الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
لِفَتاهُ هو يوشع بن نون، وموسى هو نبي بنى إسرائيل بن عمران- عليه السلام. لا أَبْرَحُ لا أزال سائرا. مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ والبحران البحر الأسود والبحر الأبيض، وقيل: هما بحر الأردن وبحر القلزم. وقيل غير ذلك والله أعلم.
حُقُباً جمع حقبة وهي زمان من الدهر غير محدود. سَرَباً السرب كالنفق الذي يتخذه الضب ونحوه في الأرض وهو كالكوة المحفورة في الأرض. قَصَصاً أى: قاصين الأثر متتبعين السير. رُشْداً وقرئ رشدا وهو الوقوف على الخبر وإصابة الصواب. خُبْراً علما بالشيء، والخبير العالم بالخفايا. أَمْراً عظيما يقال أمر أمر ابن فلان إذ عظم واشتد. تُرْهِقْنِي لا تكلفني عسرا. نُكْراً أى: ينكره الشرع والعقل. يُضَيِّفُوهُما يعطوهما حق الضيافة. يَنْقَضَّ أى: يسقط بسرعة. فَأَقامَهُ فسواه وعدله.
لما سأل اليهود النبي صلى الله عليه وسلم عن قصة أصحاب الكهف، وقالوا لقريش: إن أخبركم بها فهو نبي مرسل وإلا فلا. ذكر صلى الله عليه وسلم قصة موسى والخضر تنبيها على أن النبي لا يلزمه أن يكون عالما بجميع القصص والأخبار، وقد يؤخر الفاضل عن المفضول وهذه القصة رويت في أحاديث كثيرة، وأتمها وأكملها ما روى عن ابن عباس عن طريق سعيد بن جبير، وهي ثابتة في الصحيحين.
قال ابن عباس ما معناه: حدثنا أبى بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن موسى قام خطيبا في بنى إسرائيل فسئل: أى الناس أعلم؟ فقال أنا فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه، إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى يا رب فكيف لي به قال: تأخذ معك حوتا فتجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو هناك، فأخذ حوتا فجعله في مكتل. ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع ابن نون حتى أتيا صخرة، ووضعا رءوسهما فناما، واضطرب الحوت وسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سربا، فصار المار عليه مثل الطلق وكأنه دخل في كوة الحائط.
فلما استيقظ نسى صاحبه أن يخبره بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كانا من الغد، قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا وتعبا فقال له فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة بالأمس فإنى نسيت الحوت، وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره، واتخذ طريقه في البحر اتخاذا أثار عجب الناس. نعم كان للحوت في البحر سرب، ولموسى وفتاه عجب ومراد فتى موسى بقوله (أرأيت؟) تعجب موسى- عليه السلام مما اعتراه هناك من النسيان.
فقال موسى: ذلك ما كنا نبغى ونطلب، وهذا طلبنا، فارتدا على آثارهما قاصين الأثر متتبعين سيرهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوبه فسلم عليه موسى.
فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام؟
قال موسى: أنا موسى. قال: موسى نبي إسرائيل؟ قال: نعم. قال: أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا. قال: إنك لن تستطيع معى صبرا إذ كيف تصبر على شيء يخالف ظاهره شريعتك. قال موسى: ستجدني إن شاء الله صابرا غير عاص لك أمرا.
فقال له الخضر: فإن اتبعتنى فلا تسألنى عن شيء وعن سره حتى أحدث لك منه كرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهما سفينة فكلموهم أن يحملوهم
فحملوهم فلما ركبا في السفينة فوجئوا بقلع لوح من السفينة فقال له موسى: ما هذا قوم حملونا بغير أجر تعمد إلى سفينتهم فتخرقها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا عظيما في الجرم.
قال الخضر: ألم أقل إنك لن تستطيع صبرا على. قال موسى: لا تؤاخذني بنسياني، ولا تكلفني أمرا عسيرا على.
ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فقتله. فقال موسى: أتقتل نفسا زاكية طيبة لم تأثم بغير نفس، أى:
بغير قصاص لقد جئت شيئا منكرا. قال الخضر: ألم أقل لك إنك لن تستطيع صبرا على عملي وزيادة (لك) لزيادة التأنيب على عدم الصبر.
قال موسى: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني فقد أعذرتنى حيث خالفتك ثلاث مرات وهذا كلام النادم ندما شديدا.
فانطلقا حتى إذ أتيا أهل قرية وطلبوا منهم طعاما بأسلوب الضيافة فأبوا أن يعطوهما شيئا.
فوجدوا فيها جدارا، أثر السقوط فيه ظاهرة حتى أشبه إرادة السقوط بسرعة هذا الجدار قد أقامه الخضر وعدله قال موسى منكرا: لو شئت لاتخذت عليه أجرا يكفى لطعامنا.
قال الخضر: هذا الإنكار هو فراق اتصالنا ونهاية اجتماعنا وسأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، وأخبرك بالواقع الذي دفعنى إلى العمل وإن خالفت الظاهر الذي تعرفه يا موسى.. ومن هذه القصة نفهم ما يجب أن يكون عليه المتعلم بالنسبة إلى أستاذه وكيف يسافر ويتأدب معه إلى آخر ما فيها
.