الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فاستبقوا الخيرات}
(1)
، وآخر الوقت غيب علمه عند الله، والإنسان إنما هو مكلف في ساعته القائمة، ولذا يباح للمسافر القصر والجمع وإن كان قد شارف الوصول إلى بلده، ويمكنه أن يدرك الوقت حال الإقامة ليصلي تماماً وبدون جمع، ومع ذلك إذا صلى فإنه يصلى بحسب حاله وقت الأداء، فكذلك المتيمم يستحب له أن يبرئ ذمته في أداء الصلاة أول الوقت، إلا ما استحب له التأخير فيه كالعشاء والإبراد بالظهر زمن الحر، والله أعلم.
تعليل المالكية على تقسيم عادم الماء إلى ثلاثة:
قال في المعونة: " العادمون ثلاثة: منهم من يدخل عليه الوقت، وهو راج له، يغلب على ظنه وصوله إليه في الوقت، فيستحب له تأخير التيمم؛ ليجمع بين الوقت والطهارة الكاملة؛ لأن مراعاة كمال الطهارة أولى من مراعاة فضيلة أول الوقت.
ومنهم من يغلب على ظنه أنه لا يجده حتى يخرج الوقت، فيستحب له أن يقدم التيمم؛ لأن في تأخيره فوات الأمرين - يعني: فضيلة الوقت، وفضيلة كمال الطهارة - ومنهم من هو بين الخوف والرجاء، لا يغلب على ظنه أحد الأمرين، فيتيمم وسط الوقت؛ لأنه لم تبلغ فيه قوة الرجاء أن يؤخره، ولا ضعفه أن يقدمه، فاستحب له الوسط "
(2)
.
الراجح:
بعد استعراض أدلة كل قول أجد أن القول بالصلاة في أول الوقت أقوى
(1)
البقرة: 148.
(2)
المعونة (1/ 147).
من حيث التعليل، وذلك أن الإنسان إذا صلى بالتيمم فقد امتثل الأمر الشرعي، لا فرق بينه وبين المصلي بالماء؛ لأن كلاً من المتطهر بالماء والمتطهر بالتراب قد فعل ما أمر به شرعاً، والتيمم على ما ترجح مطهر، وليس مجرد رافع للمنع، فكيف يقال: إن مراعاة شرط الطهارة أولى من فضيلة الوقت، وكأن المتيمم لم يراع شرط الطهارة، فإذا كانت الطهارة في حق فاقد الماء، هو التيمم، فقد قام بحق الطهارة على أكمل وجه.
قال الإمام مالك رحمه الله: " من قام إلى الصلاة، فلم يجد ماء، فعمل بما أمره الله به من التيمم، فقد أطاع الله، وليس الذي وجد الماء بأطهر منه، ولا أتم صلاة؛ لأنهما أُمِرا جميعاً، فكل عمل بما أمره الله به، وإنما العمل بما أمر الله به من الوضوء لمن وجد الماء، والتيمم لمن لم يجد الماء قبل أن يدخل في الصلاة"
(1)
.
وإذا كان التيمم هو طهارة فاقد الماء، فتكون المبادرة بفعل الصلوات في أول الوقت قد أدرك فضيلتين: فضيلة الطهارة، وهي في حقه التيمم، وفضيلة أول الوقت، بينما من أخر الصلاة إلى آخر الوقت قد أردك فضيلة واحدة، وهو فضيلة الطهارة بالماء، وإدراك فضيلتين أولى، ويكفي أنه فعل ابن عمر رضي الله عنه على ما عرف عنه من الحرص على السنة، والله أعلم.
(1)
الموطأ (1/ 55).