الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
أَوْثاناً الوثن: هو ما اتخذ من جص أو حجر، والصنم ما كان من معدن، والتمثال: ما لوحظ فيه أن يكون مثالا لكائن حي إِفْكاً الإفك: الكذب مأخوذ من الأفك وهو صرف الشيء عن وجهه، والكذب كلام مصروف عن وجهه النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ هي إعادة الخلق في الآخرة تُقْلَبُونَ تردون وَلِيٍّ صديق وناصر أو متولى أمر الإنسان حَرِّقُوهُ أحرقوه مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ لتتوادوا بينكم وتتواصلوا.
وتلك قصة إبراهيم أبى الأنبياء فانظر يا أيها الرسول كيف كان موقفه مع قومه وما انتهى إليه أمره وأمرهم، والأمر كله لله.
المعنى:
واذكر إبراهيم وقت أن قال لقومه اعبدوا الله، والمراد ذكر ما حصل في الوقت، أرسل الله إبراهيم حين بلغ من السن والعلم مبلغا صح معه أن يكون رسولا يهدى إلى الحق فقال لقومه: اعبدوا الله واتقوه، ما لكم من إله غيره، وهو المستحق للعبادة
والتقديس دون سواه، ذلكم خير لكم، إن كنتم تعلمون طريق الخير من طريق الشر فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، وتضلوا سواء السبيل.
إنما تعبدون من دون الله أوثانا لا خير فيها، ولا نفع يرجى منها بل هي حجارة لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع، إنما تعبدون من دون الله أوثانا. والحال أنكم تخلقون إفكا، واختلاقهم الإفك تسميتهم الأوثان آلهة وشركاء لله أو شفعاء له على أنهم هم الذين صنعوها وخلقوها للإفك والكذب.
إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا أبدا قليلا أو كثيرا، فابتغوا عند الله الرزق كله، فإنه هو الرزاق ذو القوة المتين، الذي له ملك السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر، وهو الحكيم الخبير، إذا كان كذلك فاعبدوه وحده، واشكروا له حق شكره، إليه وحده ترجعون فاستعدوا للقائه بعبادته وشكره على نعمه.
وإن تكذبوني فلا تضروني أبدا؟ فإن الرسل قبلي قد كذبتهم أمم، وما أصابهم من ذلك ضرر، ولكن الأمم قد أضروا أنفسهم بذلك، إذ الواجب على الرسول البلاغ، وعلى الله الحساب، فإذا بلغ كل ما أنزل إليه وأدى الرسالة كاملة فلا عليه شيء بعدها أبدا سواء آمن به الناس أم كفروا.
وهذه الآيات والتي بعدها إلى قوله- تعالى-: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ:
محتملة أن تكون من جملة قول إبراهيم أو هي معترضة نزلت في شأن الرسول صلى الله عليه وسلم وشأن قريش في أثناء قصة إبراهيم، والمناسبة بين القصة وبين الكلام المعترض ظاهرة، إذ كل في موضوع واحد وهو تكذيب الأمم لرسلها، وقصة إبراهيم ذكرت تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم فوحدة الموضوع والغرض موجودة، والآيات التي ذكرت بعد هذه الآية من توابعها، ألا ترى أن الله بين التوحيد أولا ثم أشار إلى الرسالة ثانيا بقوله وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ.
وقد شرع في بيان الأصل الثالث وهو الحشر، وهذه الأصول الثلاثة لا ينفك ذكر بعضها عن بعض.
أعموا ولم يروا كيفية بدء الخلق؟ ولما كان العقل يعلم أن البدء من الله بلا شك لأن الخلق الأول لا يتصور أن يكون من مخلوق، وإلا لما كان أول الخلق، وإذا كان
الخلق الأول من الله- وهذا معلوم بالضرورة- كان ذلك في مقام الرؤية، والمقصود الاستدلال- بما علموه علما أصبح كالرؤية أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ من أحوال بدء الخلق- على إثبات المعاد، فإن من قدر على البدء يقدر بلا شك على الإعادة بل هي أهون عليه في نظرنا، إن ذلك المذكور من بدء الخلق وإعادته على الله يسير، فكيف ينكرون الإعادة ويؤمنون بالبدء؟ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ على معنى قال الله لي: قل- يا إبراهيم أو يا محمد- لهم سيروا أيها المنكرون للبعث في الأرض لتشاهدوا مظاهر قدرة الله وآياته الدالة على أنه هو الخالق وحده لهذا الكون.
وهو المنفرد ببدء الخلق، ومن قدر على ذلك فهو القادر وحده على أن ينشئ النشأة الأخرى يوم القيامة إن الله على كل شيء قدير، وفي النشأة الأخرى يعذب من يشاء ممن يستحق العذاب من الكفار والعصاة، ويرحم من يشاء من عباده فضلا منه ورحمة.
وما أنتم يا بنى آدم بمعجزين الله في الأرض ولا في السماء، وليس في وسعكم الهرب من قضاء الله في جهة السفل أو جهة العلو، وما لكم من غير الله ولى ولا نصير ينصركم من عذابه.
والذين كفروا بآيات الله، ولقائه أولئك يئسوا من رحمة الله، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، أولئك لهم عذاب مؤلم موجع، أما المؤمنون بالله ولقائه فأولئك يرجون رحمته، إن رحمة الله قريب من المحسنين ولنرجع إلى إبراهيم ماذا حصل له؟.
لما أمرهم بعبادة الله- تعالى-، وبين خطأهم في عبادة الأوثان، وظهرت حجته عليهم فما كان جواب قومه على قوله لهم: اعبدوا الله واتقوه، واتركوا عبادة الأوثان، وما أنا إلا نذير وبشير، وعلى البلاغ فقط، واعلموا أن هناك يوما للحساب والعقاب ومن خلق الخلق أولا قادر على الإعادة ثانيا.
فما كان جواب قومه على ذلك إلا أن قال كبارهم ورؤساؤهم: اقتلوه، أو حرقوه بالنار، يا عجبا لهم!! يدعوهم إلى الخير، ويبصرهم بالطريق الحق فيكون المآل القتل أو الإحراق.
ولكن أيتركه ربه الذي أرسله للخلق ووعده بالعصمة والحفظ؟ كلا كلا: فقد أنجاه الله من النار حين قذفوه فيها، وقال الله لها: يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم