الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
- لَلَجُّوا لتمادوا في باطلهم يَعْمَهُونَ يترددون ويتخبطون اسْتَكانُوا الاستكانة الخضوع مُبْلِسُونَ يائسون متحيرون لا يدرون ماذا يصنعون ذَرَأَكُمْ أنشأكم وخلقكم وبثكم أَساطِيرُ جمع أسطورة والمراد: أباطيلهم وترهاتهم مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ ملك كل شيء يُجِيرُ يمنع الغير يُجارُ عَلَيْهِ لا يمنع منه: يقال: أجرت فلانا على فلان إذا أغثته ومنعته منه تُسْحَرُونَ تخدعون وتصرفون عن طاعته وتوحيده.
المعنى:
هؤلاء القوم ليس لهم وجه من وجوه الحق في كفرهم بالنبي والقرآن الذي أنزل عليه تشريفا لهم وتكريما، وهداية لهم ونورا.
ومع هذا كله فهم مصرون على الشرك والكفر به، والتمادي في الباطل، ولو رحمناهم، وأزحنا عنهم الضر، وأ فهمناهم القرآن لما انقادوا له، ولا استمروا على كفرهم وطغيانهم وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ [الأنفال 23] وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ [سورة الأنعام آية 28] .
ولقد أخذناهم بالعذاب، وابتليناهم بالمصائب الشداد رجاء أن يثوبوا لرشدهم
ويرجعوا عن غيهم، فما ردهم ذلك عما كانوا فيه، وما استكانوا لربهم، وما كانوا يتضرعون فَلَوْلا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا وَلكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ [سورة الأنعام آية 43] .
حتى إذا جاءهم أمر الله، وجاءتهم الساعة بغتة، فأخذهم من عذاب الله ما أخذهم، وفتح عليهم باب ذو عذاب شديد، عند ذلك أبلسوا من كل خير، ويئسوا من كل راحة وانقطع أملهم، ونفد رجاؤهم فأصبحوا حيارى لا يدرون ماذا يفعلون؟!! يا للعجب هذا حالهم!! والله- سبحانه وتعالى هو الرحمن الرحيم صاحب النعم على الناس جميعا، فهو الذي أنشأ لكم السمع والأبصار والأفئدة لكي تعلموا ما حولكم، وتنظروا وتفكروا في هذا الكون وما فيه من آيات شاهدة ناطقة بوحدانية الله وأنه الفاعل المختار، ما أقل شكركم على نعمه عليكم، وما تشكرون إلا شكرا قليلا، بل إنكم تكفرون به.
وها هي آيات الله الناطقة بقدرته التامة، فهو الذي خلقكم وأنشأكم في الأرض تعمرونها، على اختلاف أشكالكم وألوانكم ولغاتكم ثم إليه وحده تحشرون وتجمعون
…
وهو الذي يحيى الأحياء، ويميت الموتى، وله وحده اختلاف الليل والنهار وله وحده يرجع الفضل في اختلافهما، وتعاقبهما كل منها يطلب الآخر طلبا حثيثا ينظام دقيق، لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ [سورة يس آية 40] .
ومع هذا كله فقد أنكروا البعث واستبعدوه لما قالوا: من يحيى العظام وهي رميم؟
قالوا مثل ما قال الأولون السابقون لهم من الأمم قالوا: أإذا متنا، وكنا ترابا، وعظاما بالية، أننا لمبعوثون أحياء؟ وقالوا: لقد وعدنا نحن وآباؤنا مثل هذا من قبل كثيرا، ولم يتحقق شيء منه كأنهم لغباوتهم يفهمون أن الإعادة في الدنيا، وقد قالوا: ما هذا الوعد الذي نسمعه إلا أساطير الأولين، وأحدوثة من أحاديثهم المكذوبة..
ثم يقرر الحق- تبارك وتعالى وحدانيته، واستقلاله بالخلق والتصريف ليرشدهم
إلى أنه الله لا إله إلا هو، ولا معبود بحق سواه، ويجب أن تكون العبادة والتقديس له وحده.
ولهذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول للمشركين سائلا وملفتا نظرهم إلى أبسط الأمور:
لمن الأرض ومن فيها؟ إن كنتم تعلمون من خلقها وما فيها من الآدميين والحيوانات والنباتات وسائر الأصناف والأنواع؟!! سيقولون هذا كله لله، وهو الخالق البارئ المصور فاطر السموات والأرض تراهم يعترفون بأن ذلك كله لله وحده لا شريك له فإذا كان ذلك قل لهم يا محمد: أفلا تذكرون أن الذي خلق هذا كله هو الذي يجب أن يعبد وحده، وهذا مقتضى الفطرة التي فطر الناس عليها، وما إنكارها إلا ضرب من الغفلة علاجه التذكر.
وهذه الآية تشير إلى أنهم يعترفون لله بالربوبية، وأنه لا شريك له فيها، ويشركون معه غيره في الألوهية حتى عبدوا معه غيره مما لا ينفع ولا يضر، قل لهم أيضا: من رب السموات السبع، ورب العرش العظيم؟.
سيقولون في الإجابة: هي لله وحده.. قل لهم: أفلا تتقون؟ أى إذا كنتم تعترفون بأنه رب السموات ورب العرش العظيم أفلا تخافون عقابه؟ وتحذرون عذابه في عبادتكم معه غيره.
قل لهم: من بيده ملكوت كل شيء؟ من بيده الملك والتصريف؟ ومن إذا قال للشيء كن فيكون؟ وهو يجير ولا يجار عليه أن يغيث من يشاء ممن يشاء، ولا يغيث أحد منه أحدا، فهو العظيم القدير، له الخلق، والأمر، لا معقب لحكمه، ولا راد لقضائه ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
وهم سيقولون معترفين هذا لله وحده لا شريك له قل لهم فكيف تسخرون؟ ولأى شيء تذهب عقولكم في عبادتكم معه غيره مع اعترافكم الصريح له بأنه الخالق المالك.
ورب السموات السبع ورب العرش العظيم، وهو صاحب الملك والتصريف.
بل أتيناهم بالقول الحق والدليل الصدق، وهي تلك الآيات البينات السابقة، وهم مع ذلك كافرون، وفي هذا توعد لهم ووعيد..