الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دليل من قال: التيمم خاص بالتراب ذي الغبار:
أما الدليل على اشتراط التراب، فاستدلوا بما يلي.
الدليل الأول:
استدلوا بقوله تعالى: {فتيمموا صعيداً طيباً}
(1)
، قالوا: الصعيد: هو التراب.
وسبق الجواب عن ذلك، بأن الصعيد كما يطلق على التراب يطلق على وجه الأرض، فهو لفظ مشترك، فمن قصر الصعيد على التراب فقد قصر اللفظ المشترك على أحد معنييه بدون قرينة تقضي تخصيص إحدى المعنيين.
الدليل الثاني:
(1436 - 68) استدلوا بما رواه مسلم في صحيحه من طريق أبي مالك الأشجعي، عن ربعي بن حراش،
عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضلنا على الناس بثلاث: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلها مسجداً، وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء، وذكر خصلة أخرى.
وجه الاستدلال:
أن الحديث جعل الأرض كلها مسجداً، وخص الطهورية بالتربة، وأخرج ذلك في مقام الامتنان وبيان الاختصاص فلولا أن الطهورية لا تعم جميع أجزاء الأرض لكان ذكر التربة لا معنى له، بل كان زيادة في اللفظ، ونقصاً في المعنى، وهذا لا يليق بمن أوتي جوامع الكلم
(2)
.
(1)
المائدة: 6.
(2)
شرح ابن رجب للبخاري (2/ 211).
وهذا أقوى دليل لمن اشترط التراب، وأجيب عنه بأجوبة منها:
الأول: أن حديث جابر: " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " منطوقه يدل على أن جميع الأرض طهور.
وحديث حذيفة منطوقه يدل على أن التراب طهور، فمنطوقه موافق لمنطوق حديث جابر.
ومفهوم حديث حذيفة: أن غير التراب ليس مطهراً، وإذا تعارض في غير التراب دلالة المفهوم الذي يقتضي عدم طهوريته، ودلالة المنطوق الذي يقتضي طهوريته، فالمنطوق مقدم على المفهوم، لأن دلالة المفهوم دلالة ضعيفة، بخلاف المنطوق، ولا يمكن أن نخصص أو نقيد بالمفهوم
(1)
.
الجواب الثاني:
إذا ذكر عموم أو مطلق بحكم، ثم ذكر فرد من أفراده بحكم يوافق حكم العام أو المطلق، فإن هذا الفرد لا يعتبر مخصصاً ولا مقيداً للعموم.
مثال ذلك: إذا قلنا: أكرم طلبة العلم، فهذا لفظ يفيد عموم الطلبة، ثم قلنا: أكرم زيداً، وكان زيد من طلبة العلم، فإنه لا يفهم منه تخصيص الإكرام لزيد وحده.
فحديث جابر: " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " مطلق يشمل جميع الأرض.
وحديث " وجعلت تربتها لنا طهوراً " التراب فرد من أفراد الأرض، ذكر بحكم يوافق حكم الأرض بكونها طهوراً، فلم يقتض ذلك تقييداً ولا تخصيصاً.
(1)
التخصيص بالمفهوم محل خلاف بين الأصوليين، وتحريرها في كتب الأصول.