الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: يجب الاستيعاب:
قال تعالى: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم}
(1)
.
(1451 - 83) وفي البخاري من حديث عمار بن ياسر:
قال النبي صلى الله عليه وسلم: إنما كان يكفيك هكذا، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه
(2)
.
فقوله: " ثم مسح بهما وجهه وكفيه " يقتضي أن يكون المسح لجميع الوجه واليدين، والحديث امتثال وبيان للآية الكريمة {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم}
(3)
، وهو يرفع ما قد يتوهم في الباء من تبعيض، وقد بينا في فرائض الوضوء من قوله تعالى {فامسحوا برؤوسكم} أن الباء لا تأتي للتبعيض، فهي كالباء في قوله تعالى:{وليطوفوا بالبيت العتيق}
(4)
، ولا يجوز بالإجماع الطواف ببعض البيت، والذين ذهبوا إلى جواز مسح بعض الرأس، مستدلين بأن الباء للتبعيض في قوله تعالى:{فامسحوا برؤوسكم} لم يقولوا هذا في آية التيمم {فامسحوا بوجوهكم} وهي واحدة في الآيتين، ومتعلقها واحد، وهو فعل الأمر (امسحوا) وهذا نوع من التناقض.
الدليل الثاني:
القياس على طهارة الماء، فكما أن غسل الوجه واليدين يجب أن يشمل جميع الوجه واليدين، فكذلك في طهارة التيمم يجب أن يشمل جميع الوجه واليدين، لأن البدل له حكم المبدل.
(1)
المائدة: 6.
(2)
البخاري (338)، ومسلم (368).
(3)
المائدة: 6.
(4)
الحج: 29.
ويجاب:
بأن البدل إنما يقوم مقام المبدل في حكمه لا في وصفه، ولهذا المسح على الخفين بدل عن غسل الرجلين، ولا يجب فيه الاستيعاب مع وجوبه في الرجلين
(1)
.
ثم إن هذا الدليل أنتم لا تأخذون به من كل وجه، فهل ترون أنه يجب أن يصل الماء إلى باطن الفم والأنف ليقوم مقام المضمضة والاستنشاق، أو إلى باطن الشعر الخفيف كشعر الحاجبين واللحية الخفيفة
(2)
، فإذا استثنيتم ذلك، بطل القياس على طهارة الماء.
الدليل الثالث:
حكى الإمام أحمد أن التعميم في مسح الوجه إجماع.
قال ابن رجب: " قال الجوزجاني: ثنا إسماعيل بن سعيد الشالنجي، قال: سألت أحمد بن حنبل عمن ترك مسح بعض وجهه في التيمم، قال: يعيد الصلاة. فقلت له: فما بال الرأس يجزئ في المسح، ولم يجز أن يترك ذلك من الوجه في التيمم؟ فقال: لم يبلغنا أن أحداً ترك ذلك من تيممه "
(3)
.
فإن كان فُهِم من كلام الإمام أحمد أنه إجماع كما فهمه ابن رجب رحمه الله، فهو إجماع على حكاية فعل، وليس إجماعاً قولياً على وجوب التعميم، فهناك فرق بين النقل بأن أحداً لم يترك كذا، وبين القول بوجوب
(1)
الفتاوى الكبرى (1/ 278).
(2)
اختلف الفقهاء في وجوب إيصال التراب إلى باطن الشعر الخفيف، كشعر الحاجبين والعنفقة وشعر اللحية الخفيف إلى قولين سوف نتعرض لذكرهما إن شاء الله تعالى في مسألة مستقلة.
(3)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 246).