الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المعنى:
البركة لله وحده، والحمد له، فقد تزايد خيره وتكاثرت نعمه وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها وقد تعالى وتزايد عن الكل ذاتا وصفة وفعلا، فالحمد لله- تبارك وتعالى، وكيف لا..؟ وهو الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، والقرآن هو الفرقان، لأنه فرق بين الحق والباطل، والحلال والحرام، بل وفرق بين الحضارة التي تنعم الدنيا في ظلها، وبين الهمجية والجاهلية التي كانت ترزح تحت أثقالها، وانظر إلى وصف النبي الكريم بالعبودية حين يضفى القرآن عليه شيئا يرفعه ويجله لتوضع الأمور في نصبها، وليظل المسلم على نور الحق والصراط المستقيم فلا يرفع المصطفى صلى الله عليه وسلم عن موضع العبودية لله كما فعلت النصارى مع المسيح، ألم تر إلى قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا إلى قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً على أن في وصف النبي بالعبودية تكريم له وتشريف ونزل الله على عبده القرآن فارقا بين الحق والباطل، ومفرقا في النزول، فكان ينزل منجما تبعا للحوادث، ليكون ذلك أدعى إلى حفظه والتثبت منه وفهمه وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا.
ليكون النبي أو القرآن للعالمين جميعا إنسه وجنه في كل زمان ومكان، نذيرا وسراجا منيرا يهدى به الله من يشاء من عباده.
تبارك الحق الذي نزل الفرقان، والذي له ملك السموات والأرض، وقد وصف الله- سبحانه وتعالى نفسه بأنه نزل القرآن، وله ملك السموات والأرض، ولم يتخذ ولدا، ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء فقدره تقديرا، فهذه أوصاف تدل على العظمة واستحقاق العبادة والتقديس.
(أ) له ملك السموات والأرض، وإذا كان كذلك فهل يعبد سواه؟
(ب) ولم يتخذ ولدا إذ هو المالك للكل، والملكية تتنافى مع الولدية، فهو غير محتاج للولد في شيء، ولا يشبه أحدا من خلقه في شيء، فهو المستحق وحده للعبادة ولا يصح أن يكون غيره معبودا ووارثا للملك عنه. وفي هذا رد على من ادعى أن له ولدا من النصارى.
(ج) ولم يكن له شريك في الملك، إذ له وحده الملك. وهو المنفرد وحده بالألوهية، وهو صاحب الأمر، وإذا عرف العبد ذلك انقطع رجاؤه وخوفه عن الكل، ولا يبقى مشغولا إلا بالحق- تبارك وتعالى، وفي هذا رد على من زعم أن لله شريكا.
(د) وخلق كل شيء فقدره تقديرا، نعم خلق كل شيء مراعيا فيه التقدير والإحكام والتسوية، فقدره وهيأه لما خلق من أجله رَبُّنَا الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [سورة طه آية 50] .
وإنك يا أخى إذا نظرت إلى هذا الكون وما فيه من عجائب لارتد إليك بصرك، وهو كليل دون إدراك هذه الأسرار العجيبة، ولعرفت أن هذا الكون محكم التقدير كامل التنظيم كالآلة كل جزء فيها يؤدى وظيفته على أتم ما يكون.
خذ مثلا الإنسان وما يقوم به من عمل تجده على وضع وشكل مقدر لهذه المهمة العالية والرسالة السامية المطلوبة منه. انظر إلى الجمل تجد له عنقا طويلا، وإلى الحصان ورقبته القصيرة، وإلى الحيوان الذي يعوم في الماء وقد خلق على تصميم وتقدير عجيب ليتمكن من السباحة، ألم تر إلى رجل الفرخة، وما فيها من أظافر تساعدها على نبش التراب باحثة عن رزقها؟ وإلى الإوزة والبطة ورجليهما، وقد صنعت على شكل يساعدها على السباحة في الماء
…
والشواهد على ذلك كثيرة
…
وقد ثبت بهذا أن ربك العليم الخبير خلق كل شيء فقدره تقديرا، أفتعبدون سواه؟
وتتجهون لغيره؟!! ومع هذا كله فقد اتخذ المشركون آلهة من دونه، وآثروا على عبادة الله- سبحانه وتعالى عبادة آلهة عاجزة عن كل عمل في الوجود، لا يقدرون على شيء من أفعال الله، بل ولا يقدرون على مثل ما يعمل الناس، حيث لا يفعلون شيئا، ولا يخلقونه، والحال أنهم يخلقون، وإنه لعجيب حقا أن تنحت بيدك وتصنع بنفسك شيئا، لا يحس ولا يسمع ولا يتكلم ثم تعبده من دون الله!!! وهذه المعبودات لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا فما بال نفعها وضرها لغيرها؟، ولا يملكون موتا ولا حياة، ولا نشورا لأحد من الناس! ومن كان كذلك أيليق أن يعبد من دون الله؟ الذي أنزل الفرقان، وله ملك السموات والأرض، وما كان له ولد ولا شريك، وخلق كل شيء فقدره تقديرا!!