الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والموعظة الحسنة فإن أبوا وكفروا حاق بهم سوء العذاب، ونجى الله المؤمنين فاعتبروا يا أولى الأبصار فسنة الله لا تتغير وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا [سورة الفتح آية 23] .
وهاكم الدليل الأخير على أن القرآن من عند الله: ذكر بعد مناقشة المشركين السابقة التي سيقت وسط الأدلة.
وكانوا يقولون: إن محمدا كاهن، وإن القرآن كهانة تلقيها الشياطين على محمد كما تلقى على غيره فقال الله: وما نزلت به الشياطين، وما ينبغي لهم، وما يستطيعون إنهم عن سمع مثل هذا القرآن لممنوعون، نعم لقد قص التاريخ أن الكهانة والكهان كانوا موجودين قبل البعثة المحمدية، وكان الشياطين يسترقون السمع وأخبار السماء المتعلقة ببعض الأحداث الجارية في الجزيرة، ثم يلقون بهذا إلى الكهان أمثال (شق وسطيح) .
ولكن الله- سبحانه- قبيل البعثة منع هذا بالمرة حتى ضجت الجن، وأخذوا يبحثون عن السبب وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً وَأَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً [سورة الجن الآيات 8- 10] .
وإذا ثبت هذا كله، وأظنه ثابتا في ميزان العقلاء الموفقين إذا كان هذا فلا تدع مع الله إلها آخر، فتكون من المعذبين المهلكين..
نصائح ربانية [سورة الشعراء (26) : الآيات 214 الى 220]
وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (215) فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ (216) وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَراكَ حِينَ تَقُومُ (218)
وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (220)
اعلم يا أخى- وفقك الله للخير- أنه- سبحانه وتعالى أرشد رسوله إلى ترك الأسف والحزن على عدم إيمان أكثر الناس، ثم ساق القصص مؤيدا ذلك ومسليا، ثم أقام الحجة والبرهان على صدق الرسول في دعواه، وناقش المشركين في شبههم الواهية، وبعد ذلك كله نهى الرسول عن اتخاذ الشريك للباري في كل صورة متوعدا من يفعل ذلك بالعذاب الشديد، والمراد من ذلك نهى غير النبي عن الشرك.
نفهم من نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الشرك فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ. ثم أمره صلى الله عليه وسلم بأن يدعو الأقرب فالأقرب من أهله وعشيرته. يمكن أن نفهم من هذا كله، أن المراد نفى الشك والطعن عن الدعوة المحمدية لأن الإنسان جبل على حب الخير له ولأهله.
روى مسلم في صحيحه من حديث أبى هريرة قال: لما نزلت آية وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال: «يا بنى كعب ابن لؤي أنقذوا أنفسكم من النّار. يا بنى عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النّار، يا بنى هاشم أنقذوا أنفسكم من النّار. يا بنى عبد المطّلب أنقذوا أنفسكم من النّار، يا فاطمة أنقذى نفسك من النّار، فإنّى لا أملك لكم من الله شيئا غير أنّ لكم رحما سأبلّها ببلالها
أى أصلكم في الدنيا، ولا أغنى عنكم من الله شيئا يوم القيامة.
وهذه نصائح غالية تنفع الدعاة والمرشدين إلى الحق والخير حيث تبدأ بدعوتك أقرب الناس إليك. فهم الذين يعرفونك، ويثقون فيك، فإذا أضفت مع هذا لين الجانب وحسن الخلق، وطيب العشرة لمن اتبعك وسار على طريقك، كان لكلامك وقع ولشخصك مكانة في القلوب، ولسلوكك في الناس تأثير وأى تأثير؟ ولذا يقول الله لرسوله وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فإن لم تتبعك عشيرتك وقرابتك وعصوك فقل لهم: إنى برىء مما تعملون، وتوكل على الله، وسلّم أمرك إليه، وفوض أمرك لربك إنه هو العزيز يعز أولياءه، ويقهر أعداءه، وينصرك عليهم برحمته، فإنه يراك، ويلحظك حين تقوم في أى عمل من الأعمال، وحين تتقلب مع الراكعين الساجدين العابدين القانتين، إنه هو السميع لكل قول، العليم بكل فعل.