الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
رَيْبَ شك نُطْفَةٍ النطفة: المنى وهو ما يخرج من صلب الرجل سمى نطفة لقلته، والنطف القطر عَلَقَةٍ العلقة: الدم الجامد. وقيل: الطري مُضْغَةٍ المضغة: قطعة لحم قليلة. قدر ما يمضغ أَشُدَّكُمْ كمال قوتكم أَرْذَلِ الْعُمُرِ المراد: الهرم والخرف حتى لا يعقل هامِدَةً يابسة لا نبات فيها اهْتَزَّتْ تحركت وتفاعلت وَرَبَتْ نمت وارتفعت بالنبات زَوْجٍ لون وصنف بَهِيجٍ حسن للدين الإسلامى مقصدان مهمان جدا، وأساسان عليهما يدور، وعليهما تبنى الفروع، أما الأول: فتوحيد الله. واتصافه بكل كمال، وتنزيهه عن كل نقص، وأما الثاني: فإثبات البعث والحياة الأخرى، وما يتبعها من ثواب وعقاب وغيره، إذا لا غرابة في تكرارهما في القرآن والسنة، وإثباتهما والاستدلال عليهما بالآيات الكونية وغيرها.
المعنى:
يا أيها الناس جميعا من كل جنس ولون، في كل عصر وزمن، إن كنتم في شك من البعث- وهذا الشك يجب أن يكون بسيطا جدّا يزول بأدنى تنبيه لتضافر الأدلة على ثبوته- فاتركوه، وانظروا مما خلقتم؟!! ولقد كان اعتماد المنكرين للبعث على أنه يستحيل حياة بعد موت وتفرق للإجراء وانعدام لها بل تحولها إلى شيء آخر، ومن الذي يعيد الحياة لتلك العظام النخرة التي أصبحت ترابا أو صارت ذرات في الهواء، أو انتهى أمرها إلى بطون السباع أو بطون السمك والحيتان؟!! وعلى أى وضع يكون حساب وعقاب؟!! فنزل القرآن ينادى بالبعث، ويسوق الأدلة كالصواعق أو أشد، وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ؟!! [الرعد 5] فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ. [الإسراء 51] وَضَرَبَ لَنا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ [يس 78- 80] .
وَيَقُولُ الْإِنْسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا أَوَلا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئاً؟!! [سورة مريم الآيتان 66 و 67] .
وغير ذلك من آيات القرآن وكلام الرسول كثير.
وخلاصة دعواهم، استحالة الحياة بعد الموت، والوجود بعد فناء الخلق، وما علموا أن القادر على البدء قادر على الإعادة، وهو أهون عليه، إذا قسناها بمقاييسنا..
يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فاذكروا خلقكم أولا، واعلموا أنه قد مر عليكم أدوار سبعة لا مناسبة بينها أبدا إذ كل دور كنتم من نوع يخالف الآخر.
1-
خلقكم من تراب- أى: خلق أباكم آدم منه، أو خلقكم من المنى والمنى سواء كان من الذكر أو الأنثى فهو من الدم، والدم من الغذاء، والغذاء نباتا كان أو حيوانا من الأرض فصح أن كل إنسان خلق من تراب.
2-
ثم خلقناه من نطفة- ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ فمن الذي حول التراب اليابس إلى ماء فيه حيوانات منوية، ولا علاقة بينهما ولا مناسبة.
3-
ثم من علقة- والعلقة قطعة الدم الجامدة، ولا شك أن بين المنى كماء والدم الجامد مباينة، ومع هذا فقد تحول الماء إلى دم جامد بقدرة قادر، وفي هذا إشارة إلى أنه لا معنى لاستبعاد الإعادة بسبب التحول من مادة إلى أخرى فإنه ثابت في بدء الخلق.
4-
ثم من مضغة، وهي قدر ما يمضغ من اللحم، وانظر إلى أصلها الأول وكيف وصل التراب إلى ماء ثم إلى دم ثم إلى لحم يمضغ!! .. وهذه المضغة قد تكون مخلقة مسواة سالمة من العيوب والنقصان، تمت فيها أحوال الخلق ورسومه، وقد تكون غير ذلك.
يا أيها الناس إن كنتم في شك من البعث فإن خلقناكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة قد صورناها، ومضغة لم نصورها، أخبرناكم بهذا كله لنبين ما يزيل عنكم الشك، وينفى عنكم الريب في أمر بعثكم فإن القادر على هذه الأشياء كيف يكون عاجزا عن الإعادة والله- بعد ذلك- يقر في الأرحام ما يشاء إلى أجل مسمى
عنده وهو مدة الحمل فقد يولد الجنين لستة أشهر أو لتسعة أو لسنة أو لسنتين، وبعض الفقهاء قال إن أقل الحمل ستة أشهر ولحظتان، ونهايته أربع سنين.
5-
ثم نخرجكم من بطون أمهاتكم أطفالا تتنفسون وتعيشون، وتطعمون، وقد كنتم في بطون أمهاتكم تتنفسون، ولكن على أى كيفية؟. وكنتم تطعمون، ولكن من دم أمهاتكم، فهل هناك مناسبة بين الحالتين بين الطفل في بطن أمه، وبينه وهو في الحياة العامة!! 6- ثم لتبلغوا أشدكم، نعم فالله- سبحانه- القادر على كل شيء مهد لهذا الطفل الصغير سبل الحياة، وأحيا فيه غريزة حب البقاء التي جعلته يرضع من ثدي أمه، وهداه إلى طرق الحياة فعاش حتى بلغ أشده وكمال قوته وعقله.
7-
وبعد هذا أو قبله منكم من يتوفى، ومنكم من يرد إلى أرذل العمر أليس في هذا دليل على وجود إله قوى مختار يحكم لا معقب لحكمه، قادر على كل شيء إذ منكم من يتوفى وهو في تمام قوته، وريعان شبابه، ومنكم من يعيش ويعمر، وقد يكون مريضا عليلا فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [النحل 61] وإذا عمر الإنسان كثيرا، ووصل إلى الهرم ضعفت قواه العقلية والجسمية إلى درجة كبيرة، وفنيت خلايا جسمه كلها أو أغلبها فيصير ضعيف العقل والحواس، لا يعلم شيئا مما كان يعلمه، وهذا أمر مشاهد معروف، وصدق الله حيث يقول: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ [سورة الروم آية 54] .
وكيف تشكون في البعث، وإعادة الحياة إلى الجسم، وأنتم ترون مظاهر البعث والحياة بعد الموت أمامكم في كل وقت، ألم تروا إلى الأرض، وهي ميتة هامدة ساكنة لا حياة فيها، ولا نبات بها فإذا أنزل الله عليها الماء اهتزت وتحركت وقد أثبت العلم الحديث ذلك- وربت وانتفخت وأنبتت من كل صنف من النبات بهيج وحسن.
انظر يا أخى: إلى ترتيب القرآن المحكم أثبت البعث واستدل على ذلك بدليلين:
(أ) خلق الحيوان. (ب) خلق النبات ثم رتب على ذلك أمورا.
1-
ذلك الذي بينه لنا من أمر الخلق في الحيوان والنبات، وانتقال كل من حال