الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول:
لو نوى بفعله مطلق التيمم
اختلف الفقهاء فيما لو نوى بتيممه فرض التيمم هل يصح تيممه؟
فقيل: يصح تيممه، وهو اختيار أبي بكر بن سعيد البلخي من الحنفية، ونسب إلى أبي حنيفة
(1)
، وهو مذهب المالكية
(2)
، وأحد الوجهين في مذهب الشافعية
(3)
، والحنابلة
(4)
.
وقيل: لا يصح، وهو مذهب الحنفية
(5)
،
وأصح الوجهين في مذهب
(1)
نسب هذا مذهباً للبلخي ابن الهمام في شرح فتح القدير (1/ 130) كما ذكر أيضاً قوله: " روى في النوادر: لو مسح وجهه وذراعيه ينوي التيمم جاز به الصلاة، وعن أبي حنيفة فيمن تيمم لرد السلام يجوز، فعلى هاتين الروايتين تعتبر مجرد نية التيمم، لكنه غير الظاهر من المذهب ". اهـ وذكر نحو هذا الكلام الزيلعي في تبيين الحقائق (1/ 40).
(2)
حاشية الدسوقي (1/ 154)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 193)، الفواكه الدواني (1/ 157)، الخلاصة الفقهية (ص: 42).
(3)
المجموع (2/ 260)، حاشيتا قليوبي وعميرة (1/ 101 - 102)، تحفة المحتاج (1/ 359).
(4)
الإنصاف (1/ 291)، الفروع (1/ 225).
(5)
قال ابن عابدين في حاشيته (1/ 247): وشرطها: أن ينوي عبادة مقصودة الخ أو الطهارة، أو استباحة الصلاة، أو رفع الحدث أو الجنابة، فلا تكفي نية التيمم على المذهب، ولا تشترط نية التمييز بين الحدث والجنابة خلافاً للجصاص. اهـ
قال ابن عابدين (1/ 247): " وتقدم في الوضوء أنه تكفي نية الوضوء، فما الفرق بينه وبين نية التيمم تأمل، ولعل وجه الفرق أنه لما كان بدلاً عن الوضوء أو عن آلته على ما مر من الخلاف، ولم يكن مطهراً في نفسه إلا بطريق البدلية، لم يصح أن يجعل مقصوداً بخلاف =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الوضوء فإنه طهارة أصلية، والأقرب أن يقال: إن كل وضوء تستباح به الصلاة، بخلاف التيمم فإن منه ما لا يستباح به، فلا يكفي للصلاة التيمم المطلق، ويكفي الوضوء المطلق، هذا ما ظهر لي والله أعلم ". اهـ
ومع أن الحنفية يرون أن التيمم يرفع الحدث إلا أنهم في النية لم يجعلوا حكم التيمم حكم الماء من كل وجه، فلا يشترط عندهم نية التيمم للحدث أو للجنابة، بل يشترط لصحة نية التيمم الذي تصح به الصلاة أن ينوي أحد أمور ثلاثة:
1 -
نية الطهارة من الحدث. 2 - أو استباحة الصلاة 3 - أو نية عبادة مقصودة لا تصح بدون طهارة، ومعنى كونها عبادة مقصودة أي لا تجب في ضمن شيء آخر بطريق التبعية. فلو تيمم لدخول المسجد لم يصح أن يصلي به؛ سواء كان محدثاً حدثاً أكبر أو حدثاً أصغر؛ لأنه إن كان محدثاً حدثاً أصغر فلفوات الشرطين: فدخول المسجد ليس عبادة مقصودة لذاتها، ويصح بدون الطهارة من الحدث الأصغر، وإن كان محدثاً حدثاً أكبر، فهو وإن كان لا يحل بدون طهارة، فلفوات الشرط الثاني: وهو كونه عبادة مقصودة لذاتها.
ولو تيمم لقراءة القرآن، فإن كان جنباً جاز له أن يصلي به الصلوات، لأن القراءة عبادة مقصودة، وهو لا يحل من الجنب بدون طهارة، فصحت صلاته، وإن كان محدثاً حدثاً أصغر لم يصل به؛ لأن الطهارة من الحدث الأصغر للقراءة يصح بدون طهارة. هذا ملخص مذهب الحنفية في التيمم الذي تصح به الصلاة، أما التيمم الذي يصح، ولا يصلي به فلا يشترط فيه هذه الشروط، فلو تيمم لدخول المسجد، أو تيمم لرد السلام أو تيمم للأذان ولذكر الله صح تيممه لهذا، ولكن لا يصلي به، هذا هو الفرق بين من تيمم للجنازة، فيصلي به سائر الصلوات، وبين من تيمم للذكر، فيصح لما تيمم له، ولكن لا يصلي به، والله أعلم. انظر مذهبهم في الكتب التالية: البحر الرائق (1/ 157 - 158)، شرح فتح القدير (1/ 131)، حاشية ابن عابدين (1/ 245).
ويتضح ضعف مذهب الحنفية رحمهم الله تعالى أنه إن تيمم عنده لقراءة القرآن، فإن كان جنباً فله أن يصلي بهذا التيمم، وإن كان محدثاً حدثاً أصغر فليس له أن يصلي به، مع أن الحدث الأصغر أخف من الحدث الأكبر، والفعل واحد، فهذا مما يدل على =