الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
يَكْلَؤُكُمْ يحرسكم ويحفظكم، والكلاءة: الحراسة والحفظ، كلأه الله حفظه يُصْحَبُونَ يجارون من عذابنا نَفْحَةٌ نصيب قليل.
المعنى:
إن استهزأ بك هؤلاء المشركون تكذيبا لك وإضعافا لشأنك فلا يهولنك ذلك أبدا فقد استهزئ برسل من قبلك، فحاق بالذين سخروا منهم سوء العذاب بما كانوا يستهزئون.
وأنت يا نبي الله قل لهم: من يحفظكم من عذاب الله إن أتاكم؟ ومن يحفظكم ويرعاكم بالليل وأنتم نيام ميتون الموتة الصغرى؟! ومن يكلؤكم وأنتم بالنهار تغدون وتروحون؟! من يحفظكم من عذاب الرحمن وبأسه إذا أراد أن ينزله بكم؟! وانظر إلى تعبير القرآن الكريم الذي آثر ذكر الرحمن صاحب النعم للإشارة إلى أن عدم إيقاع العذاب على الكفار والعصاة من أتم النعم على الإنسان، لعله يبوء إلى نفسه، ويرجع إلى ربه وإذا كان لا راد لقضائه، فلن يمنع مانع من إيقاع العذاب بكم!! بل هم عن ذكر ربهم ذكرا قلبيا تسكن إليه النفوس، وتطمئن له القلوب معرضون بل ألهم آلهة يعبدونها تمنعهم عن عذابنا، وتقف حائلا دون تنفيذ أمرنا؟ ليس لهم ذلك إذ آلهتهم لا يستطيعون نصر أنفسهم فضلا عن نفع غيرهم ونصره. وليس لهم شفيع، ولا هم يمنعون عن عذاب الله أبدا.
ولا يغرنكم تقلب الذين كفروا في النعيم، وما هم فيه من غنى وجاه فهو متاع أعطاهم الله إياه ليس لأحد فيه يد، وليس هناك مانع منع الله من إيقاع العذاب بهم بل متعهم الله به حتى تطول أعمارهم، وتقسو قلوبهم، وتسوء أعمالهم، ويكون حسابهم شديدا، وجزاؤهم نارا وحميما، وليس تركهم عن عجز أو تقصير. أعموا
فلا يرون أنا نأت الأرض ننقصها من أطرافها والله يحكم لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه. وما هي الأرض وما معنى نقصها من أطرافها؟
هذه السورة مكية، وحالة المسلمين في مكة كما تعرف يا أخى كانت شديدة، فهل لنا أن نفهم أن المراد بالأرض أرض الكفر، ومعنى نقص أطرافها دخول الناس في الإسلام شيئا فشيئا، واتساع نفوذ الإسلام شيئا فشيئا على حساب أرض الكفار ونفوذهم، وهذا فهم يصح أن يكون إذا تجاوزنا في فهم نقصان الأطراف نوعا ما أو نقول إن هذا من باب الإخبار بالغيب.
وبعض العلماء يقول: هذه آية سيقت للدلالة على قدرة الله- سبحانه وتعالى حتى لا يفهم المشركون أن تركهم بدون إيقاع العذاب بهم عن عجز أو تقصير. لا:
بل هي الحكمة الإلهية، والترتيب الرباني للمسلمين. فيكون المعنى أفلا يرى الكفار أنا نأتى الأرض أى الكرة الأرضية ننقصها من أطرافها أى: في الشمال والجنوب فعلماء الطبيعة يقولون: إن الأرض ليست تامة التكوير والاستدارة بل منبعجة في الوسط مفرطحة من جهة القطب الشمالي والجنوبي وهذه آية كونية يفسرها العلم الحديث بعد نزولها بثلاثة عشر قرنا.
والرأى الأول لا بأس به أيضا لقوله تعالى: أَفَهُمُ الْغالِبُونَ؟ فإن معناها كيف يكونون غالبين بعد نقصنا لأرضهم من أطرافها وتقليل عددهم بمن يدخل في الإسلام ولو سرّا وفي هذا إشارة إلى غلبة المسلمين ونصرة أصحاب الحق مهما لاقوا ومهما حصل لهم، قل لهم يا محمد تهديدا لهم: إنما على البلاغ، وعلى الله الحساب، وإنما أنذركم بالوحي والقرآن، وأبين لكم عاقبة كفركم بما أتحدث به عن الأمم السابقة، وذلك شأنى؟ وما أمرنى الله به. ولكن هل يسمع الصم الدعاء؟ إذا ما ينذرون!! لا:
إنه لن يسمع أولئك الذين ختم الله على قلوبهم، وعلى سمعهم، وجعل على أبصارهم غشاوة فقلوبهم مغلقة لا يدخلها خير أبدا فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ وقد قالوا: إن هناك حواس لإدراك المعنويات من الإنذار والتخويف، ومحلها القلب وسيأتى بيان ذلك قريبا إن شاء الله.
وتالله لئن مستهم نفحة قليلة من عذاب ربك ليقولن: يا ويلنا ويا هلاكنا، إنا كنا ظالمين.