الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
المر تقرأ هكذا: ألف. لام. ميم. را، وفيها ما في أخواتها عَمَدٍ جمع عماد أو عمود وقرئ عمد بالضم مَدَّ الْأَرْضَ بسطها رَواسِيَ جمع راسية والمراد الجبال لأن الأرض ترسو بها أى: تثبت يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ التغشية إلباس الشيء، والغشاء كالغطاء صِنْوانٌ جمع صنو وهي النخلات أو النخلتان يجمعهن أصل واحد وتتشعب منه رؤوس فتصير نخيلا، وقيل: الصنو المثل وعليه
قول النبي صلى الله عليه وسلم: «عمّ الرّجل صنو أبيه»
والمراد نخيل متماثلات وغير متماثلات.
المعنى:
تلك الآيات من آيات هذه السورة آيات السورة الكاملة العجيبة الشأن، العظيمة القدر، والذي أنزل إليك من ربك- وهو القرآن كله- هو الحق. لا حق بعده، ولا شك فيه، تنزيل من حكيم حميد، ولكن أكثر الناس لا يؤمنون بهذا.
وكيف لا يؤمنون بهذا؟! والله الذي أنزله هو الذي رفع السماء بلا عمد، وها أنتم أولاء ترونها من غير عمد، نعم رفع الله السموات وما فيها من كواكب وأجرام.
وشموس وأقمار بقدرته وعظمته أليس الله على كل شيء قدير؟! ثم استوى على العرش وقصد إليه، واستولى عليه، وفي الحقيقة الاستواء والعرش الله أعلم بهما، على أن الآية تدل على نفوذ الأمر، وتمام السلطان والتدبير.
وسخر الشمس والقمر، ذللهما لما يريده من دوران وضياء وظهور وإخفاء، كل من الشمس والقمر وغيرهما من الكواكب السيارة يجرى لأجل مسمى عنده- سبحانه- وهو انتهاء الدنيا وقيام القيامة فكل يجرى في فلك له إلى وقت معلوم وزمن محدود عنده تتبدل الأرض غير الأرض والسموات.
هكذا يدبر الله الأمر، ويصرف الكون حسب إرادته وحكمته حالة كونه يفصل الآيات الدالة على كمال قدرته وبالغ حكمته، وتفصيلها ذكرها مفصلة كرفع السماء، ومد الأرض، وتسخير الشمس والقمر، وجريهما إلى أجل مسمى، وغير ذلك مما هو مذكور في القرآن.
لعلكم عند مشاهدة هذه الآيات القواطع توقنون بأن هذا القرآن حق، وما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم صدق، وأن البعث والجزاءات لا شك فيه إذ القادر على هذا لا يعجزه بعث ولا حساب.
هذه بعض الآيات السماوية، وأما الآيات الأرضية فقال فيها: وهو الله الذي مد الأرض وبسطها. وفرش الأرض ومهدها وجعل فيها رواسى شامخات وسقاكم ماء عذبا فراتا: أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهاداً وَالْجِبالَ أَوْتاداً وَخَلَقْناكُمْ أَزْواجاً؟! [سورة النبأ الآيات 6- 8] ، ومد الأرض وبسطها ليس دليلا على عدم كرويتها إذ هي مبسوطة ممدودة في نظرنا لنعيش عليها، وفي الواقع كرويتها أمر لا يشك فيه عاقل.
وجعل- سبحانه وتعالى من كل الثمرات زوجين اثنين ذكرا وأنثى، للتلقيح والإنتاج والحمد لله أثبت العلم الحديث أن في كل نبات ذكورا وإناثا، قد تكون في الزهرة الواحدة أو الشجرة الواحدة أو في شجيرات ويتم التلقيح إما بالريح أو الطير، وسبحان الله أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، وقيل جعل فيها من كل ثمرة صنفين كبيرة وصغيرة إلى آخر ما ذكروه، يغشى الليل النهار بجعل الليل كالغشاء للنهار فيغطي بظلمته ضياءه. شبّه إزالة النور بسبب ظلمة الليل بتغطية الأشياء الحسية بالأغطية حتى تسترها.
إن في ذلك الذي ذكره الحق- سبحانه- من مد الأرض وبسطها وإرساء الجبال فيها مع تحركها ودورانها وما جعله الله فيها من الثمرات الناشئة عن الازدواج والتلقيح وتعاقب النور والظلمة مع طول كل وقصره إن في ذلك لآيات بيّنه للناظرين المتفكرين المعتبرين.
وفي الأرض قطع متجاورات ترابها واحد، وماؤها واحد، وفيها زرع واحد، ثم تتفاوت الثمرة، بعضها حلو وبعضها مر، بعضها يثمر وبعضها لا يثمر.
وفي الأرض جنات وبساتين من زروع ونخيل وأعناب وغيرها من الفواكه التي عرفت في غير جزيرة العرب، ومن عجائب النخل أن فيه صنوانا وغير صنوان، والمعنى أن أشجار النخيل قد تكون الواحدة لها رأسان وأصل واحد وقد تكون غير ذلك كبقية الشجر. وقيل المعنى: إن أشجار النخل قد تكون متماثلة وغير متماثلة مع اتحاد التربة والزرع يسقى ذلك كله بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل، أليس في هذا