناها قطعة لحم قدر ما يمضغ بعد أن كانت جزءا من الدم الجامد.
فخلقنا المضغة عظاما، ومن الذي كون العظام من اللحم؟، والعظام لها طابع خاص ومكون من مواد تختلف عن مواد اللحم، إنه الخالق- سبحانه وتعالى.
فكسونا العظام لحما، نعم قد كسى العظام باللحم والعصب. إنه نظام دقيق جدا يعرفه من مارس صنع الآلات، وحاجتها الشديدة إلى ما يشبه المفاصل في الإنسان إنه تركيب دقيق، وصنعة محكمة! والطب الحديث أثبت أن العظم يتكون أولا ثم يكسى باللحم فمن علم ذلك النبي الأمى؟! إنه الله!! ثم أنشأناه خلقا آخر، نعم ثم بعد هذا أنشأناه خلقا آخر يسمع ويتحرك ويتنفس وكان قبل هذا قطعة لحم بدون حياة كاملة ثم بعد ذلك نزل من بطن أمه للحياة يسعى ويعمل، وصار في وضع لو دخل في بطن أمه لحظة بعد خروجه لمات لساعته، سبحانك يا رب!! وانظر إلى التعبير بثم هنا، وبالفاء قبله!! فالفاء للترتيب مع التعقيب، وثم للترتيب مع التراخي فتبارك الله أحسن الخالقين. نعم تعالى الله خالق هذا الإنسان، فالبركات والخيرات والنعم كلها منه- سبحانه وتعالى وهو المستحق للثناء والتعظيم والعبادة لا إله غيره، ولا معبود سواه.