الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات:
اللَّغْوِ ما لا خير فيه ابْتَغى طلب العادُونَ المتجاوزون الحدود الْفِرْدَوْسَ أعلى مكان في الجنة.
روى عن عمر بن الخطاب أنه قال: كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحى يسمع عند وجهه كدوي النحل فلبثنا ساعة فاستقبل القبلة، ورفع يديه وقال: «اللهمّ زدنا ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنّا، وآثرنا. ولا تؤثر علينا، وارض عنّا وأرضنا، ثم قال: نزل علىّ عشر آيات من أقامهنّ (أى: عمل فيهنّ) دخل الجنّة، ثم قرأ:
قد أفلح المؤمنون حتّى ختم العشر» رواه أحمد والترمذي.
وروى النسائي قال: قلنا لعائشة أم المؤمنين: كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قالت: كان خلقه القرآن، فقرأت قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ حتى انتهت إلى وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ قالت: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.
المعنى:
قد أفلح المؤمنون، وفازوا وسعدوا، أولئك المؤمنون الذين وصفهم الحق- تبارك وتعالى بما يأتى:
الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ قد سكنت جوارحهم، وخشعت قلوبهم، وقال الحسن البصري: كان خشوع الصحابة- رضوان الله عليهم- في قلوبهم، فغضوا بذلك أبصارهم، وخفضوا جناحهم.
والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن أفرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة نفسه، وقرة عينه كما
قال الرسول صلى الله عليه وسلم «حبّب إلىّ من دنياكم ثلاث: الطّيب، والنّساء، وجعلت قرّة عيني في الصّلاة»
، وكما
روى قوله صلى الله عليه وسلم يا بلال «أرحنا بالصّلاة» .
وأمارة الخشوع أن يتوقى إصلاح الثوب، والالتفات يمينا وشمالا، والتثاؤب وتغطية الفم باليد، والتشبيك، واللعب في اللحى، والنظر إلى الأصابع، وتقليب الحصى،
وغير ذلك مما يكره فعله في الصلاة باعتبار القانون الشرعي، وفي الواقع هذا مما يضيع الصلاة ويجعلها شيئا لا روح فيه، ولقد صدق رسول الله حيث رأى رجلا يلعب في لحيته وهو يصلى
فقال: «لو سكن قلب هذا لسكنت جوارحه» .
وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ اللغو هو الباطل، وما لا خير فيه ولا فائدة منه والمؤمن حقيقة هو الذي يشعر بثقل الرسالة التي كلف بها، ويشعر بالواجب عليه نحو نفسه ووطنه ودينه، ويشعر تماما بأن في عنقه أمانة هو محاسب عليها، لا يهدأ، ولا يسكن حتى يقوم بها. ومن كان كذلك كان معرضا عن اللهو، والمجون والعبث وضياع الوقت في غير المجدي.
وانظر يا أخى إلى أن هذا اللغو دأب أفراد الأمم المتأخرة المتكاسلة، وإلا فالوقت مهما طال فهو أقل بكثير مما عليك من واجب وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً.
وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ يظهر والله أعلم أن المراد بالزكاة مطلق الإنفاق في سبيل الله، وإلا فالزكاة الشرعية المحددة النصيب لم تفرض إلا في السنة الثانية للهجرة وكانوا في مكة يؤمرون بالإنفاق المطلق، ألا ترى إلى قوله- تعالى- في سورة الأنعام الآية 141 وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وفي سورة فصلت وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ [الآيتان 6 و 7] .
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ إِلَّا عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ نعم هم الذين قد حفظوا فروجهم من الحرام فلم يقعوا فيما نهاهم الله عنه من زنا ولواط واستمناء باليد، لا يقربون سوى زوجاتهم التي أحلها الله لهم، أو ما ملكت أيمانهم من السراري التي أخذت في الحروب لا التي شاعت في القرون السابقة، وكانت تباع في الأسواق، فالشرع لم يحلل الرق إلا في صورة واحدة هي في حروب الإسلام مع الكفار فتقسم النساء على المحاربين إكراما. لهم، مع أن الدين حض في كل مناسبة على تحرير الرقاب، ولم يكن الرق واجبا حتميا بل جعله في يد الإمام يفعله متى يشاء وعلى ذلك فلنا أن نحرمه الآن لما يترتب عليه.
ومن تعاطى ما أحله الله فلا لوم عليه ولا حرج، فمن ابتغى وراء ذلك أى غير الأزواج والإماء فأولئك هم المعتدون المتجاوزون، وعلى ذلك حرم نكاح المتعة، والاستمناء باليد.
والإجماع من كل العلماء ما عدا أحمد بن حنبل تحريمه لظاهر الآية
وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ وهم إذا اؤتمنوا لم يخونوا بل يؤدونها إلى أهلها، وإذا عاهدوا أو عقدوا عقدا قاموا به، ووفوا ما عليهم، وهكذا المسلمون دائما يوفون بالعهد، وعلى عكسهم المنافقون الذين وصفهم الرسول بقوله «آية المنافق ثلاث، إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» .
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلَواتِهِمْ يُحافِظُونَ فهم يواظبون عليها ويؤدون جميع الصلوات في أوقاتها، مع المحافظة على الصلاة وشروطها وآدابها وأركانها.
وقد افتتح الله ذكر هذه الصفات الحميدة بالصلاة، واختتمها بالصلاة فدل على أفضليتها ومكانتها وأنها عمود الدين
ولقد قال رسول الإسلام: «استقيموا ولن تحصلوا واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة» .
أولئك البعيدون في درجات الكمال، المتصفون بهذه الصفات التي تثبت الإيمان في قلب المؤمن، والتي تغرس في قلبه حب الدين والخوف من الله، والتي تنتج المؤمن الكامل، المؤمن القوى، والمؤمن العامل في جيش الإسلام فهذه صفات تخلق الفرد وهناك صفات للمؤمنين كجماعة من الجماعات الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ [سورة التوبة آية 71] .
أولئك هم الأحقاء بأن يأخذوا الجنة، ويستحقوا الفردوس استحقاق الوارث في مال مورثه جزاء ما عملوا، ونتيجة لما قدموا.
وهم فيها خالدون وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [الزخرف 72] .