الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
امْكُثُوا أقيموا في مكانكم آنَسْتُ ناراً أبصرت نارا والإيناس الإبصار البين الذي لا لبس فيه ومنه إنسان العين لأنه يبصر الأشياء ويتبينها بِقَبَسٍ القبس النار المقتبسة الْمُقَدَّسِ المطهر طُوىً اسم الوادي أُخْفِيها من الأضداد أى أكاد أظهرهما أو أسترهما فهي تدل على معنيين متضادين فَتَرْدى فتهلك.
المعنى:
فلما قضى موسى الأجل الذي ضربه بينه وبين صهره الشيخ الكبير بمدين قيل:
هو شعيب وقيل: غيره والله أعلم.
فلما قضى الأجل واستأذن في السفر إلى مصر خرج هو وامرأته وغنمه فلما وافى وادي طوى، وهو بالجانب الغربي من الطور ولد له في ليلة باردة مظلمة شاتية، وقد ضل الطريق، فأراد نارا ليدفئ بها امرأته التي ولدت فقدح زنده فلم يخرج نارا فبينما هو في أشد الحاجة إلى النار أبصر على يسار الطريق من جانب الطور نارا فقال لأهله:
امكثوا وأقيموا في مكانكم لا تبرحوه إنى آنست نارا: وأبصرت ما يؤنسنا على سبيل الجزم، وأما إتيان قبس منها أو وجدان هداية للطريق عندها فأمر مشكوك فيه ولذا قال. لعلى آتيكم منها بشعلة من النار المقتبسة منها، أو أجد على النار هاديا يهديني إلى الطريق الحق الموصل إلى ما نريد.
فلما أتاها وجدها نارا بيضاء صافية، مشتعلة في شجرة خضراء يانعة، أنكرها وتوجس خيفة منها، فلما أتاها بهذا الشكل نودي من قبل الرب- سبحانه وتعالى: إنى أنا ربك.
ولعل نداءه عند النار بعيدا عن أهله وماله، وقد ضل الطريق المألوف للناس إشارة إلى ما يجب أن يكون عليه الأنبياء والدعاة إلى الله من تجردهم من الدنيا وأهلها وتنكبهم الطرق المألوفة عندهم.
ونودي من قبل الله أن يا موسى فارتاع لهذا النداء وشك في مصدره. فقال الله له على سبيل التوكيد. إنى أنا ربك الذي خلقك وسواك وعدلك، ورباك في بيت
عدوك ولحظك بعنايته ورعايته إلى هذا الوقت فاخلع نعليك احتراما وتقديسا، وإجلالا وتعظيما إنك بالوادي المقدس المطهر الذي يقال له طوى.
وأنا اخترتك يا موسى، واصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي، فاستمع إلى كل ما يوحى إليك، وخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين.
إننى أنا الله لا إله إلا أنا، ولا معبود بحق سواي، فاعبدني مخلصا لوجهي، وأقم الصلاة لتذكرني بها، أو لأذكرك في علين بها، واعلم أن الساعة آتية لا محالة، أكاد أخفيها فلا أقول هي آتية لفرط إرادتى خفاءها، ولا ما في الإخبار بإتيانها- مع تعميمه وقتها- من المصلحة لما أخبرت به، وهذا معنى جميل، ذكره الزمخشري والقرطبي وغيرهما، ويؤيده أن كل لفظ في الآية أدى معناه الموضوع له. قال اللغويون:«كدت أفعل» معناه عند العرب قاربت الفعل ولم أفعل، «وما كدت أفعل» معناه فعلت بعد إبطاء. وعلى هذا فمعنى الآية إن الساعة آتية لا شك فيها وقاربت أن أخفيها ولكني لم أفعل لقولي سابقا إنها آتية، فهي آتية في وقت الله أعلم به، والله أخفى الساعة أى: القيامة، والساعة التي يموت فيها الإنسان، ليعمل الإنسان بجد ولا يؤخر التوبة لحظة، ودائما يترقب الموت في كل لحظة، ولو عرف الإنسان الساعة لوقفت الحياة وما عمرت الدنيا.
وبعضهم يرى أن المعنى: إن الساعة آتية أكاد أظهرها وقوله: لتجزى كل نفس بما عملت متعلق بآتية، ويؤيد هذا قراءة أخفيها واللغة لا تمنع، ذلك وهناك من يرى أن الآية هكذا، إن الساعة آتية أكاد بمعنى أن الساعة آتية أكاد آتى بها ثم يبدأ كلاما جديدا بقوله أخفيها وأكتمها لتجزى كل نفس بما تسعى، وهذا المعنى حسن وليس فيه إلا حذف خبر «أكاد» وله نظير في كلام العرب، قال الضابئ البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني
…
تركت على عثمان تبكى حلائله
فالشاعر العربي حذف أى: وكدت أفعل، ولكني لم أفعل، وعثمان هو عثمان بن عفان الخليفة الثالث- رضى الله عنه-.
فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها ولا يمنعك من الإيمان بها والتصديق لها من لا يؤمن بها، واتبع هواه، إنك إن فعلت ذلك تهلك، وفي هذه إشارة إلى أن كل داعية