الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيها قد أعدت لهم إعدادا كاملا وهيئت لهم كما يهيأ المنزل للنزيل والضيف، حالة كونهم فيها خالدون ومقيمون إلى ما شاء الله وهم لا يبغون عنها تحويلا، ولا تتجه نفوسهم، إلى أحسن منها لأنها جمعت كل حسن، وحازت كل وصف، فتبارك الله أحسن الخالقين، وذلك فضل ربك وعطاؤه.
كمال علمه واحاطته بكل شيء [سورة الكهف (18) : الآيات 109 الى 110]
قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (109) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110)
المفردات:
مِداداً المداد ما يكتب به. وسمى بذلك لإمداده الكاتب، وفيه معنى زيادة ومجيء الشيء بعد الشيء لَنَفِدَ الْبَحْرُ لفرغ البحر وانتهى مَدَداً أى: زيادة.
سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن أصحاب الكهف والرقيم، وعن الروح وعن ذي القرنين، وأوحى الله إليه بالإجابة عن هذه الأسئلة التي قصد بها إحراجه وفي ختام السورة تعرض القرآن لبيان علمه- سبحانه- المحيط بكل شيء الذي لا يتناهى عند حد لبيان قدرته وتكوينه مع بيان موقف النبي صلى الله عليه وسلم وأنه بشر أوحى إليه وهنا يتطامن الإنسان أمام علم الله وقدرته.
والمهم ليس كثرة السؤال وإنما العمل للقاء رب الأرباب مع البعد عن نواحي الإشراك.
المعنى:
قل لهم يا محمد: لو كان البحر مدادا يكتب به وكتبت كلمات علم الله به لنفد
البحر وفرغ، ولم تنفد كلمات الله العليم الخبير العزيز الحكيم، لو لم تجيء بمثله مددا وزيادة، ولو جئنا بمثله مددا وزيادة، إذ لا حصر لكلمات الله لأنها تابعة لمعلوماته وهي غير متناهية عند حد، وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «1» وتذييل هذه الآية التي تشبه آياتنا تماما بقوله تعالى عَزِيزٌ حَكِيمٌ يشير إلى أن المراد بكلمات الله كلماته التكوينية التي هي قوله للشيء كن فيكون أى التي بها الإيجاد والخلق، وإيجاد الله وخلقه للأشياء لا حد له أبدا ولا نهاية له أصلا إذ هو الخالق دائم الإيجاد في الدنيا كما ترى، وفي الآخرة ليتم نعيم المؤمنين، وعذاب الكافرين الذين هم فيه خالدون ومداد البحر مهما كان فهو محدود، وله نهاية والله أعلم بكتابه.
قل لهم: إنما أنا بشر مثلكم تماما لا علم لي بشيء أبدا لم أحضر عند معلم، ولم أقرأ كتابا ولم أجلس لإنسان يهديني لهذا الذي أجبتكم به، ولكن أوحى إلى، وعلمني ربي من لدنه علما، ومما أوحى إلى أنما إلهكم إله واحد، لا شريك له فانظروا إلى مصيركم! فمن كان يرجوا لقاء ربه ويحبه ويؤمن به حقا فليعمل عملا صالحا ينفعه يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وعليه ألا يشرك بعبادة ربه أحدا كائنا ما كان.
(1) سورة لقمان الآية 27.