الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
أُمَّتُكُمْ ملتكم حَدَبٍ أى: مرتفع شاخِصَةٌ يقال: أبصار وعيون شاخصة إذا كانت لا تكاد تطرف من هول ما هي فيه.
المعنى:
بعد ما ذكر أخبار الماضين من الرسل وأقوامهم، وظهر أنهم جميعا يسارعون في الخيرات، ويدعوننا رغبا ورهبا، وكانوا لله خاشعين، وعليه متوكلين، وله مسلمين، دينهم التوحيد الخالص، والإيمان بالله ورسله وكتبه، أشار- سبحانه وتعالى إلى الدعوة المحمدية على أنها ليست بدعا وليس صاحبها بدعا من الرسل.
إن هذه الملة المحمدية هي ملتكم التي يجب أن تتمسكوا بها، ولا تنحرفوا عنها، هي ملة واحدة كما عرفتم من الأمم مع أنبيائهم، أعنى ملة واحدة غير مختلفة في الأصول والعقائد قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [سورة آل عمران آية 64] .
إن هذه أمتكم أمة واحدة، وأنا ربكم الواحد الأحد، الفرد الصمد فاعبدوني، ولا تشركوا بي شيئا، وآمنوا برسلي خاصة خاتم النبيين محمدا صلى الله عليه وسلم.
حول الخطاب إلى الغيبة كأنه ينقل أخبارهم إلى قوم آخرين، على معنى: ألا ترون ما ارتكب الناس من مخالفات في دين الله، لقد جعلوا أمر دينهم فيما بينهم قطعا، كما يوزع الجماعة الشيء، ويقتسمونه فيكون لهذا قطعة ولذاك قطعة، وهذا تمثيل لاختلافهم وكونهم أحزابا وفرقا شتى، وما علموا أن الكل إلينا راجع، وكلهم واردون على حساب شديد يوم الفزع الأكبر، فاحذروا أيها الناس أن تكونوا مثلهم.
فإن من يعمل بعض الصالحات وهو مؤمن فسيأخذ جزاءه كاملا غير منقوص، ولا كفران لسعيه أبدا، وإن عمله مكتوب عند الملائكة، وفي كتابه الذي يلقاه بيمينه وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً.
وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ. نعم حرام على قرية أردنا
إهلاكها وقدرناه لها أنهم يرجعون عن الكفر إلى الإسلام، ويثوبون إلى رشدهم فأولئك ختم الله على قلوبهم وعلى أبصارهم فهم لا يؤمنون أبدا..
وقوله: (حرام) مستعار لمنع الوجود، كقوله في آية أخرى إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ [سورة الأعراف آية 50]، أى: منعهما.
ومعنى الآية بإيجاز: إن قوما ما أراد الله إهلاكهم لعلمه بحالهم غير متصور أبدا أن يرجعوا إلى الإسلام وحدوده إلى أن تقوم القيامة، وحينئذ يثوبون إلى رشدهم ويقولون: يا ويلنا إنا كنا في غفلة من هذا، بل كنا ظالمين!! فهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم، وعلى ذلك فقوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ غاية لما قبلها كما ذكرنا ذلك، ولا في قوله لا يَرْجِعُونَ صلة أى زائدة للتأكيد. وهذا شيء مألوف في الأساليب العربية.
وقيل إن معنى الآية: حرام على قرية أهلكناها أن أهلها لا يرجعون إلينا يوم القيامة للحساب إذ الجزاء ليس في الدنيا فقط
…
وقوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ إلى آخر الآية. مظهر من مظاهر يوم القيامة، أى إذا فتحت قبور يأجوج ومأجوج وهم الناس جميعا، وقد خرجوا من قبورهم، وأقبلوا من كل حدب يسرعون، ويؤيد هذا قراءة ابن عباس، «وهم من كل جدث (قبر) يسرعون» وهذا هو النشر بعينه.
واقترب الوعد الحق فإذا هي الأبصار شاخصة أى: أبصار الذين كفروا من هول ما رأوا لا تطرف أبدا، ويقولون: يا ويلنا وهلاكنا قد كنا في غفلة من هذا!! ولم نعمل حسابا لهذا الموقف، بل لم نؤمن أبدا بل كنا ظالمين لأنفسنا ولغيرنا.
وفي التفسير المأثور يروون في قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أن المراد حتى إذا فتح سد يأجوج ومأجوج، وذلك يكون في الدنيا، وأنهم يعيثون في الأرض فسادا، ويخرجون ويدمرون ثم يهلكهم الله بعد ذلك، وذكر ابن كثير في تفسيره أحاديث تثبت هذا.
والذي يمنع ذلك أنه ليس هناك سد مادى موجود في الدنيا، فإذا تأولنا في السد جاز أن نفهم في تحقيق ذلك جواز طغيان المبادئ الهدامة المنتشرة في روسيا والصين