الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدليل الرابع:
(1379 - 12) ما رواه أحمد في مسنده، قال: ثنا حسن بن موسى، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، عن عمران بن أبي أنس، عن عبد الرحمن بن جبير،
عن عمرو بن العاص أنه قال: لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السلاسل، قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، قال: فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: يا عمرو صليت بأصحابك، وأنت جنب؟ قال: قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله عز وجل {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً}
(1)
، فتيممت، ثم صليت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يقل شيئاً
(2)
.
[أعله أحمد بالانقطاع، وهذا الإسناد له علتان]
(3)
.
(1)
النساء: 29.
(2)
المسند (4/ 203).
(3)
الأولى: ضعف ابن لهيعة، لكن تابعه على ذلك يحيى بن أيوب المصري، فقد أخرجه أبو داود (334) والدارقطني (1/ 178) والحاكم (1/ 177،178) من طريق يحيى بن أيوب، عن يزيد بن أبي حبيب به.
العلة الثانية: الانقطاع. قال أحمد بن حنبل رحمه الله كما في شرح ابن رجب للبخاري (2/ 279): " ليس إسناده بمتصل ".
فالانقطاع بين عبد الرحمن بن جبير وعمرو بن العاص، وقد قال ابن حاتم في الجرح والتعديل (5/ 221) أدرك عمرو بن العاص، وسمع من عبد الله بن عمرو. اهـ =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فهنا ابن أبي حاتم نص على إدراكه لعمرو، وخص السماع بعبد الله بن عمرو، خاصة أن الحديث قد روي بذكر واسطة بين عبد الرحمن بن جبير المصري، وبين عمرو بن العاص تارة بزيادة أبي قيس مولى عمرو بن العاص، وتارة بزيادة أبي فراس يزيد بن رباح، وتارة بإسقاط الواسطة، وتارة بالوصل وتارة بالإرسال، فحديث هذا شأنه لا شك في ضعفه، وسيأتي بيان ذلك بالتخريج.
وذكره البخاري تعليقاً بصيغة التمريض في باب إذا خاف الجنب على نفسه المرض أو الموت أو خاف العطش تيمم، قال البخاري: ويذكر أن عمرو بن العاص أجنب في ليلة باردة فتيمم، وتلا {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما} فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فلم يعنف.
قال الحافظ في الفتح (1/ 454): " وإسناده قوي، لكن علقه بصيغة التمريض؛ لكونه اختصره. الخ كلامه.
واختلف على ابن لهيعة، فرواه حسن بن موسى عنه كما سبق.
ورواه زيد بن الحباب كما في فتوح مصر لابن عبد الحكم (ص: 249) عن ابن لهيعة، فزاد في إسناده بين عبد الرحمن بن جبير، وبين عمرو بن العاص أبا فراس يزيد بن رباح.
وأخرجه عبد الرزاق في المصنف (878) عن ابن جريج، أخبرني إبراهيم بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة سهل بن حنيف، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، عن عمرو بن العاص أنه أصابته جنابة، وهو أمير الجيش، فترك الغسل من أجل آية، قال: إن اغتسلت مت، فصلى بمن معه جنباً، فلما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم عرفه بما فعل، وأنبأه بعذره، فسكت.
وأورده الهيثمي في المجمع (1/ 263)، وقال: رواه الطبراني في الكبير، وقال: وفيه
أبو بكر بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، ولم أجد من ذكره.
وقال ابن حجر تغليق التعليق (2/ 191): هذا إسناد جيد، لكني لم أعرف حال إبراهيم هذا.
كما روي مرسلاً أيضاً وبزيادة أبي قيس في إسناده، فقد أخرجه أبو داود بإثر حديث رقم (335) وابن حبان (1315) من طريق عمرو بن الحارث، عن يزيد بن حبيب، عن عمران، عن عبد الرحمن ابن جبير، عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص، أن عمرو بن العاص كان على سرية، فذكر الحديث، وذكر أنه غسل مغابنه، وتوضأ، وصلى، ولم يذكر أنه تيمم. =
وجه الاستدلال:
قوله: " صليت بأصحابك وأنت جنب " فدل على أن التيمم لم يرفع الجنابة، ولو كان التيمم يرفع الجنابة لم يكن عمرو بن العاص رضي الله عنه صلى، وهو جنب، بل صلى وقد ارتفع حدثه.
ويجاب:
بأن الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال له ذلك قاله مستفهماً؛ لأنه معلوم أن من تيمم مع وجود الماء، وبلا عذر، فإن حدثه لا يرتفع إجماعاً، وأن التيمم إنما يرفع الحدث بشرطه، وهو عدم الماء، أو الخوف من استعماله لمرض ونحوه، وحين أخبره عمرو بن العاص رضي الله عنه بعذره، أقره عليه، وعلم الرسول صلى الله عليه وسلم أنه لم يصل، وهو جنب، فكيف لا يكون إقرار النبي صلى الله عليه وسلم بعد اطلاعه على عذره دليلاً على أن حدثه قد ارتفع.
يقول ابن تيمية رحمه الله: " قوله: " أصليت بأصحابك وأنت جنب " استفهام، أي: هل فعلت ذلك؟ فأخبره عمرو رضي الله عنه أنه لم يفعله، بل تيمم لخوفه أن يقتله البرد، فسكت عنه، وضحك، ولم يقل شيئاً.
= وفي هذه الرواية زيادة أبي قيس في إسناده، قال ابن رجب في شرح البخاري
(2/ 279): وظاهرها الإرسال".
وقال ابن رجب في شرح البخاري (2/ 279): " روى أبو إسحاق الفزاري في كتاب السير للأوزاعي، عن حسان بن عطية، قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثاً، وأمَّر عليهم عمرو بن العاص، فلما أقبلوا سألهم عنه، فأثنوا عليه خيراً إلا أنه صلى بنا جنباً .. وذكر نحو الحديث. قال ابن رجب: وهذا مرسل، وقد ذكره أبو داود في سننه تعليقاً مختصراً، وذكر فيه أنه تيمم ".
انظر لمراجعة طرق الحديث: إتحاف المهرة (15956)، أطراف المسند (5/ 138)، تحفة الأشراف (10750).