الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يا ذرية من حملناهم مع نوح، وأنجيناهم من الغرق، وهديناهم إلى الحق والخير أنتم أولى الناس بالتوحيد الخالص والسير على سنن الأنبياء والمرسلين، وها هو ذا نوح أبوكم- عليه السلام كان عبدا شكورا فاقتفوا أثره، واتبعوا سنته.
وفي تعبير القرآن الكريم بِعَبْدِهِ بدل حبيبه مثلا أو بدل اسمه. إشارة دقيقة:
إذ حادثة الإسراء والمعراج معجزة خارقة قد تؤثر على بعض النفوس الضعيفة فتضع النبي صلى الله عليه وسلم في غير موضعه كما وضعت النصارى المسيح فقيل: عبده أى: الخاضع لعزه وسلطانه حتى توضع الأمور في نصابها، على أن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالعبودية منتهى الكمال والسمو له.
وفي قوله: لَيْلًا وقد تحير فيها المفسرون فإن الإسراء لا يكون إلا ليلا فما فائدة ذكرها؟! ولقد أجابوا على ذلك بأنه لفظ مفرد منكر سيق لبيان أن الإسراء كان في جزء من الليل. ولم يكن من مكة إلى المسجد الأقصى الذي يقع في أيام وليال طوال إلا في جزء من الليل بسيط.
ويقول أستاذنا مصطفى صادق الرافعي في وحى القلم ص 32 في الإسراء والمعراج:
والحكمة- في ذكر ليلا في الآية- هي الإشارة إلى أن القصة قصة النجم الإنسانى العظيم الذي تحول من إنسانيته إلى نوره السماوي في المعجزة، ويتمم هذه العجيبة أن آيات المعراج لم تجيء إلا سورة «والنجم
…
» .
قصة الإسراء والمعراج:
وخلاصتها: كان صلى الله عليه وسلم مضطجعا فأتاه جبريل فأخرجه من المسجد فأركبه البراق فأتى بيت المقدس، ثم دخل المسجد هناك واجتمع بالأنبياء- صلوات الله وسلامه عليهم-، وصلّى بهم إماما ثم عرج به إلى السموات فاستحقها جبريل واحدة واحدة فرأى محمد صلى الله عليه وسلم من آيات ربه الكبرى ما رأى، وهكذا صعد في سماء بعد سماء إلى سدرة المنتهى فغشيها من أمر الله ما غشيها، فرأى صلى الله عليه وسلم مظهر الجمال الأزلى، ثم زج به في النور فأوحى الله إليه ما أوحى، وكلفه هو وأمته بالصلاة في ذلك المكان المقدس فكانت الصلاة هي العبادة الوحيدة التي أوجبها الله بنفسه بلا واسطة.
تلك خلاصة خالصة أما وشيها وطرازها فباب عجيب من الرموز الفلسفية العميقة التي لا يقف عليها إلا كل من صفت نفسه وزكت روحه، ومن هذه الرموز
قوله صلى الله عليه وسلم «فجاءني جبريل بإناء من خمر وآخر من لبن فأخذت اللّبن فقال جبريل: أخذت الفطرة»
، أوليس دين الإسلام دين الفطرة؟!! ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة الإلهية العلوية رموزا تشير إلى مجتمع عال نظيف خال من الربا والزنى والسرقة والقتل مع تحلى أصحابه بالجهاد والصدق وحسن الاقتصاد، وسرعة القيام إلى الصلاة.
أليس في إمامة النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء جميعا إشارة إلى كمال رسالته، وأنهم جميعا سبقوه مبشرين به، وأن من لم يؤمن فما آمن بنبيه فدينه جمع المحاسن كلها، وكان وسطا بين مادية اليهود وروحانية النصارى، وكانت أمته وسطا عدولا شهودا على الأمم السابقة، وقد جمع صلى الله عليه وسلم. قوة موسى، وزهد عيسى، وجدل إبراهيم، وصبر أيوب، وما امتاز به كل نبي.
وهي تشير إشارة صريحة إلى أن هذا النبي قد سمت روحه الكريمة سموا طغى على الناحية المادية فيه حتى صار نورا إلهيا ونجما سماويا ألم يشق جبريل صدره الكريم ويغسله من أدران المادة؟!! ألم يقل الله لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا فهذه العبارة نص على ارتفاع النبي صلى الله عليه وسلم فوق الزمان والمكان والحجاب والحواس، ومرجع ذلك كله إلى قدرة الله لا قدرته هو بخلاف ما لو كانت العبارة ليرى من آيات ربّه فإنها تفيد أن الرؤيا في حدود القدرة البشرية، وتحويل فعل الرؤيا من صيغة إلى صيغة دليل على تحويل الرائي وهو المصطفى صلى الله عليه وسلم من شكل إلى شكل ومن حال إلى حال فسبحان من هذا كلامه.
أيها المسلمون..
لا تألفوا العجز والكسل. وفي أول دينكم تسخير الطبيعة.
لا تركنوا إلى الجهل. وأول آية نزلت على نبيكم اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ
…
لا ترتموا في أحضان الراحة وفي صدر تاريخكم صنع المعجزة الكبرى.