الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعنى:
قل يا محمد: الحمد لله، الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ولو كره المشركون، نحمده- سبحانه- الذي منّ على الأمة المحمدية، بنور القرآن، وشرفها بأن منع عنها عذاب الاستئصال وهلاك الأمم السابقة، وأبقى لها المعجزة الكبرى على مر الأيام والعصور، وهي معجزة القرآن، وسلام من الله وتحية من عنده مباركة طيبة، على عباده المؤمنين ورسله المصطفين الأخيار، الذين صبروا وصابروا على مشاق الرسالة، وتكاليف النبوة، فكان لهم من الله الأجر والثواب الجزيل.
أيها الناس: آلله خير أم ما يشركون؟ آلله خير لمن عبده أم الأصنام لمن عبدها؟ وفي هذا تبكيت للمشركين وتأنيب لهم لأنهم آثروا عبادة الأصنام على عبادة الواحد القهار ففي هذا الكلام تنبيه لهم على نهاية الضلال والجهل،
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قرأها قال: «بل الله خير وأبقى وأجلّ وأكرم» .
ثم إنه- تعالى- ذكر ما يفيد أنه المستحق للعبادة دون سواه، إذ هو الخالق للسماء والأرض، والذي يجيب المضطر إذا دعاه وهو الهادي في ظلمات البر والبحر، وهو عالم الغيب والشهادة، ولا يطلع على علمه أحدا، وسيعلم الذين ظلموا كل هذا، يوم لا تنفعهم معذرتهم في شيء، وفي هذا من دلائل القدرة، وكمال الوحدانية، وتمام العلم ما لا يخفى.
أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ؟!!، والمعنى بل من خلق السماء وما فيها والأرض وما عليها، وأنزل لكم من السماء ماء فأنبت بسببه حدائق وبساتين وزروعا وأشجارا ذات لون بهيج، ورواء جميل، ما كان لكم أيها الناس أن تنبتوا شجرها؟ أمن خلق هذا كله كمن لم يخلق شيئا؟ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ؟ أَفَلا تَذَكَّرُونَ؟ أغير الله يقرن به في العبادة، ويجعل شريكا له في القداسة؟!! بل هم قوم يعدلون عن هذا الحق الظاهر، ويجعلون لله عدلا وشريكا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [سورة الأنعام آية 1] .
بل من جعل الأرض قرارا يستقر عليها الإنسان وغيره، ويعيش عليها، فقد جعل الله الأرض رغم كرويتها ودورانها السريع صالحة للاستقرار والمعيشة عليها بهذا النظام الدقيق، وما كانت الزلازل التي تصيب الأرض في بعض الظروف إلا ليشعر العالم أجمع بما هو فيه من نعمة الاستقرار على الأرض، وقد جعل الأنهار تجوس خلالها غادية ورائحة ليتمتع الإنسان الحي بتلك النعم، وقد جعل لها رواسى من الجبال والهضاب لئلا تميد بنا وتضطرب مع ما في تلك الجبال من منافع، فحقا صدق الله خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً، وقد خلق الله على الأرض البحرين العذب الفرات، والملح الأجاج، وجعل بينهما حاجزا من اليابس لئلا يطغى أحدهما على الآخر إذ في كل منهما خير ومنفعة لك يا ابن آدم؟ أمن جعل لك كل هذا كمن لم يجعل لك ولا لنفسه شيئا؟! أيليق أن يكون مع صاحب هذه النعم والقدر إله يعبد؟ بل أكثر الناس لا يعلمون الحق فيتبعونه..
الله- سبحانه- خلق لنا السماء والأرض والبحار والأنهار، والزروع والأشجار، وهل تركنا بعد ذلك؟ لا. إننا محتاجون إليه، وهو- سبحانه- يكشف عنا الضر إذا نزل.
بل أمن يجيب المضطر إذا دعاه [والمضطر من أصابه ضر من فقر أو مرض أو حاجة دعته إلى الالتجاء والاضطرار] ويكشف عنه السوء إذا التجأ إلى ربه حقا ودعاه، وهو الذي جعلكم أيها الناس خلفاء في الأرض لغيركم، فكل منا وارث لأبيه وسيرثه ابنه، والدنيا كالمنزل يأوى إليه جماعة من الناس ليلا ثم يفارقونه نهارا، ويخلفهم آخرون؟ أمن يفعل هذا كمن لا يفعل شيئا؟ أيكون مع الله إله آخر تدعونه، وهو لا ينجيكم من البحر، ولا ينقذكم من الضر، ولا يدفع عنكم سوءا؟!! ما تذكرون ذلك إلا ذكرا قليلا.
الله يحرسنا بعين لا تنام، ويحفظنا بقدرة لا ترام، ويكلؤنا ويهدينا في ظلمات البر والبحر حتى ننجو بسلام. وسبحانه وتعالى عما يشركون.
بل من يهديكم أيها الناس في ظلمات البر والبحر؟ حيث أودع فيكم عقلا وفكرا، وهداكم إلى العلم والمعرفة التي بها تعرفون اتجاهكم وسيركم بمقاييس مضبوطة، نعم هو